توجيهات حاسمة أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم لمواجهة التعديات على الأراضي الزراعية والمنشآت المائية خلال 6 أشهر، وهو أمر وصفه خبراء في الموارد المائية بأنه أمر هام لمواجهة تلك التعديات التي تعد إجراما على الأراضي الزراعية وتهدد الأمن الغذائي، موضحين أن مشروعات الدولة في مجال الزراعة والري تسهم في تحقيق التنمية الشاملة.
وافتتح الرئيس السيسي صباح اليوم، محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر التي تعد الأضخم من نوعها على مستوى العالم بتكلفة حوالي 18 مليار جنيه وبطاقة إنتاجية 5.6 مليون متر مكعب في اليوم من المياه المعالجة ثلاثياً، وسيتم نقلها إلى أراضي شمال سيناء لتساهم في استصلاح 476 ألف فدان في اطار المشروع القومي لتنمية سيناء ولتعزيز منظومة الاستخدام الأمثل للموارد المائية للدولة".
وأكّد السيسي ضرورة التصدي بحسم للتعديات على الأراضي الزراعية والمجاري المائية، حيث قال: "مش مقبول التعدي على الجسور والبناء على الأراضي الزراعية بهذا السلوك وهذا المسار أنتوا كدا بتهدوا بلدكوا والله وهذا السلوك هدم لقدرة البلد ومحدش بيعمل كده في بلده"، ووجّه وزارة الداخلية والمحافظات المعنية بإزالة كل التعديات على المنشآت المائية خلال 6 أشهر.
توجيهات حاسمة
وفي هذا السياق، قال الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الري الأسبق، إن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتصدي للتعديات على الأراضي الزراعية والجسور والترع والمنشآت المائية خلال 6 أشهر تحمل أهمية كبرى، في ظل خطورة تلك التعديات لأنها تأخذ أجزاء من الجسور والترع والمسطحات المائية وتشمل أيضا المجاري المائية.
وأضاف القوصي، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الأمر يصل في بعض الأحيان إلى ردم المجاري المائية والبناء عليها أو زراعتها، مشددا على أن تلك التعديات تحمل خطورة كبيرة على الموارد المائية والزراعية في مصر، وقد عانت وزارة الري والزراعة أيضا من تلك التعديات على مر السنوات من تلك الانتهاكات.
وأشار إلى أن مواجهتها كان يحتاج إلى حملات مستمرة تشمل الأجهزة الأمنية والمسئولين التنفيذيين في الحكومة والمحليات، وجاءت توجيهات الرئيس السيسي اليوم حاسمة، حيث حدد مهلة زمنية وهي 6 أشهر مع اتخاذ إجراءات أخرى منها نزول قوات الجيش إذا تطلب الأمر وكذلك رفع الدعم عن المعتدين على الأراضي والمنشآت المائية.
وأوضح أن مصرف بحر البقر كان مصرفا ملوثا بمياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي ولكن كميات المياه به كبيرة وتصل إلى الملايين من الأمتار، ومعالجة هذه المياه وإعادة استخدامها سيضيف إلى المنصرف إلى ترعة السلام في شبه جزيرة سيناء كميات كبيرة، مضيفا أن المحطة نفسها هي أضخم محطات معالجة المياه في العالم.
وأكد أن المحطة هيل حل مثالي بدلا من اللجوء إلى تحلية مياه البحر، حيث ستعمل المحطة على معالجة مياه المصرف وإيصالها مع مياه ترعة السلام إلى داخل شبه جزيرة سيناء، بما يسهم في تنمية سيناء واستصلاح أراضي جديدة تقدر بنحو 476 ألف فدان، وفقا للبيانات الرسمية.
مواجهة صارمة
ومن جانبه، قال الدكتور أحمد فوزي دياب، الخبير المائي وأستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء، إن الحفاظ على المجاري المائية والمنشآت مثل الترع والجسور أمر هام للغاية، فقانون الموارد المائية الجديد نص على منح الضبطية القضائية للمسئولين بهدف الحفاظ على المجاري المائية من أية تعديات لأن ذلك أمر هام ومقدس.
