الخميس 2 مايو 2024

لواء دكتور سمير فرج لـ"دار الهلال": المشير طنطاوى حافظ على البلد بجملة واحدة "مفيش طلقة تخرج ضد المتظاهرين"

لواء دكتور سمير فرج

تحقيقات25-9-2021 | 13:42

حوار: منى عشماوي - عدسة: محمد عدلي

- وزير الدفاع الأمريكي شهد في حق المشير "المشير حمى بلدكم وإلا كنتم ستكونون أسوأ من سوريا والعراق"

- تحمل المشير طنطاوى ومعه المجلس العسكرى كل الضغوط وكل الأحداث حتى "تمشي المركب والبلد تخرج من كبوتها"

- المشير لم يكتب مذكراته.. ولن يكتب أى واحد كان فى المجلس العسكرى أى مذكرات أبداً

- ستظل إسرائيل عدو حتى تطبق حل الدولتين

- تسير مصر بطريقة الاحتواء السياسى والرئيس يفتح العلاقات بمصر مع الجميع

- نحن أكبر قوة عسكرية فى المنطقة أكبر من تركيا وإسرائيل

- لن تعود العلاقات المصرية التركية إلا إذا التزمت تركيا بشروطنا كاملة

- بطرس غالى قال لى "اللى اتعمل اليوم لو اتعمل وقت مبارك من عشر سنين كنا بقينا أحسن من دول جنوب شرق آسيا".

 

بعد رحيل وزير الدفاع الأسبق المشير طنطاوى لاتزال تتردد فى الكواليس مذكراته التى ربما كتبها أو أراد أن يكتبها أو ربما رفض كتابتها، ورغم أنه قاد مصر فى فترة ضبابية الخطى إلا أن الكثير من الأسئلة تزال تراوح مكانها تبحث عن إجابات واضحة شافية جريئة.

ذهبت إلى اللواء الدكتور سمير فرج بكل الأسئلة التى تدور فى الشارع المصرى، وحاورته بكل شفافية، لم يترك سؤالا مُعلّقاً أو رفض الإجابة على آخر، فتح لنا قلبه وعقله وكان هذا الحوار..

 

اليوم يرحل عنا المشير حسين طنطاوى، ورغم اعتزاله الحياة السياسية والعامة إلا أنه سيظل الرجل الذى حكم مصر فى أصعب فتراتها، ولديه الكثير من الأسرار التى لم تكشف حتى الآن.. ما تعليقك؟

- سأظل أتذكر للمرحوم المشير طنطاوى أهم جملة حمت مصر فى أصعب عشرين شهراً مرت على مصر، وأنا وقتها كنت فى المجلس العسكرى بعد تركى منصبى محافظا للأقصر، قال المشير "مفيش طلقة نار تضرب على حد من المتظاهرين"، وهو ما كان الإخوان يتمنونه، خاصة أننا نعلم أن عناصرهم كانت تتسلق أسطح البنايات وتطلق النار على الناس لترهبهم وتشعل الموقف، وأتذكر مرة واحنا فى المجلس العسكرى وكان فيه ناس عاوزة تقتحم وزارة الداخلية وهاتف وزير الداخلية المشير طنطاوى وطلب منه أن يضربوا "كام طلقة فى الهوا" ورد عليه المشير "أنا قلت مفيش طلقة تخرج".

وموقف آخر كان المتظاهرون وصلوا إلى السور الخارجى لوزارة الدفاع، وكان رئيس الشرطة العسكرية هو اللواء حمدى بدين، وأصدر المشير أوامره "مفيش حد يفتح طلقة" ووقتها العساكر وحدهم قلعوا الأوايش وجريوا ورا الولاد، والولاد جريوا للعباسية وانتهى الاشتباك.

أريد أن استشهد بوزير الدفاع الأمريكى فى هذا التوقيت، الذي كان يتصل أحيانا بالمشير متابعا لما يجرى مثلا فى حادثة السفارة الإسرائيلية عندما كان المتظاهرون يريدون اقتحامها وبالطبع منعنا ذلك..

هذا الرجل زار مصر منذ ثلاث سنوات، وكنت المسؤول عن زيارته لمصر، وقال لنا على العشاء فى إعلان صريح إن "المشير حمى بلدكم وإلا كنتم ستكونون أسوأ من سوريا والعراق بسبب الكثافة السكانية وكانت ستكون أسوأ حرب أهلية فى المنطقة".

