الخميس 25 ابريل 2024

أين المؤلفات الموسيقية المصرية فى حفلات أوركسترا القاهرة السيمفونى؟

مقالات17-9-2021 | 17:42

فى عام 1951 تكون أوركسترا الإذاعة المصرية ليقدم المؤلفات الموسيقية العالمية والمؤلفات الموسيقية المصرية، وفى عام 1953 تم تعيين كل من مؤلف الموسيقى وقائد الأوكسترا محمد حسن الشجاعى والعالم الموسيقى الكبير أحمد المصرى ليكونا مسئولين عن الموسيقا والغناء فى الإذاعة المصرية، فتولى الشجاعى المسئولية عن كل ما يقدم من غناء، بينما تولى أحمد المصرى المسئولية عن كل مايقدم من مؤلفات موسيقية. وهكذا بدأت نهضة موسيقية غير مسبوقة فى مصر، وتم تشجيع كل المواهب الموسيقية المصرية، وفى مجال المؤلفات الموسيقية البحتة تم تشجيع شباب المؤلفين الموسيقيين المصريين الموهوبين، الذين درسوا علوم الموسيقا العربية وعملوا فى الحياة الموسيقية المصرية كعازفين أو قادة فرق موسيقية، ثم اتجهوا لدراسة علوم التأليف الموسيقى الغربى على الأساتذة الأوروبيين الذين كانوا يعيشون فى القاهرة فى ذلك الوقت. وهنا لقوا كل التشجيع من الإذاعة المصرية، وكان القائد الدائم للأوركسترا هو أحمد عبيد، فكان الأستاذ أحمد المصرى يحول له المؤلفات الموسيقية المصرية، ذات القيمة الفنية ليجرى عليها التدريبات ثم تسجل وتذاع للجمهور، ويصرف المؤلف الموسيقى أجره عن عمله.

 

هكذا ازدهرت حركت التأليف الموسيقى فى مصر، فى ذلك المناخ وظهر مؤلفون موسيقيون مصريون أمثال(عبدالحليم نويرة – إبراهيم حجاج- عزيزالشوان – فؤاد الظاهرى – كامل الرمالى – على إسماعيل – عطية شرارة- رفعت جرانة.. وغيرهم ). وفى ذلك الوقت تم تسجيل مؤلفاتهم وإذاعتها مما شجعهم على مزيد من العمل والإبداع.

 

قدم اوركسترا الإذاعة المصرية حفلات للجماهير وكانت فى البداية نصف شهرية، وقدمت أولى الحفلات فى (12 /11 /1954 ) ثم صارت حفلاته أسبوعية.

وفى عام 1959 تم نقل أوركسترا الإذاعة المصرية إلى دار أوبرا القاهرة (القديمة) وتم زيادة عدد العازفين من (60 )إلى (90 )عازفا، وأطلق عليه (أوركسترا القاهرة السيمفونى )، وبدأيقدم حفلاته الأسبوعية مساء كل يوم سبت، وقدم فى حفلاته مؤلفات موسيقية بحتة، كما كان يصاحب عروض الأوبرا والباليه التى كانت تقدم على مسرح دار أوبرا القاهرة (القديمة).

وفى عام 1963 بدأ تقديم مهرجان 23 يوليو الموسيقى، الذى خصص لتقديم المؤلفات الموسيقية الاوركسترالية المصرية والعربية، وكانت تلك فرصة رائعة للإستماع إلى أعمال مؤلفى الموسيقا المصريين الأوركسترالية المتنوعة.

وكانت حفلات ذلك المهرجان تقدم على ثلاث مسارح هى: مسرح دار أوبرا القاهرة (القديمة) ومسرح دار سنيما أوبرا، ومسرح الجمهورية، وقد حضرت بنفسى حفلات ذلك المهرجان فى دوراته الأربع حتى توقف عام 1967.

 

وقامت أ. د. إيناس عبدالدايم – وزيرة الثقافة الحالية- عندما كانت مسئولة عن الموسيقا فى دار الأوبرا المصرية بإحياء ذلك التقليد المفيد للحياة الموسيقية المصرية والعربية وقدمت (مهرجان إتجاهات عربية) الذى كان أيضا يقدم المؤلفات الأوركسترالية المصرية والعربية. واستمر ذلك المهرجان لعدة دورات ثم توقف أيضا لعدم وجود ميزانية مخصصة له.

والجدير بالذكر أن المتابع لحفلات أوركسترا القاهرة السيمفونى الأسبوعية يلاحظ فى أغلب الأحيان غياب تقديم المؤلفات الموسيقية الأوركسترالية المصرية، والسؤال البديهى هو أين سيجد المؤلف الموسيقى المصرى فرصة لتقديم أعماله إن لم يجدها فى بلده ومن خلال الأوركسترا الرسمى للدولة الذى يجب أن يرعى أبناءها النابهين.

خاصة أن لدينا أجيالا من المؤلفين الموسيقيين المصريين نذكر منهم أولا جيل الرواد ويضم كلا من(يوسف جريس – حسن رشيد – أبوبكر خيرت ).

حتى إن بعض مؤلفات أبوبكر خيرت قد عرضت فى الإتحاد السوفييتى (السابق)ولقيت ترحيبا ونجاحا كبيرا، حتى أن جريدة البرافدا الروسية قد أشادة بمؤلفات أبوبكر خيرت، ولما علم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بذلك النجاح، قرر تقديم حفل خاص تقدم فيه مؤلفات أبو بكر خيرت فى دار أوبرا القاهرة (القديمة) وحضر بنفسه ذلك الحفل، فكان أكبر تكريم لأبوبكر خيرت كمؤلف موسيقى.

