"هو ده سوق.. دي مقبرة والحكومة دفنتنا فيها".. بهذه الكلمات بدأ أحد الباعة بسوق الترجمان الواقع بميناء القاهرة البري في شارع الصحافة بمنطقة الإسعاف حديثه لـ"الهلال اليوم"، واصفا ما آلت إليه أحوال الباعة الجائلين بعدما نقلتهم الحكومة في أغسطس 2014 إلى السوق من أجل القضاء على ظاهرة الباعة في شارعي 26 يوليو وأسفل كوبرى 15 مايو.
واشتكى الباعة من حالة الركود الشديدة التي تسيطر على السوق وغياب الزبائن مقارنة بمكاسبهم السابقة بالشوارع ما أدى إلى تراكم الديون عليهم، وتأخر الحكومة في نقلهم إلى الأسواق التى وعدتهم بها مثل "سوق غزة " و"سوق وابور الثلج" و"سوق الزاوية" ما أدى إلى تناقص عددهم من 1700 بائع إلى 30 فقط، حيث تركوا السوق وعادوا للشوارع مرة أخرى.
في البداية يقول محمد علي، صاحب الـ52 عاما، بائع بالسوق: "إحنا إدفنا بالحيا فى سوق محدش من الزبائن يعرفه ولا بيجى يشترى منه وأنت جيت على غفلة علينا مفيش زبائن والسوق فاضى لأنه فى منطقة معزولة ولا جنبه موقف ولا عربيات ولا ناس رايحة وجاية مكان معزول في ميناء القاهرة البري وشارع الصحافة قاعدين فى الشمس بتآكل فينا وفى البضاعة، وكنت أكسب فى الشوارع حوالى 5 آلاف جنيه فى الشهر وأكتر من كدا، حاليا مش بكسب فى اليوم 70 جنيه، والزبون بيجى يبص على البضاعة يلاقيها قديمة وقليلة والشمس بوظتها يسيبها ويمشي".
والتقط عرفة سلامة، صاحب الـ 29 عاما، باع بالسوق طرف الحديث منه قائلا: "الحكومة تأخرت علينا لو نقلونا وعدونا بأننا مش هنطول وأنه السوق مكان مؤقت لحد لما ينقولنا فى سوق الزاوية أو سوق غزة أو سوق وابور الثلج وكل يوم نسأل فى الحى يردوا بكره بعدوا لحد لما البياعين زهقوا، وكان عددنا 1700 بائع الناس سابت البيكات بتاعتها ورجعت للشوارع تانى لكن أحنا 30 بائع باقين وملتزمين ومستنين الفرج من ربنا والحكومة علشان ينقولنا لأن بيوتنا إتخربت من الركود ومفيش زبائن".
وعبر سعيد جمعة، صاحب 42 عاما، بائع بالسوق عن معاناته قائلا: "أنا اشتريت بضاعة بـ5 آلاف جنيه علشان أبيعها ولما وافقنا نتنقل للسوق علشان عاوزين نعيش زى البنى آدمين، والبلدية متهناش وتجرى ورانا وتاخد البضاعة مننا، كنت مفكر أننا هنبيع زى الشارع وهسدد ثمن البضاعة اللى واخدها بالتقسيط وكاتب على نفسى وصل أمانة بالفلوس دلوقتى مش قادر أبيع علشان الركود ومفيش زبون بيجى ولا قادر أرجع البضاعة تانى وصاحب الفلوس رفع قضية عليا وهتحبس ومش معايا أسدد الفلوس، بطالب الحكومة أنها تنقلنا لأى سوق بعيد عن هنا زى سوق غزة أو سوق الزاوية أو يعملوا موقف عربيات وأتوبيسات جنبنا، إحنا محافظين على وعدنا مع الحكومة ومش راضين نمشى زى باقى البياعين اللى مشوا فياريت الحكومة تحافظ على وعودها معانا".
وأوضح رأفت جمال، صاحب الـ 22 عاما، بائع بالسوق: “بنيجى الصبح نقعد مع بعض ولا فيه بيع ولا شراء ويجى موظف من الحى يتأكد من حضورنا زى الموظفين، وآخر النهار نمشى ومفيش زبون بيجى ومستنين على أمل أننا نتنقل، والحكومة مش بتاخد مننا فلوس مقابل المكان لكن مفيش مكاسب والبياعين فاتحين بيوت ومش قادرين يصرفوا على عيالهم، وبعضنا بيرجع للشارع آخر النهار علشان يجيب مصاريف بيته ، فيه بطالة بين البياعين والناس ولا قادرة ترجع للشارع علشان الخوف من البلدية ولا قادرين يفضلوا فى السوق ويدفنوا بالحيا فيه وبنحاول نرخص الأسعار على الزبائن لكن الحركة ضعيفة".