الثلاثاء 30 ابريل 2024

المياه حياة

مقالات26-9-2021 | 20:02

    أدركت الدولة المصرية أن الموارد المائية تحد كبير.. لذلك تعاملت مع هذا الملف برؤية خلاقة.. استوعبت فيها محدودية هذه الموارد مع زيادة سكانية متنامية ومتطلبات أكبر عملية بناء وتنمية فى مصر.. وتوسع زراعى وعمرانى غير مسبوق.. لذلك تبنت القيادة السياسية استراتيجية وطنية فى هذا المجال سواء من خلال إنشاء محطات عملاقة وهى الأكبر فى العالم مثل بحر البقر والمحسمة والحمام لتوفير ما يقرب من 8 ملايين متر مكعب يومياً من المياه الصالحة والآمنة التى تمت معالجتها وإعادة استخدامها وتدويرها بعد أن كانت تلقى فى الصحراء والبحر وهو ما يمكن الدولة من زراعة ما يقرب من مليون ونصف المليون فدان لتزيد الرقعة الزراعية بشكل غير مسبوق.. ناهيك عن مشروع تبطين الترع.. ومحطات تحلية مياه البحر والاستفادة من مياه الأمطار واكتشاف وإدارة المياه الجوفية.. لنتأكد أننا أمام دولة الفكر الخـلاق.. والحـلول الشـاملة والعبقـرية لتحـديات لم يقترب منها أحد خلال العقود الماضية.

محطة بحر البقر لمعالجة مياه الصرف وإعادة تدويرها واستخدامها لزراعة ما يقرب من 500 ألف فدان هى الأكبر والأضخم فى العالم.. ودخلت موسوعة جينيس بطاقة إنتاجية فى اليوم 5.6 مليون متر مكعب.. سبقتها المحسمة لزراعة 200 ألف فدان واختيرت كأفضل عمل إنشائى فى العالم.. وتحت التنفيذ »الحمام« لزراعة 600 ألف فدان.. تلك هى عناوين لدولة حديثة على مشارف جمهورية جديدة.

المياه هى أصل الحياة.. وعصب الوجود فقد قال المولى عز وجل «وجعلنا من الماء كل شيء حي» صدق الله العظيم.. والمياه أيضاً مكون أساسى فى التنمية المستدامة وخلق المجتمعات الزراعية والسكانية وتوفير فرص العمل.

الحقيقة أن مصر على مدار ٧ سنوات أولت اهتماماً كبيراً وغير مسبوق بتنمية وتطوير والحفاظ وترشيد مواردها المائية باستخدام العلم والتكنولوجيا الحديثة ورصدت ميزانيات بعشرات المليارات سواء فى تطوير وتنمية والحفاظ على مواردها المائية.. أو الاستفادة وإعادة تدوير هذه الموارد لأغراض وأهداف التوسع الزراعى وزيادة الرقعة الزراعية من خلال محطات معالجة مياه الصرف الزراعى وإعادة تدويرها الأكبر فى العالم.

والحقيقة أن مصر أمام تحد كبير ما بين محدودية مواردها المائية فى ظل النمو السكانى المرتفع أو العشوائى وهو ما يحتاج أمرين الأول كبح جماح الزيادة السكانية وإعادتها إلى حالة التوازن مع موارد الدولة بالمفهوم الشامل ومنها الموارد المائية وهو ما يهدد بالفقر المائي.. وأيضاً رؤية الدولة فى التوسع وزيادة الرقعة الزراعية وخلق مجتمعات زراعية وعمرانية وسكانية ترتكز على الإنتاج والتصنيع لمجابهة الزيادة السكانية وزيادة موارد الدولة وتوفير فرص العمل وتحقيق أكبر قدر ممكن من الاكتفاء الذاتي.

الحقيقة أيضاً.. أننا أمام دولة تبنى «زى ما بيقول الكتاب» وفق رؤية شاملة لا يغيب عنها أى مجال أو قطاع. ولم تنس مصر خلال هذه الرؤية الاهتمام غير المسبوق بمواردها المائية.. فأطلقت استراتيجية متكاملة رصدت لها ميزانية ضخمة لإيمانها بأهمية المياه وحتمية الحفاظ عليها وإعادة استخدامها بشكل آمن ووفق المعايير والمواصفات القياسية العالمية من خلال معالجات ثنائية وثلاثية. طموح الدولة المصرية غير محدود.. وفى زخم المشروعات العملاقة فى كافة المجالات والقطاعات.. يأتى الاهتمام بالموارد المائية من خلال العديد من المسارات والمشروعات والوسائل التى تجسد رؤية وإرادة الدولة فى هذا المجال.

