رسم ثمانية باحثون مصريون وسعوديون خارطة طريق لتمكين الطفل العربى فى عصر الثورة الصناعية الرابعة ، ووضعوا تطبيقات علمية وعملية لذوى الإعاقة (الطفل المصاب بالصم والبكم ) لمساعدتهم فى التعامل مع ادوات تلك الثورة ، وكذلك الطفل الذى يعانى من التوحد ، فاستحقوا جميعا الفوز بجائزة الملك عبد العزيز للبحوث العلمية فى قضايا الطفولة والتنمية ، وتكريم رئيس الجائزة الامير عبد العزيز بن طلال رئيس المجلس العربى للطفولة والتنمية المنصة التى انطلقت منها٠
وتناول البحث الذى فاز بالجائزة الأولى وقيمتها ٥آلاف دولار امريكى ، أولويات التدخل السريع المقترحة لتمكين الطفل العربى من متطلبات الثورة الصناعية الرابعة ، وضم كل من الدكتورة نوف بينت ناصر التميمى ، استاذة أصول التربية بجامعة الأمير سطام بن عبد العزيز بالسعودية، والدكتور محمد شوقى شلتوت استاذ تكنولوجيا التعليم بمؤسسة الملك عبد العزيز ، والدكتورة فاطمة بنت عبد الله العقلا استاذ مساعد الطفولة المبكرة بكلية التربية التابعة لجامعة الملك سعود والدكتورة سارة بنت عمر العبد الكريم ، استاذ مساعدالطفولة المبكرة بكليةالتربية التابعة لجامعة الملك سعود.
وقام الفريق بتحليل ٢٧ وثيقة دولية لأكثر من سبع مؤسسات ومنظمات ومجالس وهيئات تعد من أبرز المؤسسات العالمية المعنية بتعليم الطفل ، وخلص البحث إلى رسم خارطة طريق تضمنت عددا من أولويات التدخل السريع الممكنة التى يمكن أن تتبناها البيئات الحاضنة للنشئ والمسئولة عن بناء القوى البشرية وتأهيلها للبدء فى إعداد سيناريوهات العمل الحالية والمستقبلية وتطوير برامج تتفاعل مع هذة التحولات ٠
فيما حظيت الفئة الكبيرة من الأطفال الوطن العربى الذين يعانون من مشكلة الصم والبكم بالأهتمام فى البحوث ، وفيها فاز بالجائزة الثانية مناصفة وقيمتها ٤ ألاف دولار أمريكى كل من الدكتور أحمد طارق دحروج والمهندس محمد عادل عبده عبد العظيم ، إخصائى علوم الحاسب بالأكاديميةالعربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى عن توصلهم لمشروع " تواصل" الذى يهدف إلى تقديم لمشكلة البكم والصم وكسر الحاجز الذى يمنعهم من التواصل بشكل طبيعى مع العالم الخارجى باستخدام التكنولوجيا الحديقة مثل التعلم الالى والذكاء الإصطناعى والهواتف الذكية المزودة بكاميرات عالية الجودة.
وينقسم المشروع إلى قسمين رئيسين الأول منهما مخصص لمساعدة الصم عن طريق تحويل الكلام المسموع من المتحدث إلى كلام مكتوب على شاشة الهاتف الذكى مما يمكن الأصم من التواصل مع المتحدث بسهولة ويسر ، فيما يسمح القسم الثانى من المشروع بمساعدة البكم على التواصل بسهولة مع العالم الخارجى دون الحاجة إلى من يجيد لغة الإشارة وذلك من خلال تحويل لغة الإشارة من الكاميرا إلى نص مكتوب ثم إلى كلام مسموع ٠
والبحث الثالث الفائز بالجائزة التشجيعية عبارة عن تطبيق "أوتشى" مع نظارة ذكية تساعد الأطفال متحدى اضطرابات طيف التوحد ، وفاز بها مناصفة كل من مهندسة منة الله ماجد مصطفى و المهندس محمد عصام عبد السلام الباحثان بكلية الحاسب وتكنولوجيا المعلومات بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى ويهدف الى مساعدة الآباء على فهم أطفالهم والتواصل معهم بشكل أفضل ٠
ويحتوى التطبيق على العديد من الوظائف للتفاعل مع العالم الواقعى من خلال تكنولوجيا الذكاء الإصطناعى وتكوين صداقات مع أقرانهم وتعلم كيفية بدء المحادثات والحفاظ عليها فعالة ومستمرة ومساعدتهم على طلب احتياجاتهم بشكل وأسلوب أفضل إلى جانب تعليم الطفل التعاطف مع الأخرين ، والاستمتاع بالالعاب التعليمية والترفيهية باستخدام نظارة ذكية التى تعمل بيحاسبه ألى صغير قادر على التعرف على تعبيرات الوجه والمشاعر ٠
وأشار المجلس العربي للطفولة والتنمية ،في بيان أصدره اليوم ، الى أن جائزة الملك عبد العزيز للبحوث العلمية فى قضايا الطفولة والتنمية جاءت مع تعاظم دور المجلس العربى بوصفه "بيتا للخبرة " في دعم المجتمعات العربية وتحفيز الحوار المجتمعى حول القضايا ذات الأهمية المتعلقة بالطفل وتنشئته ، ، مستهدفة إثراء البحث العلمى من أجل حياة أفضل للإنسان فى الوطن العربى.
