الإثنين 29 ابريل 2024

21 عامًا على استشهاده.. والد محمد الدرة: ذكراه لن تغيب.. ومصر هى الأم الحاضنة للقضية الفلسطينية (حوار)

والدة ووالدة الشهيد محمد الدرة

تحقيقات29-9-2021 | 18:07

أماني محمد

ذكرى محمد لن تغيب عنا ليوم واحد ولن تغيب عن أمتنا

أوضاع أطفال فلسطين هو القتل والإبادة والسجون

والعالم يغض النظر عن جرائم الاحتلال ويدين الضحية

الانتفاضة الفلسطينية لن تختفي بل مستمرة

حلنا الوحيد هو وحدتنا وإنهاء الانقسام البغيض وتوحيد صفنا

مصر الأم الحاضنة للقضية الفلسطينية، وهي قضيتها الأولى

لن تتوانى مصر في دفاعها عن القضية الفلسطينية والشعب

 

مشهد حزين تابعه العالم أجمع قبل 21 عاما، حين اخترق رصاص الاحتلال صدر الطفل محمد الدرة وهو في أحضان والده، في صورة لا تزال خالدة في وجدان العالم وأثارت حينها موجات من الغضب العالمي ليصبح بعدها الطفل محمد الدرة رمزا للانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأيقونة حاضرة لا تغيب حتى اليوم للانتفاضة الثانية ولكل أطفال فلسطين.

وتحلّ غدًا 30 سبتمبر، ذكرى استشهاد محمد الدرة، فهو الطفل الذي حاول والده جمال الدرة حمايته وإخفائه من رصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال قمعه للانتفاضة الفلسطينية الثانية، التي اندلعت في العام 2000، فأمطرت قوات الاحتلال جسدهما بوابل من الرصاص حتى أودت النيران بحياة الصغير الذي لم يكن عمره حينها يتجاوز 12 عامًا.

وعن تفاصيل هذا اليوم وما حدث منذ استشهاد محمد الدرة، كشف والده جمال الدرة في حواره لبوابة "دار الهلال"، أن كل تلك السنوات مرت كأنها ثواني وأنه ما يزال يعيش الألم نفسه، مؤكدًا أن ذكراه لن تغيب عن الأسرة أو الشعب الفلسطيني ليوم واحد ولن تغيب عن أمتنا، مؤكّدًا أن الله سبحانه وتعالى أكرمه بمحمد الثاني وهو الآن 19 عامًا والذي يحمل الشبه نفسه والشخصية ذاتها، وإلى نص الحوار: 

ما شعورك اليوم بعد مرور 21 عامًا على استشهاد نجلك؟

مرور 21 عامًا على استشهاد ابني في أحضاني هي عبارة عندي كأنها 21 ثانية، وما أزال أعيش الحدث بسبب ألم الفقدان والإصابات التي لا تزال تؤملني ولم أتعافى منها إلى الآن، والحمد لله على كرمه الذي أكرمني به وأكرمني بمحمد الثاني وهو الآن 19 عاما، ويحمل الشبه نفسه والشخصية ذاتها.

كيف كان شعورك في لحظة استشهاده بين يديك وتفاصيل ما جرى وقتها؟

كان شعوري شعور ألم كبير جدًا، على فقد فلذة كبدي الذي تم قتله وأنا أحميه بكل ما استطيع من قوة، لكن تم قتلة بدم بارد من قبل الاحتلال الصهيوني الغاشم.

قبل استشهاده وتحديدًا في 28 سبتمبر 2000، دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها شارون المسجد الأقصى بحماية جنود الاحتلال الصهيوني وللأسف الأقصى يدنس يوميًا على مرأى ومسمع من الأمة العربية والإسلامية ولم يحركوا ساكنًا، وفي يوم 30 من الشهر نفسه، ذهبت أنا وابني إلى سوق السيارات لشراء سيارة أكبر من التي معي، وكان هذا طلب محمد، وكان يريد أن يختار السيارة بنفسه.

واصطحبته معي من مكان سكني في البريج إلى غزة، ووصلنا سوق السيارات ولم يجد محمد طلبه، وتوجهنا ثانية في ركوب سيارة والرجوع إلى سكني في البريج، وقبل وصولنا إلى المفترق ما بين غزة والبريج كان الطريق مغلقًا بالحجارة، وطبعا نزلنا من السيارة ووصلنا إلى المفترق وكان يسمى في عهد المصريين مفترق البوليس الحربي كان عليه كمين مصري قبل احتلال غزة.

