تفتخر مدينة الإسكندرية بواحد من أكثر المعابد اليهودية في مصر إثارة للإعجاب، وأحد أقدم المعابد اليهودية في الشرق الأوسط، وهو معبد إلياهو هانبي المعروف بـ"كُنيس النبي إلياهو"، الذي ظل شاهدًا لقرون طويلة على احتضان المجتمع السكندري ذو الطابع الكوزموبوليتاني للأديان والثقافات والجنسيات المختلفة، فشكّلوا جزءًا من هوية المدينة الساحلية.

يمتد المعبد على مساحة 4200 متر مربع، ويتمتع بموقع مميز في شارع النبي دانيال، أحد أقدم وأعرق شوارع الإسكندرية، ويحتوي على مكتبة كبيرة تحوي حوالي 50 نسخة قديمة من التوراة، ومجموعة نادرة من الكتب يعود تاريخ بعضها للقرن الخامس عشر، مع تصميم جذاب على الطراز البازليكي، وأعمدة رخامية مرتفعة ذات أسلوب إيطالي، ومقاعد تسع لحوالي 700 فرد.

إلياهو هانبي هو اسم أحد أنبياء بني إسرائيل في العقيدة اليهودية، ويُشاع أنه ظهر بعد وفاته لعدد من رجال الدين اليهود في المكان المُقام به المعبد حاليًا.

ويعتقد اليهود أن معبد إلياهو هانبي هو أقدم معبد لهم في مدينة الإسكندرية، التي كانت تحتضن ما يصل إلى 13 معبد يهودي، لم يتبق منهم الآن إلا ثلاثة معابد، حسب ما أوضحه الدكتور إسلام عاصم، أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر، نقيب المرشدين السياحيين السابق بالإسكندرية.

وطبقًا للرواية اليهودية، فإن المعبد بُني في عام 1354، وتعرض للقصف في نهاية القرن الثامن عشر على يد الحملة الفرنسية، حين أمر نابليون بونابرت بقصف المعبد لإقامة حاجز رماية للمدفعية بين البحر وحصن كوم الدكة. وأضاف لـ"دار الهلال" أن الطائفة اليهودية نجحت في استرداد أرض المعبد في عهد محمد علي باشا، وأيضًا حصلت على قطعة أرض في عهد سعيد باشا الذي ألغى الجزية.

وأشار "عاصم" إلى أن الطائفة اليهودية عانت لفترة طويلة مع أكثر من جهة لإثبات أحقيتها في أرض المعبد، فقد طالب شخص فرنسي بجزء من الأرض التي أهداها سعيد باشا لليهود بحكم أنها حقه واغتُصبت منه، كذلك أُثيرت مشكلة حول الأرض مع الكنيسة اليونانية.

وكان هناك مشكلة أخرى أُثيرت حول أرض المعبد مع بلدية الإسكندرية عند تخطيط شارع النبي دانيال المتواجد به المعبد، ورغم كل تلك المشكلات، افتُتح المعبد عام 1850 في عهد عباس حلمي الأول ابن طوسون باشا ابن محمد علي باشا.

ولفت إلى أنه تمت أعمال توسعة للمعبد عام 1865 في عهد الخديوي إسماعيل، على يد الجاباي يوسف حكيم رئيس المعبد حينها وأحد قيادات الطائفة اليهودية في القرن التاسع عشر، موضحًا أن معبد إلياهو هانبي يعد واحد من أكبر معابد اليهود في العالم، بعد معبد تل أبيب، وتناوب على منصب جاباي المعبد أكبر وأغنى العائلات اليهودية في الإسكندرية، مثل أجيون وجعار وباردا.

يُذكر أن معبد إلياهو هانبي ظل مغلقًا لسنوات بعد انهيار أجزاء من سقفه وتصدع المبنى، ثم خضع لعملية ترميم وتطوير في عام 2017، بتكلفة 100 مليون جنيه، وأُعيد افتتاحه في يناير 2020.