و خصصت الجائزة موضوع دورتها الثانية فى عام ٢٠١٩ " لتمكين الطفل العربى فى عصر الثورة الصناعية الرابعة" ، وتميزت تلك الدورة أنها خصصت للبحوث التطبيقية، فيما كان موضوع الدورة الأولى فى عام ٢٠١٥ "التنشئة على المواطنة" ، أما قضية الدورة الثالثة الحالية التى دعا الباحثين العرب لاقتحامها فهى قضية "التعليم فى عالم مابعد كورونا "٠
و استشراقا لمستقبل سيعتمد على استخدام تطبيقات تكنولوجيات ناشئة فى مجال الذكاء الإصطناعى ،والروبوتات ، وانترنت الأشياء، والمركبات ذاتية القيادة، وتكنولوجيا النانو وغيرها ، فان الثورة الصناعية الرابعة ستشكل بالتأكيد مستقبلا جديدا للعالم بأسره ، وذلك بحسب ما أكده الأمير عبد العزيز بن طلال رئيس المجلس العربى للطفولة والتنمية ، مشددا على إننا مطالبون بالمزيد من البحث عن تأثيرات تلك الثورة ثقافيا واقتصاديا وتعليميا ، للاستفادة من أدواتها بشكل واع لتحسين حياتنا ومستقبلنا ، مؤكدا أن المجلس سيعمل على استكمال التوجه نحو تمكين الطفل العربى فى عصر الثورة الصناعية الرابعة حتى عام ٢٠٢٥٠.
ولان "جائزة الملك عبد العزيز ”، أصبحت رافدا قويا فى إثراء حركة البحث العلمى فى مجال العلوم الاجتماعية بالمنطقة العربية ، كما وصفها الدكتور حسن البيلاوى أمين عام المجلس وامين عام الجائزة ، فان البحوث المقدمة عبرها لها أهمية قصوى فى أى مجتمع يسعى الى التقدم ، مشيرا إلى إن الجائزة تتم فى دورات بحثية متتالية ، وعنيت فى دورتها الأولى بقضية المواطنة وارتباطها بالتماسك الإجتماعى٠
ولان الطفولة المبكرة تشكل مرحلة مهمةفى حياة الإنسان بشكل عام والطفل بشكل خاص حيث يتكون الجزء الأكبرمن الخصائص الشخصية وسماتهاوعناصر النمو فقد تم تركيز الاهتمام على قضايا الطفل ،وهذا ما أكده ناصر القحطانى المدير التنفيذى لبرنامج الخليج العربى أجفند ٠
وعن اهمية موضوع الدورة الثالثة من الجائزة "التعليم فى عالم مابعد كورونا " ،أوضح تيد شيبان المدير الإقليمى لمنظمة اليونيسيف عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، أن الإحصاءات تشير إلى أن أكثر عدد الأطفال خارج المدرسة خلال أزمة كوفيد ٢٠١٩ بلغ حوالى ١٤ مليون طفل ، وكان ١٠ ملايين طفل آخرين فى خطر التسرب بسبب النزاع والفقر ، ومنذ الجائحة تأثر تعليم ١١٠ ملايين طفل فى جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بسبب الإغلاق واستجابة الحكومات للتعليم عن طريق التعلم عن بعد " أونلاين " ، وبالرغم من التحديات فقد شكلت كوفيد فرصة غير متوقعة لاصلاح التعليم من خلال نظم تعليمية مرنة والتركيز على المهارات٠
جدير بالذكر أن إحتفالية تسليم جوائز الدورة الثانية للجائزة التى احتضنتها القاهرة قبل يومين جاءت هذا العام بشكل مختلف ، حيث رسم الفائزون بالجائزة خريطة طريق "لتمكين الطفل العربى فى عصر الثورة الصناعية الرابعة" ، فكانت مكونا رئيسيا من مشروع يتضمن الإعداد لدراسة عربية حول مدى جاهزية الطفل العربى لعصر الثورة الصناعية الرابعة ، وسيمثل أيضا توجه الخطة الإستراتيجية القادمة للمجلس حتى عام ٢٠٢٥ ٠
و تضمنت الاحتفالية بحث ومناقشة عدد من المفاهيم والمكونات المعرفية لهذه الثورة الصناعية الجديدة فى ضوء بنية مفاهيمية متكاملة ومترابطة ، وفق نسق فكرى جديد يؤسس لعلاقة عضوية بين الطفل وتلك الثورة فى إطار وعى كونى تحت شعار " عقل جديد لانسان جديد فى مجتمع جديد "٠
اكد الحوار أهمية قضية تمكين الطفل فى عصر الثورة الصناعية الرابعة باعتبارها من أهم القضايا المعاصرة ، التى تعمل على بناء سياسات داعمة ، وبيئات تمكينية حاضنة لتنشئة طفل عربى بعقل جديد ، ليكون إنسانا جديدا فى مجتمع جديد ، ينعم بنور المعرفة والعقل ٠
ولم تعد الجائزة فى هذه الدورة علامة فارقة في مسار العمل على مواكبة التطور العالمى الذى واكب ظهور مصطلح الثورة الصناعية الرابعة فحسب بل أضاءت البحوث الفائزة بالجائزة الطريق نحو كيفية استيعاب المتغيرات التى تتطلبها طبيعة هذا التحول من أجل تمكين الطفل العربى من مهارات الثورة الصناعية الرابعة ليصبح قادرا على المنافسة إقليميا وعالميا