انتحار أحد أفراد العائلة هو أمر مزعج للغاية، ومواجهة هذه الأزمة أو التعامل معها يستغرق الكثير من الوقت والجهد، فيجب أن يعي الفرد حقيقة أن الانتحار ليس هو الحل للمشكلة، وعادة ما يؤدي انتحار أحد أفراد العائلة إلى الأزمات الصادمة وغالبا ما تستغرق مواجهة هذه الأزمات والتعامل معها وقتا أكثر من الوقت الذي يستغرقه الفرد للتغلب على حوادث الموت الطبيعية.
في البداية يصبح من الصعب أن يتغلب الفرد أن حالة الانتحار قد حدثت بالفعل، فهو أمر يصعب على الفرد تقبله، حينئذ يعاني المحيطون به من المشاعر المؤلمة، ويبلغ الشعور بالذنب ذروته عند الفرد، كما يجلب لهم الشعور بالخزي والغضب الشديد، فيمكن ان يؤدي انتحار أحد أفراد العائلة إلى توحيد أفراد عائلتة أو تفرقتهم.
وتختلف طريقة تعامل الأفراد مع الأزمات، وقد تؤدي هذه الاختلافات إلى حالات الارتباك وأحيانا الصراعات، فقد يؤدي ذلك إلى إصابة شخص ما بالشلل، ويقوم آخرون بإلقاء اللوم على غيرهم.
ويحق لأقارب الشخص المنتحر وأصدقائه أن يحظوا بمستقبل أفضل، فهم لن ينسوا الحادث أبدا ولكن من الممكن أن يتغلبوا عليه وأن تتحسن حياتهم، فبمجرد مرور فتره كافية من الوقت على الحادث والتعامل معه بطريقة سليمة، يستعيد الأفراد صحتهم النفسية، وحتى يحدث ذلك، يتعين عليهم قبول جميع المساعدات الممكنة وأن يعبروا عن حزنهم بطريقتهم الخاصة ويشعروا بالسعادة كلما أمكن ذلك.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية وفي 2019 فهناك أكثر من 800 ألف شخص يقبلون على الانتحار سنويا، وإن 79% من حالات الانتحار عالمياً وقعت في دول ذات دخول متوسطة أو منخفضة، وكانت مصر الأولى فى الوطن العربي في معدلات الانتحار حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2016، فيما لا توجد إحصاءات رسمية لعدد حالات الانتحار الآن.
تأثيرات نفسية واجتماعية
ويسبب الانتحار خليطا مستمر من الشعور بالحزن والذنب، للأهل والأسرة، هو شعورة لا يوجد في طريقة أخرى للموت، مما ادى إلى زيادة أعداد الذين توفوا حزنا على ذويهم وأحبائهم، كما ان هناك دراسة تشير إلى إن هناك 9% من سكان العالم خطرت لهم فكرة الانتحار مرة واحدة على الاقل خلال حياتهم.
وأكدت الدراسات أن 2,5% من سكان العالم أقدموا على محاولة الإنتحار مرة واحدة على الأقل، وكانت نسبة الرجال إلى النساء في محاولات الانتحار الناجحة 4 إلى 1، ونسبة النساء إلى الرجال في محاولات الانتحار الفاشلة 3 إلى 1 .
وقال الدكتور محمد عبد المنعم الخبير النفسي، حول التأثيرات السلبية للانتحار على الأهل والأسرة، نفسيا تتأذى جميع الأسرة إثر حالة الانتحار، معنويا ونفسيا لفقدهم شخص عزيز، وشعورهم بالأسى اتجاه طريقة موته، ويقومون بلوم انفسهم وجلدها لما حدث مما يدخلهم في دائرة الاكتئاب وأحيانا الانتحار أيضا.
وأوضح عبد المنعم، في تصريحات لبوابة "دارالهلال"، يكون لعنصر المفاجأة وقع شديد على نفس الأسرة لانتحار فقيدهم، مما يشكل صدمة لهم تؤثر بدورها على حياتهم لفترات طويله واحيانا لمدى الحياة، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتفاقم الوضع ويزداد سوء بإحداث بلبه وتشويه لصورة وسمعه الشخص المنتحر وأسرته.
وتابع: ليخرج الأمر من التأثير النفسي لحد التأثير الاجتماعى، الذى يجعل الانتحار وصمة عار في تاريخ أسرة المنتحر، مما يدمرهم نفسيا ومعنويا واجتماعيا، فكل شخص في المجتمع يفسر أسباب انتحار المتوفى طبقا لمعتقداته وآراءه، ومن هنا تبدأ الشائعات حول المنتحر وعائلته في الانتشار دون النظر لحالة أهل المنتحر.
وأضاف: يخرج التأثير السلبي من واقع أسرة المنتحر إلى واقع أسر وأشخاص أخرى، أصحاب النفوس الضعيفة، أو الذين يعانون من اضطراب الشخصية، فيقوموا بتقليد طرق الانتحار التى استخدمها الأشخاص المنتحرين قبلهم، ومن هنا تبدأ ظاهرة التكرار والتقليد والموضة حتي في الانتحار، وهذه هى الكارثة الحقيقة الأن مثل ظهور موضة الانتحار بحبه الغلة، أو من أعلى برج القاهرة، وتتوالى الأحداث تباعا، ويكمن هنا الخطر المجتمعى الحقيقي وراء حوادث الانتحار.