تشهد لبنان أزمه كبيره في فقدان البنزين، وقد وصلت إلى حد تهديد حياة الصغار والمرضى في المستشفيات، ودفعت المواطنين إلى إيجاد الحلول مهما كان الثمن.
وعلى مدى اليومين الماضيين، انشغل اللبنانيون بصورة يتيمة لطبيب شاب بثياب الرياضة، حاملا طفلا ولد حديثا.
أما السبب فيعود لتعليق وضعه الطبيب النسائي اللبناني " زكي سليمان "على حسابه الخاص على فيسبوك، لينتشر خلال الساعات كالنار في الهشيم.
واضطر سليمان إلى استخدام دراجته الهوائية من أجل الوصول إلى مستشفى "رزق" في بيروت من أجل إجراء عملية ولادة قيصرية لامرأة دخلت في مرحلة مخاض، ولم يجد الطبيب وقودا يوصله إلى المستشفى.
وجسد الطبيب تجربته الفريدة هذه مع الطفل المولود بصورة عبر حسابه على فيسبوك يظهر فيها بملابسه الرياضية حاملاً الطفل، وأرفقها بتعليق جاء فيه "احتفظ بهذه الصورة أيها الصغير، ففي يوم من الأيام سيخبرك والداك أن طبيبك جاء على متن دراجته لولادتك".
وأضاف "لأنك ولدت في زمن شح البنزين والأدوية والكهرباء والطعام، في بلد 90% من مواطنيه يفتقدون العيش الكريم".
وكما جاء علي موقع " العربيه " قال "إنه اضطر إلى استخدام درّاجته الهوائية كحل سريع للوصول إلى المستشفى وإتمام عملية الولادة القيصرية بسبب انقطاع سيارته من مادة البنزين".
وأضاف "عدت إلى لبنان قبل يوم من موعد ولادة الطفل، وكانت سيارتي مقطوعة من البنزين، فاضطررت صباح اليوم التالي إلى استخدام الدرّاجة من منزلي في منطقة عين سعاده في المتن إلى مستشفى "رزق" في بيروت".
وفي هذا السياق أوضح أنه ينشر صورة كل طفل بعد ولادته، لكن المفارقة اليوم أنه نشر الصورة مرتدياً ملابسه الرياضية بدل لباس الأطباء في خطوة أراد من خلالها إيصال رسالة للطفل (الذي يدعى إلياس) بأنه ولد في عز أزمة وقود خانقة في لبنان.
ومع أن الطبيب "الرياضي" معروف لدى مرضاه بأنه من عشاق رياضة الدراجات الهوائية وغالباً ما يأتي عليها إلى المستشفى، غير أن "اضطراره" هذه المرة إلى استخدام تلك الوسيلة بسبب أزمة الوقود هو ما أزعجه، قائلاً "لو كانت سيارتي فيها وقود لما اضطررت لاستخدام درّاجتي".
وإلى ذلك، أكد أن ما قام به لا يعتبره عملاً بطولياً وإنما واجب تجاه مرضاه، قائلا "من واجبي أن أُتمم عملية ولادة مريضتي بأي طريقة ممكنة، وأنا سعيد جداً بما فعلته ولو أنه تم بطريقة غير معتادة فرضتها الأزمة في البلاد".
وكغيره من اللبنانيين، لاسيما أصحاب الكفاءات، اضطر الطبيب النسائي إلى مغادرة لبنان والاستقرار مع عائلته في الخارج بسبب الأزمة المتفاقمة، إلا أنه لم يستطع ترك وطنه ومرضاه بشكل نهائي، فاختار أن يعمل بين لبنان والخارج.
كما اضاف في حديثه "لن نسمح بتدمير لبنان وتفريغه من سكانه، سأبقى أزاول عملي هنا وفي الخارج".
وإلى ذلك، أسف سليمان "للحالة التي وصل إليها لبنان بسرعة قياسية بعد أن كان مستشفى الشرق مقصد العرب من أجل تلقّي العلاج".
وقال" الوضع اليوم تغيّر كثيراً، وأزمة الوقود ليست وحدها من تهدد القطاع الصحي في لبنان إنما يضاف إليها أزمة النقص في المعدات الطبّية والأدوية نتيجة شح الدولار".
كما اعتبر أن "الثورات لا تكفي من أجل التغيير، إذ يكفي أن يقف الشعب اللبناني صفا واحداً ويرفض الذهاب إلى عمله بسبب أزمة البنزين، فنصنع الفرق، لكن للأسف بات كل شخص يُفتّش عن وسائل خاصة مستثمراً علاقاته مع المعنيين من أجل تأمين الوقود".
ويذكر أنه منذ خريف العام 2019، يشهد لبنان انهياراً اقتصادياً متسارعاً يطال معظم القطاعات فاقمه انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس العام الماضي وخلافات سياسية حادة أخّرت تشكيل الحكومة لأكثر من عام.
وقد صنّف البنك الدولي الأزمة الاقتصادية في البلاد بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.