 

هناك بعض علامات الاستفهام حول إصرار المجلس العسكرى بعد أحداث يناير بالاجتماع مع القيادات الإخوانية، وذلك بشهادة بعض القوى السياسية فى ذلك التوقيت.. ما تعليقك؟

- كان معروفا من يجتمع مع الإخوان فى المجلس العسكرى وكان معروفا من يجتمع مع القيادات من الشباب ولا أريد ذكر أسماء، وكان المجلس العسكرى يجتمع بكل القوى والفصائل فى البلد وكانت الجماعة فصيلاً مؤثراً فى الشارع فى هذا التوقيت وكان ضروريا أن يكون موجوداً، والرئيس السيسى فى كلمته عند رحيل المشير قال إن "المشير اتظلم فى كل ما قيل حول أنه من أحضر الإخوان"، وكل هذا افتراء.. يعنى مرسى حصل على 12 مليون صوت فى الشارع إذن المشير حقن الدماء ومنع الأمور من التصعيد لأن الشعب أو بعض الشعب كان موهوما بالإخوان حتى جاءوا إلى الحكم وعلم الناس من هم جيدا فى سنة واحدة.

 

لو رجعنا إلى أحداث استاد بورسعيد.. هل كان لدى المجلس العسكرى أى تصور لهذا التطور الذى شهدته الأحداث والذى راح ضحيته شباب من الألتراس؟

- كان المجلس العسكرى يعرف أن هناك بعض الاحتقان قبل المباراة، ولكن كان هناك نحو 80 ألف مشجع ذهبوا إلى الاستاد، وقلت فى برنامج تليفزيونى إن المجلس العسكرى كان يعلم ولكن الموقف كان صعبا ولن أدخل فى التفاصيل لأنه ما ينفعش.

لقد تحمل المشير طنطاوى ومعه المجلس العسكرى كل الضغوط وكل الأحداث حتى المركب تمشى والبلد تخرج من كبوتها ومصر تستقر..

يعنى نحن ولا سوريا ولا العراق البلد مستقر وداخل فى التطوير والناس عايشه بأمان..

بالطبع فيه شهداء ولكن المشير طنطاوى برئ من أى دم تماما ويعلم الله ذلك..

 

هل فكر المشير طنطاوى فى كتابة مذكراته؟

-لا.. وليس مفضلا أنه كان يكتب شيئا، وذهب إليه مصطفى بكرى طالبا منه أن يكتب له مذكراته وهو رفض تماما.

ولن يكتب أى واحد كان فى المجلس العسكرى أى مذكرات أبداً ولكن كل ما حدث وما تم وما كان يحدث فى الكواليس ويدار داخل المجلس العسكرى مسجل فى الداخل عندنا فى القوات المسلحة للتاريخ والزمن، ولكن الإفصاح عن أى شىء اليوم صعب.

الإفصاح عن كل ما كان يدور فى هذه الفترات سيأتى فى وقته، وهو ما حدث مثلا فى مسلسل "الاختيار1" و"الاختيار2"، حيث أفصحنا عن كثير من الأمور التى كانت ملتبسة عند الناس أو كانوا لا يعلمون عنها شيئا، كل شىء يأتى تدريجيا.

لماذا بعد حرب 73 لم يتم الإفصاح بسرعة عن كل ما حدث، لأن فيه أنواع سلاح وعلاقات بين الدول وقصص لو قيلت الآن ستخلق مشاكل ومعلومات استراتيجية وجغرافية وحتى عن الناس اللى كانوا فى سيناء وقتها كل ده كان الإفصاح عنه بعد الحرب شىء ليس صائبا.

كان زمان انجلترا قالت هتفرج عن وثائقها المهمة بعد عشرين سنة ولم تفعل!

اليوم نواجه حرب الجيل الخامس على السوشيال ميديا والتى دائما تريد الوقيعة بين الناس والجيش بالدخول فى التفاصيل وقلب الحقائق ولن ينجحوا فى ذلك.

 

 

ستحل ذكرى أكتوبر بعد أيام واسأل: هل مازالت إسرائيل عدواً؟

- ستظل إسرائيل عدو حتى تطبق حل الدولتين

 

اليوم من حليفنا من القوى العظمى بشكل واضح؟.. ولماذا أخذت روسيا موقفا من مصر عندما تدربت مع أمريكا ضمن الناتو؟.. الأمر الذى أدى إلى بيع السلاح الروسى فى صفقة إلى أثيوبيا مؤخراً.

- لم يحدث أن الروس أخذوا أى موقف، ونحن تدربنا مع روسيا بالمظلات العام الماضى فى "حماة السماء"، والقوات البحرية المصرية ذهبت إلى البحر الأسود وتدربت، مصر تقوم بالتدريات العسكرية مع كل الحلفاء وكون روسيا تبيع سلاح لأثيوبيا فهى علاقات ومصالح لا تؤثر على مصر فى شىء وهى أسلحة بسيطة.