وتضمنت استراتيجية الدولة المصرية لتنمية وتطوير والحفاظ على الموارد المائية العديد من المشروعات. أولاً: توسعت مصر فى إقامة محطات معالجة الصرف الزراعي.. وأقامت عدداً كبيراً من المحطات العملاقة مثل محطة المحسمة لمعالجة وتدوير وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى بطاقة مليون و250 ألف متر مكعب يومياً لزراعة أكثر من 200 ألف فدان وقد حصلت محطة المحسمة لمعالجة مياه الصرف الزراعى لتوفير مياه الرى الصالحة على أفضل عمل إنشائى فى العالم لعام 2020 ضمن قائمة ضمت 30 مشروعاً من 12 دولة طبقاً لمجلة «انجينيرنج نيوز ريكورد» (ENR).

وجار العمل فى «الحمام» لمعالجة وإعادة استخدام وتدوير مياه الصرف الزراعى التى كانت تلقى فى الصحراء والبحر دون أى استفادة وبطاقة إنتاجية ٦ ملايين متر مكعب كمصدر رئيسى لرى ما يقرب من 600 ألف فدان ضمن المشروع العملاق الدلتا الجديدة الذى يستهدف زراعة ٢.٢ مليون فدان وهى نقلة كبيرة وغير مسبوقة فى مجال التوسع فى الرقعة الزراعية وخلق مجتمعات زراعية وسكانية ترتكز على الإنتاج والتصنيع وتستوعب الزيادة السكانية وتساهم فى توفير احتياجات المصريين بشكل آمن كما توفر فرص عمل بالآلاف للشباب فى وسط سيناء. خلال ساعات تفتتح محطة معالجة مياه مصرف «بحر البقر» لإعادة تدويرها واستخدامها لزراعة ما يقرب من 500 ألف فدان فى سيناء.. وهى المحطة الأضخم والأكبر على مستوى العالم تنتج يومياً ٦.٥ مليون متر مكعب بعد معالجتها.. وبعد أن كانت تلقى هذه المياه فى الصحراء والبحر دون أى استفادة منها بعد معالجتها ولأن «مصر ـ السيسي» دائماً تصنع الفارق وتفكر خارج الصندوق ومشغولة بالتحديات المصرية فإنها لا تهدر أى مورد بل دائماً تنفذ مشروعات عملاقة وغير مسبوقة تحقق النماء والتنمية والخير للمصريين وتؤمن احتياجاتهم وتحافظ على مواردهم المائية التى هى عصب الحياة والتنمية. محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر دخلت موسوعة جينيس كأكبر وأضخم محطة فى العالم لمعالجة ٧.١ مليار متر مكعب وتحولها إلى مياه صالحة للزراعة بنسبة 100٪ وتزيد تكلفتها على ٨١ مليار جنيه وستحدث نقلة نوعية غير مسبوقة فى مجال الزراعة فى سيناء والعمران والإنتاج والتصنيع وتوفير آلاف من فرص العمل وهو ما يعزز الأمن القومى فى هذه البقعة الغالية التى تمضى تنميتها كمطلب استراتيجى وفق برنامج تنموى وصلت ميزانيته لما يقرب من 700 مليار جنيه.

هناك فكر خلاق تتبناه الدولة المصرية فى التعامل مع الموارد المائية والحفاظ عليها وإعادة استخدامها والسعى لزيادتها.. لذلك جاء المشروع القومى العملاق بتبطين الترع لمسافة 20 ألف كيلو متر لزيادة فاعلية الرى ووصول المياه إلى نهايات الترع ووصولها إلى الأراضى بشكل أسرع والحفاظ على المياه والبيئة أيضاً وقد أنجزت الدولة إلى الآن 3600 كيلو متر من الترع وتسعى الدولة إلى تنفيذ 20 كيلو مترا يومياً كتبطين للترع بدلاً من ٢١ كيلو وكانت الدولة فى العقود الماضية لا تستطيع تبطين أكثر من ٢١ كيلو سنوياً وليس يومياً لتكتشف الفارق بين أداء الدولة فى العقود الماضية والأداء الذى يسابق الزمن ويحطم الأرقام والمعدلات القياسية فى «مصر ـ السيسي».

ثانياً: الدولة أيضاً تعمل فى اتجاه آخر مواز لجهودها فى إقامة المحطات الجديدة وهو تطوير ورفع كفاءة المحطات القديمة التى حسب علمي.. إحلال وتجديد ٩ محطات رفع عملاقة بتكلفة تصل إلى أكثر من 800 مليار جنيه.

