«عالم بلا أسوار» هو سلسلة مقالات عبارة عن نقد بسيط وصريح لكل ما يدور حولنا من المعاملات، نحاول فيها توضيح المشاعر الزائفة، والعلاقات الوهمية، والتي يخشى الكثير التحدث فيها جهارا، والتي تشمل كل النواحي الحياتية، الاجتماعية والثقافية وحتى الدينية، وغيرها، والتي قد تكون نفوسنا من أوهمتنا بأنها حقيقية، وصورت لنا أننا على الطريق الصحيح، إذا أردت أن تعرف في أي طريق أنت فلتدخل معنا عالمنا الذى بلا أسوار.
الإلحاد هو ميل المرء عن الدين، وإنكار وجود الإله، إما لعلم ظن أنه وصل منتهاه، وإما لجهل وصل بالفعل أدناه، وهو لا ينكر معتقداته، ولا يخفى اتجاهاته، بل وقد يدعو العباد إلى الميل والإلحاد، وهذا إلحاد جلى.
وهناك إلحاد آخر خفى، تدق خفاياه عن الفهوم، وتنأى عنه العقول، يبدأ بالشك فى المنقول، والبحث عن المعقول واللامعقول، ثم يندرج إلى ترك الشكر عند النعم، والحمد عند النقم، ويقع فيه الكثير من أهل المنطق، فيعبدون الله تارة، ويشككون فى وجوده تارة. كمن رأى ظالما يعلو بظلمه، ومظلوما يعيش فى قهره، ولا يستطيع هذا المظلوم تغيير حاله؛ مع أنه دائم الدعوة لربه. أو من رأى كافرا أكثر الله عليه نعمه، ومؤمنا يكاد لا يجد قوت يومه، فأول سؤال يتبادر إلى الذهن، "أين ربه"؟ ولماذا يشتد بلاؤه على أحبابه، ثم يعود ويقول: قد يعذب فى الدنيا ولكن الآخرة له"، ولكن ماذا عن عموم الرحمة فى الآخرة؟ فقد يكون الكل مرحوما، ظالما ومظلوما، (رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ) (الأعراف 156)، إذا فقد فاز الظالم بالدنيا والآخرة.
والكثير والكثير من هذه الأسئلة، تتبادر على الذهن متواترة، ولا تستطيع الفكاك منها، حتى يكاد يتزحزح إيمانك. فإذا مرت بك هذه الأسئلة، وتواردت عليك مع كل حادثة أو معضلة، فأنت نصف ملحد. فاخْلُ بنفسك واسألها: (هل أنت مؤمن؟!) وقبل أن تجيبك سأجيبك أنا بنعم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سئل أحدكم: أمؤمن أنت؟ فلا يشك في إيمانه) (ابن أبى شيبة فى مصنفه)، فدل على وجود الشك، وعلاجه التأكيد على الإيمان وإن لم تكن متيقنا، فهل أنت مؤمن؟