وعندما عرضنا مسألة سد النهضة فى مجلس الأمن لو الروس أو الصينيين ليسوا مع مصر "كانوا أصدروا فيتو علطول"، ولكن الكل كان يستمع لنا باهتمام كبير، ولم تخرج قرارات ملزمة من المجلس، لأن هذه ليست آليته، ولكن ذهبت مصر إلى مجلس الأمن لتسجيل موقف دولى مهم، والأسبوع الفائت بيطلب من أثيوبيا أنها تتفاوض (حتى لو فى يوم عملنا حاجة ماحدش يلومنا)

اليوم تسير مصر بطريقة الاحتواء السياسى، والرئيس يفتح العلاقات بمصر مع الجميع، يعنى ذهب إلى جيبوتى لأن لديها أجمل موقع فى المنطقة، وهو موقع مهم واستراتيجى، وبها أربع قواعد عسكرية لأمريكا وفرنسا والصين واليابان، وجييوتى هى المنفذ الوحيد لأثيوبيا على البحر ومن يريد أن يفهم فليفهم.

كذلك رئيس وزراء الصومال كان عندنا وأوغندا أيضا، كل هذه الدول حول أثيوبيا ومصر صنعت هذا الاحتواء السياسى فى شهرين، وكأنها "كماشة" كما نطلق عليها فى لهجتنا الدارجة حول أبى احمد.

لدينا مع الجميع اقتصاد واستثمار ومراكز تمريض ومدارس وبنبنى فى تنزانيا أكبر سد ونبنى فى جنوب السودان سداً ضخماً أيضا.

لقد قمنا بشراء الرافال من فرنسا، وهنا الناس قالت ليه؟.. وهى غير مدركة أن فى الجيش هناك ما يسمى بالردع، وهو إيجابى مثلما رددنا على من قتلوا المصريين فى ليبيا، وهذا مثال.

أما الردع المعنوى فهو أن يعلم الجميع أن مصر تستطيع الدفاع عن نفسها وعن مصالحها، وهو ما قاله الرئيس في سيدى برانى "الجفرة خط أحمر" كان الهدف لو عديته هيحصل كذا.. هل تمت تعديته.. بالطبع لا.

نقول فى السياسة العسكرية إن قوة الردع المعنوية تحمى السلام بين الدول، لأن الحذر يمنع الحروب والاقتتال.

 

اليوم.. ما ترتيب مصر العسكرى فى العالم؟

- التاسع.. ونحن أكبر قوة عسكرية فى المنطقة أكبر من تركيا وإسرائيل.

 

إذن.. يسأل الشارع لماذا ذهبنا إلى مجلس الأمن ونحن نملك قوتنا العسكرية؟

- نحن نهيئ المسرح السياسى الدولى ونضعه أمام مسؤولياته ونستنفذ كل الطرق الدبلوماسية، حتى -كما ذكرت لكِ- لا نلام بعد ذلك على أى ردة فعل نفعلها.

 

هل سياسة الرئيس المتحالف مع كل القوى العظمى فى وقت واحد سياسة وإن كانت جديدة على مصر من الممكن أن تفيدنا دائما؟

- سياسة الرئيس فى غاية الذكاء، مصر ليس لها حليف أوحد كما كان من قبل فى فترات كبيرة من أنظمة حكامها، مصر اليوم متحالفة مع روسيا تأخذ منها سلاح ومشتركة معنا فى العمل النووى وعادت السياحة مؤخرا، ومع الصين علاقتنا ممتازة وعندما جاء بايدن لعبنا بذكاء فى التفاوض السياسى وقت مشكلة ضرب غزة، وعلم بايدن جيدا أن مصر رمانة الميزان فى المنطقة وفى أى تحالف، كذلك لنا علاقات ممتازة مع الرئيس الفرنسى ماكرون.. هذا يخدم مصر ومصالحها ولن يضرها أبداً.

 

اسمح لى أن أضرب مثلا بسوريا.. والكثير قال إنه لولا أن روسيا حليفها القوى معها لكان انتهى عهد الأسد، بمعنى أن الحليف الأوحد فى نظر البعض يكون أكثر قوة؟

- وأين هى سوريا اليوم؟!.. بل وكام قاعدة عسكرية لروسيا هناك، وهل بشار الأسد يحكم كل الأراضى السورية؟.. كل هذه الأسئلة مهمة للإجابة على سؤالك، روسيا صحيح أنقذت بشار الأسد لكن سوريا للأسف ضائعة حتى اليوم ولن تخرج منها روسيا أبدا ولا إيران.. نحن مع الكل وكسبانين الكل ونبنى بلدنا.. ندير تحالفاتنا اليوم بذكاء.