وبعد ذلك سُمي بمفترق نتساريم نسبة لمستوطنة بنيت على بحر غزة، وعندما وصلنا إلى المفترق تم إطلاق الرصاص علينا واختبأت أنا وأبني في هذا المكان الذي شاهدة العالم كله وتم إطلاق الرصاص عليّ وعلى ابني، اقسم بالله أقوى من زخات المطر، وحاولت أن أحمي ابني بكل ما أستطيع من قوة، وكنت أتلقّى الرصاص في يدي وفي جسمي كله كي لا يصل إلى ابني، ولكن كان قضاء الله أكبر من كل شيء واستشهد ابني في أحضاني وأنا امتلئ جسدي بالرصاص والإصابات.

وماذا دار بينك وبين محمد في اللحظات الأخيرة؟

سألني محمد لماذا يطلقون علينا الرصاص، وكررها ثلاث مرات، طبعًا لم أرد عليه لأن همي كان حمايته، وبعد وقت أصيب بأول رصاصة في ركبته اليمنى، وصرخ وقال لي أصابوني الكلاب وكررها ثلاث مرات، فقلت له لا تخف الآن تأتي سيارة إسعاف وتنقلنا من هذا المكان، فكان رده عليّ "لا تخف يا أبي أنا أتحمل"، وكان يمدني بالقوة وبعد وقت من الزمن لما أسمع ابني يتكلم معي، وأنا كنت أتلقّى الرصاص بيدي وجسدي وامتلأ جسدي بالرصاص، فنظرت إلى ابني فإذا رأسه على رجلي اليمين الممزقة بالرصاص وظهره فوق ويوجد به فتحة كبيرة فأيقنت أن ابني استشهد في هذا المكان.

أثار استشهاد محمد حالة من الغضب وخرجت مظاهرات منددة حينها.. هل زال هذا الحراك اليوم؟

نعم صحيح أثار استشهاد محمد حالة من الغضب والغليان في كل العالم وخرجت مظاهرات منددة حينها لأن مشهد استشهاده كان يبث بثًا حيًا ومباشرًا على شاشات التلفاز حتى أثير غضب دولي على سياسة الاحتلال الصهيوني، وانتفضت كل الشوارع والمدن والعواصم العربية تنديدًا بالاحتلال.

وبالطبع هذا الحراك لم يبقى كما كان في السابق لأسباب عدّة، فاليوم الوضع العربي للأسف مفتت بسبب الأوضاع التي تدور في أمتنا العربية من قتل ودمار.

كيف تحيي الأسرة ذكرى استشهاد محمد الدرة في كل عام وماذا عن العام الحالي؟

ذكرى محمد لن تغيب عنا ليوم واحد ولن تغيب عن أمتنا وتاريخ استشهاده مميز، لأنه في كل حرب أو عدوان على غزة أو أي أحداث يتم نشر مشاهد استشهاد محمد، وتحيي ذكراه الكثير من المحطات العربية، وحتى أجيال ولدت بعد استشهاد محمد بسنوات تتواصل معي وتحيي ذكراه، فمحمد هو ابن فلسطين وابن الأمة العربية والإسلامية وابن أحرار العالم.

ما هي أوضاع أطفال فلسطين تحت وطأة الاحتلال طوال تلك السنوات وحتى اليوم؟

أوضاع أطفال فلسطين هو القتل والإبادة والسجون وهذا في عقيدتهم المزيفة بأن الطفل العربي هو أفعي ويجب قتل الأفاعي قبل أن تكبر، وما زالت عملية قتل وحرق الأطفال وسجنهم إلى يومنا هذا ومستمر، فقتل الطفل فارس عودة، والطفلة إيمان حجو، وقتل طفلة داخلة إلى المدرسة من عائلة الأسطل مع التفنن في قتلها من قبل قناصة الاحتلال.

وكذلك مشهد قتل وحرق الطفل محمد خضير، وقتل أطفال وحرقهم في بيتهم عائلة دوابشة وهناك كثير من أطفالنا تم قتلهم وحرقهم بدم بارد، وأنا أسأل لو كان هذا عملا فلسطينيا في قتل أطفال وحرقهم من الجانب الصهيوني لانقلبت الدنيا وما قعدت على رأس شعبنا ولسمعنا الشجب والاستنكار والإدانة.

وهل نسينا مذبحة ومجزرة مدرسة بحر البقر في مصر، فما ذنب هؤلاء الأطفال ولم تم استهدافهم.

كيف يمكن فضح وتوثيق جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وتوضيحها للعالم؟

جرائم الاحتلال الصهيوني في حق شعبنا الفلسطيني والعربي ومجزرة بحر البقر في مصر موثقة وجاءت لجان دولية إلى غزة ووثقت جرائم الاحتلال الصهيوني في حق شعبنا ولن يستطيعوا إظهارها أمام المحاكم الدولية، وبعض دول العالم وللأسف هم أصحاب القرار يشاهد في بث مباشر جرائم الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني ولن يحركوا ساكن وهذا بسبب الضعف العربي.

