إصلاح النفس بداية إصلاح المجتمع، يجب على كل مسلم ومسلمة تقوية العلاقة بينه وبين ربه، فلا يتهاون أبدًا في هذا الأمر، فكل منا يجاهد من أجل إصلاح نفسه وإبعادها عن المعاصي والذنوب، كما لا يمكن أن تصلح العلاقة مع الآخرين إلا إن كانت صالحة مع الله -عز وجل-، وعن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- لمعاوية بن أبي سفيان حين طلب منها أن توصيه، فكتبت له أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «منِ التمسَ رضا اللَّهِ بسَخطِ النَّاسِ كفاهُ اللَّهُ مؤنةَ النَّاسِ، ومنِ التمسَ رضا النَّاسِ بسخطِ اللَّهِ وَكلَهُ اللَّهُ إلى النَّاسِ«
، وفي هذا الصدد ستعرض بوابة «دار الهلال» طرق لإصلاح علاقة العبد بربه وصلاح نفسه، وهي كالآتي:
طرق صلاح النفس
يحتاج صلاح النفس إلى الكثير من المثابرة والمجاهدة، وفيه الحرص على الصدق والإخلاص، كما يحتاج إلى معونة الله تعالى؛ حيث إن الزمان مليء بالفتن التي لا يسلم منها أحد، وهناك بعض الأمور التي إن حرص عليها المسلم وصل إلى صلاح نفسه ونجاها من الهلاك، وفيما يأتي بيان لبعض طرق إصلاح النفس بشكلٍ مفصل:
الصحبة
وهي من أهم الأمور التي تؤثر في النفس صلاحاً أو فساداً؛ حيث إنّ المرء على دين خليله، وهي التي تشكل شخصيّة الإنسان، ومنها يأخذ الفهم والفكر والسلوك، فعلى المرء أن يحرص عند اختيار صحبته، لأنها إن كانت صالحة ففيها صلاحه، وإن كانت فاسدة ففيها فساده.
الاستفادة من الوقت
فالوقت هو التجارة الرابحة التي يتاجر بها المسلم مع الله، فإن ضيع الإنسان وقته فقد ضيع عمره، كمن يضيع وقته فيما لا فائدة منه أمام وسائل التواصل وغيرها، كما يجب على المسلم أن يحذر من التسويف ويعلم أن عذاب أهل النار من كلمة سوف
العلم
العلم هو أشرف ما يمكن أن ينتسب إليه صاحبه، وقد شرف الله العلماء ورفع مكانتهم، فقال: «يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ»، ومن فضل الله عليهم أن الحيتان في البحار تستغفر لمعلمي الناس الخير، فجُل ما يطاع الله -تعالى- به هو العلم، وليس ذلك مقصوراً على العلوم الشرعية وإنما هو بجميع العلوم والمجالات.
الزيادة من النوافل
تجعل الإنسان من وقته حيزاً للطاعة، ويعوّد نفسه على كثرة الذكر، فإنّ النفس إذا تعوّدت على الطاعة نفرت من المعصية، قال رسول الله: «وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه: كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه»، فمن أراد الصلاح والاستقامة فليسلك طريق الله، وهو في معيته وعونه.
الآثار النفسية لتقوية الصلة بالله
تعد النفس مصدر السلوك عند الإنسان، وذلك بحسب ما يملى عليها من الأوامر والعواطف، وعليه فإن الإسلام اعتنى بالنفس اعتناءً خاصاً، وإن الصلة بالله -عزّ جلّ- تؤثر مباشرة في النفس الإنسانية، مما يؤدي إلى تصحيح العقيدة الإسلامية، وربط المسلم مباشرة بالله من خلال الإكثار من ذكر الله فتطمئن نفسه، قال تعالى: «أَلا بِذِكرِ اللَّـهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ»، وحين تطمئن النفس يصبح الإنسان قادراً على التحكم في انفعالاته، فالإنسان في طبعه إن أصابه المكروه والعسر كان جازعاً، وإن أصابه اليسر والسرور كان مانعاً ممسكاً، إلّا المصلين الذين يحافظون على أداء الصلوات في أوقاتها، والمؤدون حق الله في أموالهم التي يملكونها، وهو ما يعرف بالزكاة، فلا يقصرون فيها، ولا يتهربون منها، كما يؤمنون بيوم الحساب ويستعدون له بالإكثار من الأعمال الصالحة، ويحافظون على فروجهم من كل ما يكون عليهم محرماً، كما قال تعالى: «إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ».