سورة طه من السُّور المكيَّة، حيث نزلت بمكَّة المكرَّمة، ويبلغ عدد آياتها مائةً وثلاثاً وخمسين آيةً، وهي السُّورة رقم عشرين في ترتيب سور القرآن الكريم في المصحف.
فضل سورة طه
ورد عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (أعطيتُ سورةَ البقرةِ منِ الذِّكرِ الأولِ، وأعطيتُ طهَ والطواسينَ منْ ألواحِ موسى، وأعطيتُ فاتحةَ الكتابِ وخواتيمَ البقرةِ منْ تحتِ العرشِ، وأعطيتُ المفصَّلَ نافلةً)، ويُعدُّ هذا الحديث من الأحاديث الضَّعيفة الواردة عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
ورد عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (لا يقرأُ أهلُ الجنةِ منَ القرآنِ إلا طه ويس)،ويُعدُّ هذا الحديث من الأحاديث المرسلة. ورد عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال:(إن اللهَ قرأ طه و يس قبلَ أن يخلقَ آدمَ بألفِ عامٍ، فلما سمعتِ الملائكةُ القرآنَ قالت: طوبَى لأمةٍ ينزلُ هذا عليها وطوبَى لأجوافٍ تحملُ هذا وطوبَى لألسنٍ تتكلمُ بهذا)، ولم تثبت صحَّة هذا الحديث عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فهو حديثٌ منكر، وفي سنده إبراهيم بن مهاجر وشيخه وقد تكلَّم فيهما علماء الحديث.
سبب نزول سورة طه
نزلت سورة طه على النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بعد سورة مريم، ويُطلق عليها اسم سورة الكليم، وقد نزلت السورة قبل إسلام الصَّحابيِّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وأشارت السورة إلى مهمَّة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ وهي مهمة إبلاغ رسالة الله -تعالى- للنَّاس جميعاً، فهو رسولٌ وعليه البلاغ وإرشاد النَّاس لدين الإسلام، وتوضيح مكانة القرآن الكريم وعظمته؛ فهو دستور الأمَّة وشريعتها، وأخبر الله -تعالى- نبيَّه محمَّد -صلى الله عليه وسلم- في السورة بأنَّه معه ولن يتركه أبداً؛ فهو مع الأنبياء والمؤمنين الصَّالحين، وتحدثت السورة عن سيدنا موسى -عليه السلام- والذين آمنوا معه من قومه، وعن يوم القيامة، وقصَّة سيدنا آدم -عليه السلام-.
وقد ورد في سبب نزول سورة طه ثلاثة أقوال للعلماء نوردها فيما يأتي:
القول الأوَّل: حيث قال بعض العلماء إنَّ سورة طه نزلت عندما كان النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقوم طوال اللّيل يتعبَّد لله -تعالى- حين أُنزِلت عليه سورة المزَّمِّل، حتى أنَّ أقدامه الشَّريفة كانت تتورَّم من طول فترة وقوفه عليهما في القيام، وكان يقوم على قدم واحدة، ثمَّ يكمل القيام على قدمه الأخرى، وشقَّ الأمر عليه كثيراً، فأنزل الله -تعالى- على النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- سورة طه، قال الله - تعالى-: (طه* مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى).
القول الثاني: قال العلماء إنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عندما نزل عليه القرآن الكريم قام فصلَّى بأصحابه -رضوان الله عليهم- وأطال القيام، فأصبحت قبيلة قريش تتحدَّث عن القرآن الكريم بأنَّه نزل على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ليشقى؛ فأنزل الله -تعالى- على النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- سورة طه ليُبيِّنَ كذب المشركين، وأنَّ القرآن الكريم نوراً، وهدىً، ورحمةً للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وللأمَّة الإسلاميَّة.
القول الثَّالث: قال بعض العلماء إنَّ بعض كفار قريش ومنهم أبا جهل، والنضر بن الحارث، والمطعم بن عدي كانوا يستهزئون على الدِّين الإسلامي، ويقولون للنَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه سيشقى بترك دينهم إلى الدِّين الإسلاميِّ؛ فأنزل الله -تعالى- على النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- سورة طه، رداً على أقاويل سادة قريش وكذبهم واستهزاءهم بالدِّين الإسلامي.