الأربعاء 26 يونيو 2024

الندوة الرئيسية "المسرح والموسيقي بثلاثة محاور"

28-5-2017 | 10:11

نظم مهرجان ليالي المسرح الحر الدولي ندوة رئيسية لهذه الدورة تحت عنوان"المسرح والموسيقى، بثلاثة محاور، وأقيمت بالتعاون مع كلية الفنون والتصميم - قسم الفنون المسرحية في الجامعة الاردنية وجاء المحور الاول بعنوان" التلاقح المتبادل بين الفنون في المسرح للدكتور سامح مهران . مصر، والذي قال: هناك وظيفتان للفن،الوظيفة المسرحية،وهي متعلقة بالنص(الحبكة والشخصية واللغة والفكر)، ثم الموسيقى والمنظر، وهما يمثلان الوظيفة الادائية التي تجاهلها"ارسطو" كليا وقال مهران إن العالم الآن يتجه نحو الوظيفة الادائية، حيث الاهتمام بالصورة، والجسد والموسيقى،وبالمؤدي"وليس الممثل"بمعنى أنه يعطي مساحة واسعة للارتجال، والتفرقة بين الممثل والمؤدي قائمة على ان المؤدي هو بمثابة مؤلف آخر للعرض، اذ يمتلك سيرة ذاتية، تشتبك مع المواقف والاشياء المعلنة، بحيث يمزج الذاتي والموضوعي، في وحدة واحدة .

وأضاف مهران: كان أول من دقّ مسماراً في نعش الشخصية، هم مؤلفو العبث المعروفون، ولحق بهم "جان جينيه" فلم تعد الشخصية حاملة للقيم سواء الاجتماعية أو الاخلاقية أو السياسية، ولا تسمع سوى صدى صوتها، وتدخل ازمة حواراتها بما يكرس لفكرة انقسامها وتشظيّها، وتبدد المعنى وتبدد القوة، مسهمين في بزوغ فجر المؤدي.

ونوّه مهران إلى أن لدينا ثلاث محطات رئيسية، أولها" ديدرو"عندما قال، لابد من وضع الحقيقة للتأكد المرئي، وقد تعارض الصورة، المشهد المكتوب، لأن الكلمة لطالما استخدمت من قبل الطبقات المسيطرة.. والمحطة الثانية فاجنر الذي دعا إلى التلاقح بين الفنون، معيدا التفكير في الفنون الفردية واّلياتها وحدودها التعبيرية، وجاء الناقد السوفياتي موكاروفسكي ليعيد التذكير بافكار فاغنر داعيا الى انصهار الفنون جميعها في المسرح في وحدة واحدة بحيث تفقد استقلاليتها.. اما المحطة الثالثة "اّرتو" الذي قال بإنه لابد من استخدام السيرك والموسيقى والسينما والحياة ذاتها بكل تناقضاتها، وتشكيلاتها المجنونة، ونقلها إلى فضاء المسرح، داعيا إلى فصل الفن عن الثقافة، للعثور على الحياة ذاتها، من خلال ممارسة القوة، وقوة الممارسة.

