يعد مبدأ «الحقوق التاريخية» من المبادئ المستقرة فى القانون الدولي، إذ أكدت عليه على سبيل المثال اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 فى مادتها السادسة، وقواعد برلين 2004 فى مادتها الثالثة عشرة، كما جرى القضاء الدولي والقضاء فى الدول الاتحادية على الأخذ به، سواء فيما يتعلق باكتساب الإقليم والسيادة عليه (فى البر والبحر)، أو فيما يتعلق بحقوق الاستخدام والاستغلال، ما دامت قد توافرت فيه شروط الظهور وطول المدة وعدم اعتراض ذوي المصلحة.
الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها مصر مع دول حوض النيل
أبرمت مصر منذ القرن التاسع عشر عددا من الاتفاقيات الدولية مع دول حوض النيل منها:
بروتوكول 15 أبريل عام 1891 المبرم بين بريطانيا وإيطاليا
تضمن هذا البروتوكول نصا يفيد تعهد الحكومة الإيطالية بعدم إعاقة أي أشغال علي نهر عطبره لأغراض الري, يمكن أن تسبب تعديلا محسوسا علي تدفق مياهه إلي نهر النيل.
المعاهدة المبرمة بين بريطانيا وإثيوبيا لعام 1902
تعهد إمبراطور إثيوبيا ميليك الثاني طبقا لهذه المعاهدة بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي أشغال على النيل الأزرق وبحيرة تانا ونهر السوباط يمكن أن توقف تدفق مياهها إلي نهر النيل.
اتفاق9 مايو عام 1906 بين بريطانيا والكونجو المستقلة
ينص هذا الاتفاق علي تعهد الكونجو بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي أشغال علي نهر سيميليكي أو اسانجو أو بجوا يمكن أن يخفض كمية المياه المتدفقة في بحيرة ألبرت.
إتفاقية مياه النيل 1929
نصت اتفاقية عام1929 بين مصر وبريطانيا -التي كانت تنوب عن السودان وأوغندا وتنزانيا- على أن لا تقام بغير إتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أي أعمال ري أو كهرومائية أو أي إجراءات آخرى على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها، سواء في السودان أو في البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية والتي من شأنها إنقاص مقدار المياه التي تصل مصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضررا بالمصالح المصرية، كما تنص على حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل.
تنظم تلك الاتفاقية العلاقة المائية بين مصر ودول الهضبة الاستوائية، كما تضمنت بنودًا تخص العلاقة المائية بين مصر والسودان وردت على النحو التالى في الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصري والمندوب السامى البريطانى:
- إن الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التي يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية في تلك المياه.
- توافق الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النيل عام 1925 وتعتبره جزءًا لا ينفصل من هذا الاتفاق.
- ألا تقام بغير إتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يلحق ضررًا بمصالح مصر.
- تقدم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل في السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالإتفاق مع السلطات المحلية.
اتفاقية عام 1934 الموقعة بين بريطانيا وبلجيكا
ينص هذا الإتفاق على تعهد كل من بريطانيا وبلجيكا, إذا ما قامت بتحويل أي كميات من مياه جزء من النهر يقع كله في حدود تنجانيقا أو رواندا- بوروندي, بأن تعيد هذه الكمية دون أي نقصان محسوس إلى مجرى النهر عند نقطة معينة قبل أن يدخل النهر حدود الدولة الآخرى أو قبل أن يشكل الحدود المشتركة بين إقليمي الدولتين.
المذكرات المتبادلة بين بريطانيا ومصر
وكانت بخصوص إنشاء محطة توليد الكهرباء من مساقط أوين بأوغندا في الفترة من1949:1953: تنص هذه المذكرات على احترام أوغندا للاقتسام السابق أو الاستخدامات السابقة وأن تشغيل المحطة لن يخفض كمية المياه التي تصل إلي مصر أو يعدل تاريخ وصولها أو يخفض منسوبها علي نحو يضر بمصالح مصر. كما نصت هذه المذكرات علي عدم المساس بمصالح مصر المقررة طبقا لاتفاق1929 وعدم تأثير أية أعمال تقوم بها محطة كهرباء أوغندا علي تدفق المياه المارة عبر الخزان وفقا للترتيبات المتفق عليها بين الدولتين.
اتفاقية مياه النيل 1959
وقعت هذه الاتفاقية بالقاهرة في نوفمبر 1959 بين مصر والسودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، إذ تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة في إنشاء السد العالي ومشروعات أعالي النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان.
وقد حددت لأول مرة اتفاقية نوفمبر 1959 بين مصر والسودان كمية المياه بـ55.5 مليار متر مكعب سنويا لمصر و18.5 مليارا للسودان.
الخطابات المتبادلة بين مصر وأوغندا عام 1991
والتي أشارت إلي المذكرات المتبادلة بين بريطانيا ومصر بخصوص إنشاء محطة توليد الكهرباء من مساقط أوين بأوغندا 1949:1953 ( علي سبيل الخصوص خطاب عام1953) بما يفيد اعتراف أوغندا بالتزاماتها الواردة بهذه الخطابات, وبالتالي لا يجوز لها التشكيك في مدي إلزامية هذه الخطابات باعتبار أنها وقعت خلال عهد الاستعمار, حيث أن أوغندا عام1991( باعتبارها دولة مستقلة وذات سيادة)، وقد أكدت واعترفت صراحة بسريان التزاماتها الواردة بالخطابات المتبادلة بين1949: 1953
الإطار العام للتعاون بين مصر وإثيوبيا لعام 1993
يؤكد هذا الاتفاق التعاوني على امتناع الطرفين عن القيام بأي نشاط يتعلق بمياه النيل يمكن أن يضر على نحو محسوس بمصالح الطرف الآخر, بما يعني أن هذا الاتفاق يؤكد بوضوح وبما لا يدع مجالا للشك حماية الاستخدامات السابقة لكل مصر وإثيوبيا. كما أكد هذا الاتفاق ضرورة حماية مياه النيل والحفاظ عليها والتعاون والتشاور بخصوص المشروعات المشتركة وبما يساعد علي تعزيز مستوي تدفق المياه وتقليل الفاقد منها.
- تمسكت مصر خلال جميع مراحل التفاوض على الاتفاق بضرورة عدم مساس هذا الاتفاق الجديد بالاتفاقيات السارية، وأعلن وزير الموارد المائية والري المصري رفض التوقيع علي الإطار القانوني والمؤسسي لمبادرة حوض النيل إلا بعد تحقيق شروط ثلاثة هي:
أولا: نص صريح يضمن عدم المساس بحصة مصر من مياه النيل وحقوقها التاريخية.
ثانيا: الإخطار المسبق عن أي مشروعات تقوم بها دول أعالي النيل, وإتباع إجراءات البنك الدولي في هذا الشأن.
ثالثا: ضرورة أن يكون تعديل الإتفاق والملاحق بالإجماع وليس بالأغلبية, وفي حالة الأغلبية يجب أن تشمل دول المصب (مصر والسودان)
بينما اقترحت دول المنابع وضع مادة الأمن المائي في ملحق الإتفاقية وإعادة صياغته بما يضمن توافق دول الحوض حوله خلال ستة أشهر من تاريخ توقيع الإتفاقية وإنشاء هيئة حوض النيل المفترضة.