وأوضح دياب في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه يجب التصدي لكل التعديات على الأراضي الزراعية والمجاري المائية بكل الإجراءات اللازمة ويجب أن يتم ذلك بصرامة، مضيفا أن مصر تعاني من عجز مائي بمقدار 50 مليار متر مكعب، وهي في حاجة إلى المياه المستحدثة وهي المياه المعالجة سواء الخاصة بالصرف الصحي أو الزراعي أو الصناعي.
وأكد أن المياه المستحدثة أو المعالجة تستخدم في الاستزراع لسد الفجوة الغذائية المصرية التي تتجاوز 40%، لذلك من المهم التوسع في تنفيذ المشروعات المماثلة لمشروع محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، أيا كانت التكاليف، مضيفا أن التوسع في هذه المشروعات منعا لإهدار أية نقطة مياه إلى البحر دون استغلالها.
وأشار الخبير المائي إلى أن مصرف بحر البقر كان يحتوي على كم كبير من الملوثات ومياه الصرف الزراعي والصحي والصناعي والتي كانت تؤثر على كل الحياة حول منطقة المصرف، مضيفا أن معالجة تلك المياه وكذلك معالجة الرواسب القاعية في مصرف بحر البقر سيحل الكثير من المشاكل وينعكس على صحة المواطنين والإنتاجية الزراعية.
وأضاف أن محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر لا تقتصر فقط على توفير المياه المستحدثة بل أنها ستعمل على تحسين الوضع البيئي والصحي والإنتاجي حول منطقة المصرف، وكذلك ستدعم جهود تنمية سيناء وتنقل المياه إلى أرض الفيروز وبالتالي سيتم استزراع مناطق جديدة لم تزرع من قبل وتوفير غذاء للشعب المصري وتوفير فرص عمل للشباب بما يصب في الصالح العام للدولة.
التعديات عمل إجرامي
فيما قال الدكتور علي إسماعيل، وكيل معهد بحوث الأراضي والمياه بوزارة الزراعة، إن محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر هي واحدة من المشروعات التي تعيد بناء الزراعة المصرية وتوفير مائية إضافية بجودة عالية، بعد إنشاء أكبر محطة معالجة لمياه الصرف الصحي والزراعي في العالم، والتي دخلت في موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية.
وأكد في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذه المحطة تقدر طاقتها بـ5.6 مليون متر مكعب من المياه المعالجة معالجة ثلاثية، والصالحة للزراعة، مضيفا أن الهدف هو الحفاظ على أراضي سيناء البكر ليدخلها مياه بدون أي تلوث ويعاد الاستغلال الأمثل لهذه الموارد المائية لاستصلاح ما يقرب من 500 ألف فدان في سيناء.
وأضاف إسماعيل أن ذلك يجعل سيناء تتحول بالفعل إلى الآمال والطموحات التي تستهدفها الدولة من خلال محاربة الإرهاب بالتنمية لتوطين السكان، وإشراك سيناء في مسار التنمية في كل القطاعات ومن بينها الزراعة لتكون بين سلة غذاء مصر، موضحا أن توجيهات الرئيس السيسي بشأن التصدي للتعديات على الأراضي الزراعية هامة للغاية.
وأشار إلى أن أي فدان يستقطع من الأراضي الزراعية بسبب التعديات والبناء يحرم 20 أسرة مصرية من غذائهم، وكذلك استصلاح الفدان الواحد يتكلف ما يقرب من 300 ألف جنيه لاستكمال البنية التحتية وكل المرافق، وهي تكلفة كبيرة لا يقدر عليها المواطن العادي ولا المستثمر، فالتعدي على تلك الأراضي بالبناء وتصحيرها أمر خطير يضر بالأمن الغذائي المصري والأمن القومي.
وأوضح أن الأمر نفسه ينطبق على التعدي على المجاري المائية وتلويثها الذي يضر بمصر ومستقبل الأجيال القادمة، مضيفا أنه تم تقديم مشروع بمصادرة أراضي كل من يتعدى بالبناء على الأراضي الزراعية لأن هذا العمل إجرامي، وجاءت توجيهات الرئيس السيسي اليوم بإلغاء الدعم عن المعتدين على الأراضي كإجراءات هامة لمواجهة هؤلاء الذين يضرون بالشعب والأجيال الجديدة.