الأحد 16 يونيو 2024

50 عامًا.. سحور على طبلة «أم زيدان» بمنطقة بهتيم

29-5-2017 | 13:37

من أمام مطافئ منطقة بهتيم الجديدة، داخل كشك خشبي لا يوحي للناظر من الوهلة الأولى بإمكانية العيش داخله يحيطه قطع أثاث هالكة وغسالة قديمة مغطاة بقطعة من القماش حولته أنامل الحاجة "أم زيدان" إلى وطن صغير تحتمي به من ظلم الابن وزوجته فأصبح ذلك البيت الخانق جنتها التي تحمد ربها عليها.

نفسية طه حسين الشهيرة بـ"أم زيدان" أقدم مسحراتية في منطقة بهتيم بمحافظة القليوبية، سنوات لم تعد ذاكرة المرأة التي جاوزت عقدها الثامن تسعفها لتحدد منذ متى عملت على إيقاظ النائمين خلال شهر رمضان، لكنها تزيد عن خمسين عاما في المهنة استمرت في تلك المهمة حاملة طبلتها وبصوتها الجهوري توقظ "العميد والسفير والمهندس والطبيب والعامل البسيط" والأطفال الصغار الذين أحبوا أن يسمعوها تنادي بأسمائهم.

ومن خلال كلماتها البسيطة أستطاع أن تحبب الكثير من أبناء الحي فيها وهنا تروى علينا "أم زيدان" ما تردد عبر الشوارع في ليالي رمضان الكريم قائلة "أول ما أبدأ واستفتح باللي الورد فتح وبمسك الحصى سبح، صلوا يا أهل الفلاح على النبي زين الملاح من سرى بالليل حقا وخطى قبل الصباح، أصحى يا نايم وحد الدايم، أصحى يا غفلان وحد الرحمن، توب يا عبد توب واستحي من ربك المعبود، القبر بيت العمل والجسم بيت الدود، تأذي أخاك ليه وأنت للحساب مطلوب، عديت دفاتر حسابك واللي عليك مكتوب، أصحى يا مؤمن وصلي على النبي أصحى يا مؤمن والصلاة مكسبي".

كلمات حظفتها "أم زيدان" عن ظهر قلب نظمتها لتظل ترددها على مسامع أهالي بهتيم لإيقاظهم وقت السحور في شهر رمضان وتنادي الصغار "أصحى يا سياد العميد.. أصحي يا سيادة السفير" وظلت إلى أن فقدت بصرها وصحتها فلم تعد تعمل كمسحراتية لكنها حافظت على هذه الكلمات خشية أن تندثر ويطويها الزمان كما طوى سيرتها فلم تعد إلا امرأة عجوز تقطن كشك خشبي.

لا يعرف عدد من الجيران عن أم زيدان عملها كمسحراتية خلال فترة من عمرها يعرفونها أنها سيدة عجوز تعيش بمفردها وعلى الجانب الآخر من الشارع يعيش ابنها وعائلته لكنها تركتهم منذ ما يزيد عن 15 سنة بعد أن لقيت منهم جفاء وإهمال بل واعتداء أودى بنظرها حسب تأكيدها بعد ضرب ابنها لها الذي تسبب في فقدانها لعينيها .

تاريخ "أم زيدان"

"أم زيدان" قالت: بدأت مهنة المسحراتية مع حماتي رحمة الله عليها كانت سيدة كفيفة تسير في ليالي رمضان تدعى للناس وكنت أصطحبها وننزل سوى و أجمع لها ما يأتي من أهل الخير وأعطيه لها ولكنها لم تنس في مرة أن تعطيني رزق منه أعيش به أنا وزوجي وعشت على دعاها وبركتها لنا في الحياة، لكن ما حفظته من كلمات كان سببه المنشد الذي كان ينشد دائما بجوار بيتنا في أيام الشهر الكريم ومن ساعة ما قبلت حماتي وجمعنا القدر بدأت أصطحبها لأنها كانت شديدة الطيبة وكانت تواجه معاملة قاسية من أبنائها لكنى لم أتركها ووقفت بجانبها وكنا نسير قبل الفجر بساعتين نصحي النيمين بالرق والأناشيد الدينية.. وبيكونوا أحلى 30 يومًا وسط البركة والغفران وتهليل الأطفال ورانا في الشوارع كنا نشعر معاهم بالفرحة والبهجة كانت وقتها بهتيهم صغيرة كانت عبارة عن 5 بيوت وكلهم معروفين وعرفنا قبل ما تزدحم بهتيم ولكن لازالت أصحى الناس لكن أيام وأيام لضعف صحتي.. وبمرور الـ30 يومًا كنت أعود إلى شغلي الرئيسي صناعة كراسي قش وخرزان .. وبمرور العمر صحتي راحة ونظري أبنى حرمني منه و ربنا ما بينسى حد بيرزقني بأهل الخير هم بيفتكروني.. وكل سنة وأهل بلدي طيبين ".