الجمعة 28 يونيو 2024

نوال سعداوي: الفكر الديني قائم على قهر النساء

2-2-2017 | 13:30

قالت الدكتورة نوال سعداوي، إن الفكر الديني قائم على قهر النساء، وتجديده يبدأ من تحرير المرأة.

وتابعت: أن "الرجال يمارسون الفساد الأخلاقي تحت سمع القانون، والمجتمع لا يحاسبهم، ولا يعاقبهم، فنرى أن الرجل لديه حريات جنسية مطلقة، ودون قيود أخلاقية، ولا يعاقب على الزنا في المجتمع، إنما تعاقب المرأة وتحاسب من جميع الجهات، ولذلك نحن في حاجة إلى تغيير القيم والقوانين"، حسب قولها.

جاء ذلك خلال اللقاء الفكري الذي عُقد منذ قليل بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، للدكتورة نوال سعداوي، بحضور الباحث مؤمن سلام، وعدد كبير من الجمهور.

وأشارت سعداوي، إلى منظومة القهر التي تعاني منها النساء، مؤكدة أن "قهر النساء يبدأ منذ طفولتهن، وتربيتهن بشكل خاطئ على القهر والضرب، والإهانة، في ظل سلطة أبوية ذكورية، فتتكون لدى بعض النساء ما يُعرف في علم النفس بالماسوشية، أي استعذاب الألم، أو الرغبة في الإيلام، وبالتالي فإن هذه الشريحة من النساء لا ترى غضاضة في أن تتلقى الضرب من أزواجها، وللأسف هذه الشريحة تنتمي لنفسية العبيد، بسبب طول القهر والظلم الذي وقع عليهن، فلم يتذوقن طعم الحرية ولا يعرفونها".

كما انتقدت الطلاق الشفوي، متسائلة كيف يمكن فسخ عقد مكتوب وموثق بشهود بكلمة شفوية يطلقها الرجل على زوجته، معتبرة أن ذلك مهانة وظلم للمرأة، مؤكدة أن قانون الأسرة في مصر من أسوأ القوانين في العالم كله، لأن الرجل بهذا القانون يهدد المرأة المثقفة المتعلمة بالطلاق، مشيدة بما طالب به الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتقنين الطلاق الشفوي، وضرورة أن يقع مكتوبًا مثل عقد الزواج.

وأكدت أن الطلاق لا يعيب المرأة في شيء، وليس كما يشاع أن المرأة المطلقة درجة عاشرة، فالحقيقة أن كملة الطلاق هي من الهواء الطلق، مشيرة إلى أن المرأة التي تخاف من الطلاق هي في واقع الأمر مقهورة، وليس لها استقلالية اقتصادية بذاتها، لافتة إلى أنها انفصلت عن زوجها لأنه خيّرها بين كتاباتها وبينه، فاختارت إبداعها وقلمها، قائلة: "لا يمكن أن أتنازل عن حقي في الكتابة أو التفكير، من أجل أن أكون زوجة، لكن للأسف المرأة المصرية لم تتربى على الجسارة.. والمرأة الحرة كالجبل الوعر لا يمكن صعوده، إنما المرأة العبد يمكن صعودها وخداعها"، على حد تعبيرها.

ونفت سعداوي، ما يشاع من أنها ضد الرجل، قائلة: "أنا مع الرجل المستنير المتقدم العادل، وضد المرأة المتخلفة التي تضطهد نفسها، مثل النساء اللاتي رفضن تقنين الطلاق الشفوي، فهن بذلك يظلمن أنفسهن، ويكرسن للذكورة، ولفكرة السلطة الأبوية".

وتطرقت في حديثها عن الظاهرة التي عرفت حديثًا باسم "الأم الوحيدة، أو الأم العزباء"، وقالت: "إنها ظاهرة انتشرت بين الفتيات المخدوعات من قبل الرجل، فنرى الفتيات يحملن في أرحامهن جنين، ثم يهرب الرجل، فتصبح الأم كما يقال الأم العزباء"، مشيرة إلى أنه في هذه الحالة يجب للأم أن تمنح اسمها لابنها، كما يحدث في بلاد العالم، وأن يصبح الطفل شرعي، ويتقيد في شهادة ميلاد رسمية ويمارس حقوقه كالأطفال الحاملين لاسم الأب"، حسب قولها.

وأوضحت الدكتورة نوال سعداوي، أن التعليم في العالم كله يندرج تحت نظام رأسمالي متخلف، حتى في دولة مثل أمريكا، مشيرة إلى أن النظام الأمريكي سينهار على يد ترامب، لافتة إلى أن التعليم في مصر متخلف أيضًا، وأغلب المنضمين إلى تنظيم داعش من الأطباء، وذلك لأنهم درسوا الطب فقط، بمعزل عن العقل والروح والمجتمع، ولم يتعلموا الفلسفة، ولم يقرأوا التاريخ، مطالبة بضرورة ربط التعليم في مصر بالروح والجسد، والعقل والاقتصاد والجنس.

وانتقدت سعداوي، وراثة الدين من الآباء دون تفكير، مشيرة إلى تعدد المدارس الفقهية في الإسلام، ومنها التي تُغلب المصلحة على النص، قائلة: "إن الدين بالوراثة باطل"، مطالبة بتدريس كافة الأديان في المدارس، حتى يستطيع الطالب أن يختار، إما أن يُلغى تدريس الدين نهائيًا من المدارس، وتدرس الفلسفة بدلاً منه، معتبرة أن التعصب في الدين يضر كافة المجتمعات، مشددة على ضرورة تجديد الفكر كله، وليس الديني فقط، بل الاجتماعي، والسياسي والفلسفي والعقلي كذلك، لأنه لا يوجد فصل بين جميع العلوم، كما أكدت على ضرورة فصل الدين عن الدولة.

وفي النهاية، أكدت الدكتورة نوال سعداوي، أنها تغلبت على تقدمها في العمر- 86 عامًا- وصممت على حضور لقاءها الفكري مع جمهور معرض القاهرة الدولي للكتاب، مؤكدة اهتمامها بالتواصل مع الشباب والتحاور معهم، والإجابة على أسئلتهم.