وقدمت شادية زيتون- نقيبة الفنانين المحترفين - ورقة بعنوان: "الموسيقى والممثل والنسيج السينوغرافي" حيث أكدت من خلالها على أن السينوغرافيا تمثل ركنا أصيلا في العرض المسرحي، وفي تحديد شكل العلاقة بين مكونات العرض المسرحي، وبين الممثل، وكذلك بين مجمل العرض المسرحي والمتلقي. وذلك من خلال إبراز جماليات مجمل المشهد الحركي والسمعي والبصري، والتأثير على المتلقي بالإبهار والجمال.وتقول: لقد تطورت فنون الديكور في المسرح وأصبح لها تخصص اكاديمي، ودخلت في ثنايا، بل صميم اللعبة الإبداعية، إلا ان شطحات وخيال صناع المسرح ذهب بهذه الحوامل إلى بعيد، ومع جنوح تيارات المسرح إلى التعبير والرمز والتكثيف والاختزال، وصل الحال إلى القول بأن كل هذا عبارة عن "مكياج" وان الأصل في المسرح هو الممثل ودقة اتصاله بالمتفرجين وتأثيره عليهم، وان خشبة المسرح أو منصته هي الأقدر على منح الخيال للمتفرج وتحريكه وتحفيزه، كلما كانت خالية من تلك الجماليات.. وفي السابق كان المسرحي يتعامل مع هذه المفردات منفصلة، فالديكور له مهندسه والملابس لها مصممها والإنارة لها من يديرها ويضع لها الخطوط العريضة.. إلى أن خرج علينا مفهوم السينوغرافيا الذي جمع المفردات كلها وأضاف لها حتى الهواء الذي يختزنه فضاء العلبة المسرحية،، فدخل أيضا الممثل وحركة الجسد كنوع من النحت في الفراغ. فأين ذهبت السينوغرافيا بالمسرح في عصرنا الحالي؟ في كتابه الشهير «نظرية العرض المسرحي» يقول جوليان هلتون: إن النظرة الطبيعية إلى الديكور قد تولدت من رغبة في إصلاح مسار المسرح وتحويله إلى مكان يدفع المتفرجين إلى تأمل الوضع الإنساني وتحويله إلى مكان يدفع المتفرجين لتأمل الوضع الإنساني تأملا صادقا وجادا، لكن النتيجة جاءت عكسية من ناحية الأثر الجمالي، فبدلا من أن يشحذ الديكور الطبيعي خيال المتفرج للتأمل والتدخل في تفسير الأحداث،قام بإقصائه تماما وحول المتفرج إلى عنصر سلبي.ويشير هلتون إلى أن الموقف الشكسبيري يضع خيال المتفرج من ثم المكان المسرحي المتخيل في الصدارة، بينما يتطلب الموقف الطبيعي أن يكون الديكور صورة ناطقة فصيحة تقنع المتفرج بصدقها من خلال دقة التفاصيل البصرية والصدق في تصوير البيئة .

في المحور الثالث"لغة الموسيقى ونسق العرض المسرحي"تحدث د. سعيد كريمي من المغرب، وقال: ارتبطت الموسيقى بالمسرح ارتباطا عضويا منذ نشأته أيام اليونان، وعبرت التراجيديا اليونانية عن هذا الحضور المتميز للموسيقى، ولاحقا من خلال امتداد المسرح الروماني، وفي القرون الوسطى، بعد موت التراجيديا، تم إقحام ألوان موسيقية تتماشى مع طبيعة تطورات العصور الوسطى الخاضعة لسلطة الكنيسة.

واضاف د. كريمي :لاحقا برزت تقليعات من الفنيات الجمالية التي أعادت للموسيقى بهاءها، فكان أن وضعنا - شكسبير- أمام أجواء خاصة لنوعية من الموسيقى المرافقة للعرض، على اعتبار ان النص الموسيقي مرافق للنص المسرحي

ويؤكد د. كريمي على دور الموسيقى ويقول: الموسيقى تلعب وظائف مختلفة، ليست فقط للمرافقة، او اعتباطا، انما لغة قد تكون مستقلة احيانا، لكنها متداخلة مع بقية العناصر، فالموسيقى لها ادوار قد تخلق المشاعر الفياضة التي تعجز اللغة الكلامية عن الإفصاح عنها أو استثارتها، ومن هنا تأتي أهمية ان يعرف المخرج كيف يتعاون مع الموسيقي وان يعرف الموسيقى جيدا.

واستكمل قائلا للأسف غالبية المخرجين يتعاملون مع الموسيقى دون معرفة كافية بأثر ودور الموسيقى على الروح، ومكانتها بين بقية عناصر العرض المسرحي، ويجب ان تكون الموسيقى مصممة بشكل خاص للعرض المسرحي، ويفضل ان تكون مباشرة، وان يكون لدي الممثلين القدرة على العزف والغناء ولو بدرجة معقولة، فالجسد اّلة موسيقية، لكن كثيراً من الممثلين العرب نسوا إمكانية تحول الجسد إلى آلة موسيقية.

واضاف د. كريمي : هناك أنماط متعارف عليها لتوظيف الموسيقى في المسرح الملحمي، حيث تلعب عند"بريخت" دورا في مفهوم التغريب حتى يبقى المتلقي متيقظا، وايضا فتكريس البعد الجمالي ونموذجا للحداثة عند " ارتو" في مسرح القسوة، فله برؤية مختلفة، لأنه يدعو للعودة إلى الجذور، لأنه من وجهة نظره ان هذه الثقافة البيضاء المهيمنة فيها رائحة الشر، ويدعو للعودة الى الموسيقى البدائية، واستلهامها بهدف العودة بالمسرح إلى أصله، وهناك الكثير من الامثلة التي يمكن ان تعبر عن دور الموسيقى فيما بعد الحداثة.