يتجه الهرم السكاني المغربي إلى الشيخوخة في السنوات المقبلة، إذ توقعت تقارير رسمية ارتفاع أعداد المسنين في المجتمع المغربي في أفق 2030.
هذا التطور في عدد الأشخاص المسنين داخل المملكة، ينذر بصعوبات ستواجه صناديق التقاعد وأنظمة الحماية، خصوصا بعد فشل وصفة إصلاح أنظمة التقاعد التي أقرتها الحكومة السابقة بقيادة عبد الإله بنكيران عن حزب العدالة والتنمية الإسلامي (2011-2017).
وكشفت المندوبية السامية للتخطيط مكتب الإحصاء الرسمي، أن عدد الأشخاص المسنين سيزيد بقليل عن 6 ملايين نسمة في أفق سنة 2030، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 42 في المائة مقارنة بسنة 2021، وسوف تمثل هذه الفئة 15.4 بالمائة من مجموع السكان.
الأكاديمي والخبير في الحماية الاجتماعية، خالد بوقيش، اعتبر أن "هذا الوضع مثير للقلق، لأنه سينجم عن تنامي الشيخوخة تراجع في توافر عامل الشغل، وسيضر بمؤهلات النمو، إلى جانب تأثيره السلبي على استدامة أنظمة الحماية الاجتماعية خاصة صناديق التقاعد والتغطية الصحية".
وتابع الخبير في الحماية الاجتماعية، في تصريحه أن "تنامي الشيخوخة سيؤثر سلبا على استدامة أنظمة الحماية الاجتماعية، خاصة صناديق التقاعد والتغطية الصحية مما سيؤدي بالضرورة إلى تحمل الأجيال المقبلة لارتفاع العبء المالي لأنظمة التقاعد".
وحول هذا الوضع، يرى الخبير أن الخيارات تنحصر في "تمديد فترات المساهمة وبالتالي رفع السن القانوني للإحالة على التقاعد، أو الزيادة في نسبة الاشتراكات، أو خفض معاش التقاعد".
ويعد الانتقال السكاني من التحديات الأساسية التي يركز عليها، الطبيب الباحث في السياسيات والنظم الصحية، الطيب حمضي، وهو يرصد اختلالات المنظومة الصحية المغربية، والتي بما في ذلك مشاكل أنظمة الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية.
وأبرز الباحث في السياسات والنظم الصحية، في حديثه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، بأن "اقتران كبار السن بالأمراض المزمنة سيزيد من الطلب على الرعاية الصحية والمزيد من نفقات التأمين الإجباري عن المرض".
كما يرى حمضي، أن "هناك عقبة أمام استفادة مشتركي التأمين من ذوي الدخل المحدود من الرعاية الصحية، إذ أنهم يتحملون ما يصل إلى 50 في المائة من النفقات من ميزانياتهم الخاصة، بالرغم من الاشتراكات الشهرية التي يؤدونها ويؤديها عنهم المشغلون"، مضيفا أن هذه "النسبة تزداد ارتفاعا من سنة إلى أخرى بدلاً من التراجع".
هذا الأمر "يشكل تحديا رئيسيا أمام مختلف السياسات العمومية في ظل غياب نظام للتقاعد قائم على مبدأ المساعدة الاجتماعية، وضعف نسبة التغطية التي يستفيد منها المسنون في المغرب"، بحسب الأكاديمي والخبير في الحماية الاجتماعية، خالد بوقيش.
في سعي حثيث إلى إصلاح أنظمة التقاعد هذه، كان مقررا أن يتم ذلك خلال الولاية الحكومية المنتهية ولايتها، لكن يبدو أن المشروع تم تأجيله إلى جانب إصلاحات كثيرة إلى الحكومة التي ينتظر أن تتشكل في بحر هذا الأسبوع.
وسيكون من أهم أولويات الحكومة الجديدة، التي يترأسها زعيم حزب "التجمع الوطني للأحرار" وسطي ليبرالي، إيجاد موارد مالية ولوجستية وبشرية لإنجاح مشروع "الحماية الاجتماعية" الذي سيكلف خزينة الدولة ما مجموعه 5.7 مليار دولار.
وقد حددت الجدولة الزمنية لتنفيذ هذا المشروع في 5 سنوات (2021-2025)، تبتدئ بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض خلال سنتي 2021 و2022، يليها تعميم التعويضات العائلية خلال سنتي 2023 و2024، على أن يوسع الانخراط في أنظمة التقاعد وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل سنة 2025.
ويقول الأكاديمي والخبير في الحماية الاجتماعية، خالد بوقيش "لعل وعي المشرع المغربي بخطورة هذا الوضع ورغبته في الاستفادة من فترة الامتياز السكاني التي يشهدها هرم الفئات العمرية بالمغرب، هو الذي دفعه لتبني القانون الإطار المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية".
كما أشار المصدر، إلى أن هذا المشروع الإصلاحي "سيمكن من دمج حوالي 5 ملايين شخص من الساكنة النشيطة التي تزاول عملا ولا تتوفر حاليا على أي تغطية متعلقة بالتقاعد، من خلال التفعيل التام لنظام المعاشات الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، ليشمل كل الفئات المعنية واعتماد الآليات اللازمة لهذا الغرض".