الأحد 26 مايو 2024

"فتاة الياقة الزرقاء".. مصنع الأكاذيب وجائحة الخلاص

رواية فتاة الياقة الزرقاء

ثقافة4-10-2021 | 16:37

عائشة مفتاح

بينما كان العالم واقعًا يمر بجائحة وباء قاتل يستأصل جذور البشر ويُطيح بها بقوائم الموت، أطل علينا "عمرو عبد الحميد" بجائحة تهدد فناء البشر وخلاص العالم، وتكشف السيكولوجية التي تنتهجها رؤوس العالم من سحق وإبتزاز للبشر حتى في أزمات نهاية الكون.

 

فتاة الياقة الزرقاء هي رواية مكونة من 271 صفحة من القطع المتوسط، يتناول فيها الكاتب واحدة من أفكاره الخيالية بشكل مختلف عن أعماله السابقة مثل: "أرض زيكولا" و"قواعد جارتين" بأجزائهم، وكذلك يختلف هذا العمل أيضًا بإسمه؛ فلطالما كانت أسماء الروايات الخاصة بعمرو عبد الحميد مختلفة وغير مفهومة لغير قارئي العمل بشكل نسبي، بينما جاءت "فتاة الياقة الياقة الزرقاء بأسم مختلف عما سبقها من أعمال وكذلك بفكرة مختلفة.

 

تبدأ سطور الرواية بـ "ليلى" والتي كانت تخطت إتمام عامها الثامن بأيام، حينما وجدت بيتهم فجأة مثار حديث أهل قريتهم جميعهم، فيزورهم قائد مخفر الشرطة، ويتجمع عندهم الأهالي وأقارب الدرجة الثانية وحتى الثالثة ويقف الجميع في إنتظار شيء جلل لا تفهمه "ليلى" حتى تعلم من "السيد غسان" قائد المخفر أن بيتهم بإنتظار مولودة جديدة، "سوزان" التي ميّزت ليلى وعائلتها من بين عائلات القرية جميعهم.

 

يستيقظ العالم في عام 2070م على جائحة وفاة جميع الإناث المولودات لتوّهن، فيما يعقب مولدهن بأسابيع قِلة؛ وبعد إجراء بعض الفحوصات للمتوفين منهن يُكتشف أن ذلك نتيجة إنتشار ورم سرطاني في جميع خلاياهن، ويكون السبب في ذاك الإنتشار السرطاني أرحامهن، حيث يولدن بأرحام ذات خلايا مسرطنة فيتولد السرطان في كافة خلاياهن بعدها خلال بضع أيام، فتقرر الحكومات التخلص من أرحام كل من يؤكد أنها حاملة لورم سرطاني برحمها كحل مؤقت؛ وذلك حفاظًا على نسل الإناث في العالم.

 

 ويحدث بعد 7 سنوات من إستئصال الأرحام المولودة، وتولد فتاة الياقة الزرقاء، والتي تعتبر أول فتاة بعد مرور سنوات من الجائحة تخرج للعالم برحم تخلو أحشاءه من الورم، ومن بعد ذلك يتكرر مولد فتاة ياقة زرقاء ويتكرر ويتكرر بين بلدان العالم لأول مرة منذ سنوات، فتقوم معاهدات بين كل دول العالم للإتفاق على الحفاظ على حيوات ذوات الياقة الزرقاء حتى يبلغن عامهن السادس عشر ومن ثم تُستأجر أرحامهن،  وذلك يتم عن طريق أخذهن من عائلاتهن فيحرمن منهم مدى الحياة ويوضعن فيما يسمى بمحميات الخلايا التابعة لبنك التخصيب؛ وذلك لإتمام رسالتهن السامية، أن تُستأجر أرحامهن في مقابل حصول عائلاتهن على بعض الإمتيازات الخاصة بمن رُزق بطفلة ذات خلية زرقاء.

 

وفي مثل هذة المأساة التي كان يمر بها العالم؛ كان من الطبيعي أن تصير فرص الإنجاب هي محط مساومات وإبتزاز بين البشر وبعضهم، فتحولت العقوبات في القوانين بدلًا من السجن أو الإعدام، إلى الحرمان من الإنجاب، وتحولت المقايضات بين الناس من مضايقة الأموال والجمادات إلى مقايضة فرص الإنجاب.

 

 على الجانب الآخر تتميز الأسر ذوات الخلايا الزرقاء ببعض الأمتيازات، منها الحصول على فرص إنجاب إضافية، وهكذا كان الحال مع عائلة "ليلى"، فتقرر العائلة استخدام فرصة إنجاب أخرى من بعد "سوزان" الخلية الزرقاء، فترزق العائلة بعد عام واحد فقط "يونس" الذي يتعلق بـ "سوزان" تعلقًا شديدًا، حتى أنه لا يتقبل فكرة أن يُحرم منها بعد إتمامها 16 عامًا؛ فيضع ذلك الصغير خطة لمحاولة تغيير مسار حياة "سوزان"، لكن دون قصد منه يتغير مسار العالم أجمع ويُكتشف مصير الخلايا الزرقاء بعد فقدان قدرتهم على الحمل وخسارتهن الصحة اللازمة لإستئجار أرحامهن، ويُكتشف حقيقة مزاد الإتجار بالبشر، وصناعة الاوبئة، والأكاذيب.