تولي الدولة المصرية اهتماما كبيرا بحل الأزمة الليبية وفقا لثوابت أساسية يرتكز عليها الموقف المصري وهو حل الأزمة داخليا وبدون أي تدخلات خارجية في الشأن الداخلي الليبي مع إتمام الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة في ديسمبر المقبل، وأكد سياسيون أن ليبيا هي قضية أمن قومي بالنسبة لمصر وأن الجهود المصرية واللقاءات المستمرة مع الأطراف الليبية تستهدف التهدئة والاستقرار هناك.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد استقبل اليوم، عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وعباس كامل رئيس المخابرات العامة، حيث أكد خلال اللقاء الأولوية القصوى التي توليها مصر لعودة الاستقرار إلى الشقيقة ليبيا وتمكينها من استعادة دورها إقليمياً ودولياً.
وشدد الرئيس على موقف مصر الثابت تجاه احترام السيادة الليبية والحفاظ على وحدة أراضيها، ورفض كافة أشكال التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي الليبي، فضلاً عن تعزيز تماسك المؤسسات الوطنية الليبية وتوحيد الجيش الوطني الليبي لحماية مقدرات الشعب الليبي الشقيق وتفعيل إرادته الحرة.
ليبيا أمن قومي لمصر
قالت الدكتورة هبة البشبيشي، خبيرة الشئون الأفريقية، إن زيارة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة لمصر ولقائه اليوم بالرئيس عبد الفتاح السيسي تناول عدة ملفات هامة من بينها إجراء الانتخابات الليبية وإصدار قانون الانتخابات، وتتزامن مع زيارة المشير خليفة حفتر والمستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي للقاهرة أول أمس.
وأكدت في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد في عدة مناسبات أهمية الأمن والاستقرار الليبي بالنسبة لمصر ودعوته لجميع الأطراف للتفاهم وتعمل على تحقيق الاستقرار في ليبيا وإتمام الاستحقاقات الانتخابية، لأن ليبيا هي أمن قومي لمصر، فهي دولة جوار وشعبي البلدين مترابطين وأي تهديد في أي منهما يؤثر على الأخرى.
وأوضحت أن مصر قد تستضيف مائدة مفاوضات ثلاثية بين الأطراف الثلاثة المتنازعة في ليبيا التي تشمل البرلمان والحكومة والمؤسسة العسكرية، مؤكدة أن الوصول إلى مرحلة لم الشمل في ليبيا يتطلب المزيد من الوقت فالوضع في ليبيا حرب وليس مجرد اختلاف في وجهات النظر وتحقيق الاستقرار يتطلب الكثير من الخطوات والجهود.
وأضافت أن المطلوب لإنهاء الأزمة الليبية أن تتوقف القوى الخارجية عن التدخل في الشئون الليبية وأن تتوقف الدولة الممولة لجماعات الإرهاب والعنف عن تمويلها لأن ذلك يهدد بأمن واستقرار ليبيا، موضحة أنه لا استقرار في ليبيا ما لم تتوقف الدول الخارجية عن التمويلات والدعم الذي تقدمه لجماعات الإرهاب والتطرف.
التهدئة وتحقيق الاستقرار
ومن جانبه، قال كامل عبد الله، الباحث في الشأن الليبي، إن الدور المصري في الأزمة الليبية هو دور مهم وحيوي حيث تعمل مصر على تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، وهذا اتضح جليا خلال استقبال القاهرة للأطراف الليبية، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي أول أمس بالمستشار عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر، كما التقى اليوم برئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه يمكن أن تستضيف القاهرة اجتماعا ثلاثيا للأطراف الليبية خاصة أنه سبق الحديث عن احتمال ترتيب لقاء بين حفتر والدبيبة برعاية مصرية، مضيفا أن مصر تريد الدفع نحو التهدئة والتأكيد على ضمان التزام الأطراف الليبية بتنفيذ خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي في تونس في نوفمبر 2020.
وأكد أن المباحثات بين الرئيس السيسي والدبيبة تناولت المستجدات على الساحة الليبية وخاصة ملف الانتخابات، مضيفا أن ليبيا بالنسبة لمصر هي قضية أمن قومي بالدرجة الأولى وما يهم القاهرة هو تحقيق الاستقرار في ليبيا، وهو أمر يعود بالإيجاب على الجانب الليبي والمصري أيضا فالاستقرار سيعيد الحياة لطبيعتها.
وأضاف أن ذلك مطلوب لإعادة تنشيط الاقتصاد الليبي وتحفيزه مما ينعكس إيجابا على مصر وتنشيط حركة التجارة البينية بين البلدين وتحقيق معدلات نمو مرتفعة، وخاصة أن ليبيا كانت في السابق من أكبر الشركاء التجاريين والاقتصاديين لمصر خلال العقود السابقة قبل 2011، وتحقيق الاستقرار من شأنه أن يعيد العلاقات لطبيعتها مرة أخرى.
وشدد على أن العلاقات بين مصر وليبيا علاقات حيوية بين البلدين وهناك ترابط كثيف على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي والتجاري ومن الضروري أن يتم الوصول إلى التهدئة في ليبيا للشروع في عمليات إعادة الإعمار وتنشيط الاقتصاد الليبي بما يعود بالنفع بالدرجة الأولى على ليبيا ودول الجوار فيما بعد.