والعالم يغض النظر عن جرائم الاحتلال ويدين الضحية ويسانده في جرائمه ضدنا وشعبنا يقتل بأسلحة أمريكية، حتي القرارات الدولية والأممية للأسف لن تستطيع إدانة الاحتلال الصهيوني الذي احتل أرضنا وطرد شعبنا الفلسطيني من أرضه وهجره وارتكب فيه أبشع المجازر وما زال مستمرا.

هل اختفت الانتفاضة الفلسطينية أم أنها مستمرة ؟

الانتفاضة الفلسطينية لن تختفي بل مستمرة وذلك من تاريخ احتلال فلسطين إلى يومنا هذا ما دام الاحتلال موجود والانتفاضة مستمرة ومقاومة المحتل مستمرة حتى رحيل المحتل عن أرضنا.

كيف رأيت انتفاضة أهالي القدس والشيخ جراح قبل أشهر؟

انتفاضة أهلنا وشعبنا في القدس والشيخ جراح هو دفاعا عن مسرى النبي محمد صل الله عليه وسلم، وانتفض الكل الفلسطيني على أرض فلسطين المحتلة في الداخل المحتل والضفة وغزة وهذا بسبب التهجير القصري والعنصري لشعبنا، ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم واجب ديني على كل مسلم ومسلمة في الدفاع عنه شعبنا في القدس والشيخ جراح والكل الفلسطيني يدافع عن كرامة أمة قائدها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

هل أثّر الانقسام الفلسطيني على الشعب والقضية الفلسطينية ككل وكيف يمكن مواجهته؟

نعم الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني أثر على القضية الفلسطينية وعلى الشعب وأضعف القضية الفلسطينية ودمر مستقبل أبناء شعبنا من خريجين من الجامعات لا يوجد وظائف لهم، عمال بلا عمل، حصار، دمار شامل، بطالة، أصبحنا اليوم حكومة في رام الله برئيس مستقلة وحكومة في غزة مستقلة وكل واحد بقرار وينقص غزة رئيس، نتنازع الآن على كراسي ومناصب ونحن تحت احتلال.

حلنا الوحيد هو وحدتنا وإنهاء الانقسام البغيض وتوحيد صفنا وكلمتنا لمواجهة هذا الاحتلال، فالتفرقة ضعف والاتحاد قوة، فقال الله تعالى في كتابه الكريم (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) فاستمرار الانقسام الفلسطيني هو تكريس للاحتلال.

ما هي رسالتكم للقادة الفلسطينيين وللعالم أجمع في الوقت الحالي؟

رسالتي إلى قادة شعبنا هو إنهاء الانقسام الفلسطيني وتوحيد الصف الفلسطيني وتوحيد الكلمة الفلسطينية والقرار الفلسطيني وجمع الكل الفلسطيني بدون استثناء أحد وحدتنا قوتنا وتفرقنا ضعفنا.

ورسالتي إلى العالم هو الوقوف إلى جانب شعبنا وقضيتنا وإنهاء الاحتلال، نريد أن يعيش شعبنا وأبنائنا مثل شعوب العالم وأطفال العالم في أمن وأمان واستقرار بدون حروب وقتل ودمار.

ما تعليقك على الدور المصري حاليا في تثبيت وقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة وما تحقق فيه حتى الآن؟

 الدور المصري ليس بجديد بل الدور المصري هو عبر التاريخ في فلسطين وهو دور الأم الحاضنة للقضية الفلسطينية، والقضية الفلسطينية هي قضيتها الأولى ولن تتوانى مصر في دفاعها عن القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، ودائما مصر هي من تتصدى للجم العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني وما زالت قضية الإعمار في غزة مستمرة وإزالة المباني المدمرة وهذا العمل يأخذ جهد ووقت.

في رأيك ما هو المطلوب للوصول لحل القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال؟

المطلوب أولا هو إنهاء الانقسام الفلسطيني وتوحيد الصف الفلسطيني والقرار الفلسطيني، وإنهاء الصراعات في دولنا العربية لتحقيق الأمن والأمان لأبناء أمتنا العربية واستقرار دولنا العربية، وتوحيد الدول العربية وحدة واحدة بقيادة أم الدنيا كلها مصر، لأنه بدون مصر لن يكون هناك أمة مصر هي الأم الحاضنة لأبناء أمتنا، من هنا يكون الحل للقضية الفلسطينية.

Dr.Randa
Dr.Radwa