الحقيقة الثابتة أن الدولة تعمل منذ ٧ سنوات بجدية وإرادة غير مسبوقة سواء فى مجال تنفيذ سدود لجمع مياه الأمطار وبناء محطات معالجة أو ترشيد المياه باستخدام نظم الرى الحديثة أو الذكية وتبطين الترع وأعمال الحماية من السيول واكتشاف وإدارة المياه الجوفية بشكل علمى صحيح وكذلك تجنب الزراعات الشرهة والتى تحتاج إلى مياه كثيرة مثل الأرز والقصب والموز وفق رؤية عبقرية لتحقيق الأمن المائى المصرى وتوفير احتياجات الزراعة وأيضاً احتياجات المصريين فى ظل الزيادة السكانية ومحدودية الموارد المائية المصرية والتى تأتى على رأسها حصة مصر من مياه النيل وقدرها ٥٥ مليار متر مكعب سنوياً من خلال مبدأ مهم أن الدولة لن تسمح بوجود أزمة مياه.

ثالثــاً: اتجهــت الـــدولة المصــــرية فى عهـــد الرئيس عبدالفتاح السيسى للتوسع فى إنشاء محطات تحلية مياه البحر بطول السواحل المصرية الممتدة على مساحة ٣ آلاف كيلو متر لإنتاج ما يوفر احتياجات بعض المحافظات.. فهناك خطة لإنشاء ٨٣ محطة تحلية مياه حتى ٠٥٠٢ موزعة على ٢١ محافظة وإنشاء ٨ محطات فى «مطروح» وحدها للتوسع الزراعى وعدم الاعتماد على الإسكندرية فى نقل مياه الشرب.

الدولة المصرية تفكر فى المستقبل وتتعامل مع تحدياتها برؤية ثاقبة وشاملة وإرادة صلبة تمضى بنفس وتيرة الأداء المتصاعد والعمل وفق روح وطنية خلاقة تشمل كل المجالات والقطاعات.. فالقيادة السياسية أدركت مبكراً أن هناك تحدياً كبيراً فى مجال توفير المياه والموارد المائية فى ظل محدوديتها.. وأيضاً الزيادة السكانية والتوسعات العمرانية والزراعية غير المسبوقة.. فكان لابد من الاستباق أو العمل فى وقت متزامن بين خطة البناء وتوفير الموارد المائية وترشيدها والحفاظ عليها أو معالجتها وإعادة تدويرها أو إقامة محطات لتحلية مياه البحر أو تبطين الترع واتباع نظم الرى الحديثة والذكية وخفض الزراعات الشرهة للمياه أو إيجاد حلول أخرى علمية والاستفادة من مياه الأمطار والسيول.. واكتشاف وإدارة المياه الجوفية. فى اعتقادى أن مجال الموارد المائية يشهد ملحمة شأنه شأن جميع المجالات والقطاعات الأخري.. فالرئيس السيسى يفكر فى وطنه وفق رؤية تستشرف المستقبل والقضاء على التحديات وتوفير احتياجات الحاضر والمستقبل لذلك يشهد مجال الموارد المائية طفرة جريئة وفق رؤية وإرادة والأخذ بأحدث أساليب العلم والتكنولوجيا لم يفكر فيها أى رئيس من قبل لتنعم مصر وشعبها بالتخلص من الأزمات.

محطة مياه مصرف بحر البقر هى ملحمة مصرية جديدة.. تصلح عنواناً لدولة الأرقام القياسية.. فالمحطة هى الأكبر فى العالم.. ودخلت موسوعة «جينيس» وما أكثر المشروعات المصرية التى أصبحت الأفضل والأضخم فى العالم.. ولدينا مبادرات أيضاً تعد نموذجاً فى العالم مثل مبادرة «حياة كريمة»  التى أطلقت المشروع الأكبر فى العالم وهو تنمية وتطوير الريف المصرى والذى حظى بشهادة وتقدير أممى كنموذج لتحقيق التنمية المستدامة وأيضاً تغيير حياة ما يقرب من ٨٥ مليون مواطن ليكون مثالاً حقيقياً فى مجال حقوق الإنسان ويتضمن هذا المشروع الأعظم مشروعاً عملاقاً هو تبطين الترع الذى يحقق عوائد وفوائد لصالح الثروة المائية والزراعة والفلاح والبيئة ويعد نموذجاً للفكر الشامل والخلاق الأكثر شمولاً وطموحاً. إننا نتحدث عن دولة تبنى بأعلى المواصفات القياسية.. ورئيس يتابع على مدار الساعة كل صغيرة وكبيرة ويطمئن بنفسه على مشروعات البناء.. ويمتلك رؤية شاملة لتطوير كل المجالات والقطاعات لذلك فإن محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر نموذج للإبداع فى البناء ومواجهة التحديات وتحقيق الطموحات فى أعلى معايير التنمية والتوسع الزراعى والعمرانى والصناعى والإنتاجى ليكون أمام دولة رائدة فى الفكر الخلاق والبناء العبقري. 

Dr.Randa
Dr.Radwa