ويضم الجيل الثانى مؤلفين أمثال(محمد حسن الشجاعى – إبراهيم حجاج – عزيز الشوان – عبدالحليم نويرة –فؤاد الظاهرى – كامل الرمالى – على إسماعيل – عطية شرارة-  د. سيد عوض – ميشيل المصرى – سيد سلامة – د. طارق على حسن)، والجيل الثالث من مؤلفى الموسيقا المصريين يضم مؤلفين أمثال(جمال سلامة – عمرخيرت – راجح داوود ).

وتبع هذا الجيل عدة أجيال من مؤلفى الموسيقا المصريين  نذكر منهم (احمد الحناوى – شريف محى الدين – عمرو عقبة – محمد سعد باشا – هشام نزيه ).

وبالرغم من ان لدينا هذا العدد الهائل من مؤلفى الموسيقا المصريين يتجاهل مؤلفاتهم المسئول عن وضع البرنامج السنوى لحفلات أوركسترا القاهرة السيمفونى وهو الأوركسترا الرسمى للدولة، وذلك لعدم وجود مكتب فنى من المتخصصين من داخل دارالأوبرا المصرية ومن خارجها لكى يحدد ذلك المكتب الفنى البرامج كما كان الوضع فى العصر الذهبى لأوركسترا القاهرة السيفونى.

والجدير بالذكر أننى قد قمت عام 1991 بتكليف من أ. د. طارق على حسن رئيس دار الأوبرا المصرية فى ذلك الوقت بإنشاء مكتبة للمدونات الموسيقية للمؤلفين المصريين، وأمضيت أكثر من عامين فى تجميعها، وهى تمثل كنزا وطنيا من المدونات الموسيقية لأعمال مؤلفى الموسيقا المصريين، لتكون بين يدى قادة الأوركسترا المصريين أو الأجانب لتقديمها فى حفلات أوركسترا القاهرة السيفونى،

ومع ذلك نادرا ما تقدم مؤلفات موسيقية مصرية فى حفلات أوركسترا القاهرة السيمفونى. وبالطبع فإن تقديم مؤلفات الموسيقا العالمية هامة جدا ولابد من تقديمها ولكن ألايمكن

أن يكون ربع مايقدم من المؤلفات الموسيقية مصرية؟وبهذه المناسبة فقد قدم فى (3 أكتوبر2. 2. )حفلا لأوركسترا القاهرة السيمفونى فى المسرح الكبير، ولم يقدم فى ذلك الحفل أى عمل موسيقى عن مناسبة الإحتفالات بإنتصارات السادس من أكتوبر 1973 المجيدة –التى كانت ستتم بعد ثلاثة أيام - التى غيرت وجه التاريخ فى المنطقة العربية، والتى قامت فيها قواتنا المسلحة الباسلة باستعادت الأرض والكرامة.

فى عام 1974 قام مؤلف الموسيقا المصرى الراحل رفعت جرانة بتأليف قصيد سيمفونى (6 أكتوبر)، وقد قال المؤلف أنه كتب هذا القصيد السيمفونى بعد أن إستمع إلى أبطال هذه الحرب وقصص البطولات والأمجاد الحربية التى حققها

جنودنا الأبطال خلال المعارك التى خاضوها.

 

وقدم مؤلف الموسيقا المصرى المعاصرعمر خيرت (بانوراما العبور) واستخدم فيها لحن نداء (الله أكبر) كمحور أساسى لهذا العمل، باعتبار أن هذا النداء كان مفتاح النصر فى حرب (رمضان /أكتوبر 1973 )المجيدة.

وتبدا الموسيقا باللحن تؤديه آلات النفخ النحاسية التى ترتبط بالقوات العسكرية، ثم يردد كورس من الرجال نداء (الله أكبر) تصاحبه إيقاعات تفيض بالحيوية، وتصور حركة الجنود العامرة قلوبهم بالإيمان، تمهيدا لإقتحام قناة السويس

وتحقيق العبور الكبير، الذى أعقبه النصر المبين من الله العلى القدير. وتسمع همهمة من الكورس تصور الأصوات التى يطلقها رجال الصاعقة لإشاعة الرعب فى قلوب أعدائهم. وقد إستطاع عمر خيرت أن يحافظ على الطابع العربى لأداء الكورس ووضعه فى إطار أوركسترالى موفق، وفى نفس الوقت نستمع إلى لحن (الله أكبر) تؤديه آلات الأوركسترا المختلفة، وخاصة آلات النفخ النحاسية، التى تصور الإنجازات العسكرية التى حققتها بفضل الله، قواتنا المسلحة الباسلة فى حرب (رمضان / أكتوبر 1973 ).

والسؤال الذى يجب طرحه الآن: هل سيتجاهل المسئول عن أوركسترا القاهرة السيمفونى تقديم القصيد السيمفونى (6 أكتوبر) لرفعت جرانة، وبانوراما العبور لعمر خيرت؟ أم سيفعل كما فعل العام الماضى؟..

نحن فى الانتظار.

أستاذ النقد الموسيقى بالمعهد العالى للنقد الفنى بأكاديمية الفنون

Dr.Randa
Dr.Radwa