 

اليوم المعونة الأمريكية تم تعليق جزء منها منذ فترة وجيزة بسبب إشكالية حقوق الإنسان.. ما تعليقك؟

- ستحل هذه القضية تدريجيا ثم هذه المنظمات الحقوقية ليست لها أدلة دامغة موثقة فى ملف حقوق الإنسان، وحتى عندما خرج الرئيس وقال إنه سيبنى سجونا بها تكنولوجيا وتعليم، حتى  ذلك لم يرضهم، والحقيقة اللواء عباس كامل طلع من قبل ووضح الحقائق كلها منذ ثلاث سنوات فى سابقة مثلها.. أمريكا كل سنة تتحجج بالحريات منذ أيام كلينتون.

رئيس وزراء إسرائيل حضر إلى مصر.. على ماذا كان التفاوض فى الأساس؟

- بالطبع القضية الفلسطينية والأسرى ووقف الهجوم على غزة وتثبيت الهدنة، ولولا مصر لكانت المنطقة كلها مشتعلة، وعلم بعدها بايدن أهمية مصر وشكرتنا أمريكا التي تعلم أن مصر حليف مهم مهما كان لدى الآخرون أموال ويحاولون خلق دور لهم فى المنطقة، ولن يعرفوا صنع أى دور دون مصر.

واليوم من يجبر ليبيا على إنجاز الاستحقاقات الانتخابية.. هى مصر.

وأمريكا تعلم دور مصر وهو ما جعل رئيس وزراء اسرائيل يجتمع معنا اليوم ومصر تصر على حل الدولتين والمصالح الفلسطينية كاملة.. كذلك مصر تبنى فى غزة وتعمرها وسنستضيف مؤتمر إعمار غزة قريبا.

كذلك تمت إتفاقات كثيرة فى ليبيا ومشروعات كثيرة وستعود العمالة المصرية إلى ليبيا محتفظة بكل كرامتها.

 

هل من الممكن أن تعود العلاقات المصرية التركية؟

- إذا التزمت بشروطنا كاملة، انسحاب المرتزقة من ليبيا وتسلمنا من عليهم أحكام مثل من اغتال النائب العام، كذلك توقف كل أنواع الهجوم الإعلامى العدائى ضد مصر.

 

متى ستنتهى الحرب فى سيناء؟

- قالها الرئيس "حل مشكلة سيناء بالتنمية مع محاربة التطرف والإرهاب" اليوم تأمين سيناء بالتنمية بعد أن استصلحنا نصف مليون فدان، وسيناء كانت معزولة زمان وكنا بنقول "سينا رجعت لينا" بالأغانى، لكن أصبح فى سيناء أنفاق وطرق تربطها بمصر، اليوم بها كمية مصانع كبيرة جدا ومدينة للرخام وطورنا ميناء العريش ولدينا مصانع للأسمنت، وتوطين البدو أهم ما قام به السيسى فى سيناء وأعطى لكل بدوى تسعة أفدنة يزرعها، وكل تجمع بدوى فيه مدرسة ووحدة صحية وبئر مياه.

طور السيسى بحيرة البردويل والسمك يطلع الفجر من البحيرة يصدر إلى باريس.

 

لكن لماذا المواطن المصرى يشعر بعبء الأسعار والكهرباء والماء حتى اليوم؟

- ما تم فى مصر لم يحدث من قبل، والتنمية سريعة وكبيرة، وقعدت مع بطرس غالى مرة قال لى "اللى اتعمل اليوم لو اتعمل وقت مبارك من عشر سنين كنا بقينا أحسن من دول جنوب شرق آسيا اليوم".. ممكن يكون المصريين حاملين على أكتافهم ضريبة الإصلاح الاقتصادى لكن التنمية مهمة وضرورية والكل فهم الفرق بين مصر الآن ومصر منذ عشر سنوات.

ولى دراسة كبيرة كتبتها وأسميتها "مصر إلى أين" وهو ما أقوم بتدريسه فى أكاديمية ناصر العسكرية لكل المدنيين والعسكريين الملتحقين بدوراتها التدريبية المختلفة.

وسأذكر لك قصة فى النهاية حدثنى منذ أيام رجل كان سياسيا مهما فى عصر مبارك، وكان مبهورا بالطرق ما بين إسماعيلية وبورسعيد والسخنة، وقال لى هو "احنا ليه يا سمير ما عملناش ده قبل كده".. ولم أعلق والحقيقة سكت دون أن أعلق لأن كثيراً ممن يسأل هذا السؤال كانوا فى السلطة ذات يوم.

Dr.Randa
Dr.Radwa