أكد خبراء في العلاقات الدولية أنه هناك إرادة قوية مشتركة بين مصر والمجر لتدعيم علاقات التعاون في كافة المجالات، وخاصة الزراعة والسياحة والطاقة، موضحين أن البلدين على المستوى السياسي بينهما توافقا في الرؤى بشأن القضايا الراهنة، وذلك في ظل استمرار نشاط الرئيس عبد الفتاح السيسي في المجر بعقد جلسات مباحثات مع نظيره المجري ورئيس الوزراء هناك.
وعقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم مباحثات مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بمقر رئاسة الوزراء ببودابست، وذلك في ثالث أيام زيارته الرسمية للمجر، وذكر المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية أن المباحثات شهدت تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، حيث أشاد رئيس الوزراء المجري في هذا الصدد بالطفرة التنموية الملحوظة التي تشهدها مصر خلال السنوات الأخيرة، مؤكداً تطلع بلاده لتعزيز الاستثمارات المتبادلة في العديد من القطاعات وتعظيم حجم التبادل التجاري بين البلدين الصديقين وإحداث نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية المصرية المجرية، خاصةً من خلال مشاركة الشركات المجرية في تنفيذ المشروعات القومية العملاقة في مصر.
إرادة قوية لتدعيم العلاقات
وفي هذا السياق، قال السفير محمد عبد الحكم، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي المجر حملت جانبين، الأول هو مشاركته في قمة تجمع فيشجراد الذي يضم 4 دول هي التشيك وبولندا والمجر وسلوفاكيا، وكذلك الجانب الثنائي الذي بدأ أمس بلقاء الرئيس بنظيره المجري وكذلك مباحثاته مع رئيس وزراء المجري اليوم.
وأكد عبد الحكم، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن العلاقات المصرية المجرية متميزة للغاية، ويمكن القول أنها شهدت طفرة متميزة خلال السنوات السبع الماضية، موضحا أن المجر كانت في مقدمة الدول التي أعلنت عن تأييدها ودعمها الكبير لثورة 30 يونيو، وهناك إرادة قوية مشتركة مصرية مجرية لتدعيم علاقات التعاون بين البلدين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وأضاف أن العلاقات الثنائية السياسية متميزة، وكذلك هناك جهود قوية من أجل الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية إلى مستوى متميز، مشيرا إلى أن هناك اتفاقا سبق وتم توقيعه بين مصر والمجر في 2016 لقيام المجر بتوريد 1300 من عربات قطارات السكك الحديدية لمصر بتمويل يصل لحوالي مليار يورو.
وأوضح أن اتفاق تزويد المجر مصر بـ1300 عربة لقاطرات السكك الحديدية عكس حرص الرئيس السيسي على تطوير مرفق السكك الحديدية، كما تضمن الاتفاق تدريب الكوادر الفنية المصرية والمهندسين ونقل الصناعة والتكنولوجية المجرية إلى مصر، مضيفا أن هذا جانب هام يؤكده الرئيس السيسي بأن مصر تعمل مع شركائها الدوليين من أجل توطين الصناعة والتكنولوجيا في البلاد.
وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر والمجر يصل لنحو 400 مليون دولار ومن المتوقع خلال الفترة المقبلة مضاعفة هذا الرقم، موضحا أن هناك تعاون عسكري بين مصر والمجر، حيث زار وزير الدفاع المجر في 2017 فضلا عن تبادل الزيارات بين البلدين في هذا المجال.
ولفت إلى أن الرئيس السيسي خلال كلمته أنه تم الاتفاق مع رئيس وزراء المجر على دفع التعاون في المجالات السياحية والزراعية والقطاعات المختلفة، والاستفادة من الخبرات والقدرات التكنولوجية لدى المجر، مضيفا أن المجر لها خبرات كبيرة في مجالات معالجة المياه وتوليد الكهرباء من الطاقة النووية والري وتحلية المياه والصناعات العسكرية.
وشدد على أن الرئيس السيسي حريص خلال زياراته الخارجية ومشاركته في القمم الدولية المختلفة على تعظيم مصالح مصر الاقتصادية والسياسية والعسكرية، مضيفا أن المجتمع الدولي ومن بينه تجمع "فيشجراد" حريصين على دعم التعاون مع مصر، وهو ما عكسته الدعوى التي وجهتها دول التجمع للرئيس السيسي للمشاركة في القمة للمرة الثانية، حيث أكد ذلك تقدير زعماء هذه الدول للدور الذي يقوم به السيسي من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا من جهة وكذلك تقديرهم للإنجازات التي تحققت في مصر في كافة المجالات.
وتابع: العلاقات المصرية المجرية تشهد طفرة فهناك تبادل مستمر للزيارات بين قادة البلدين، ما يعكس الإرادة المشتركة بين الدولتين من أجل تدعيم علاقات التعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية بينهما.
توافق في الرؤى بين البلدين
ومن جانبه،
قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي المجر، اكتسبت أهمية خاصة في ظل العلاقات الطيبة والقوية بين البلدين، مضيفا أن الزيارة تضمنت مشاركة الرئيس السيسي في قمة تجمع فيشجراد مع مصر، وجاءت في إطار دبلوماسية القمة التي هي دبلوماسية نشطة خلال السنوات السبع الماضية.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن مصر تسير على عدة محاور في سياستها الخارجية منها تعميق العلاقات مع الشرق حيث القارة الآسيوية وكذلك الجنوب بتعميق التعاون مع أفريقيا، وكذلك الشمال والغرب مع القارة الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، مضيفا أن مباحثات الرئيس السيسي في المجر مع نظيره المجري ورئيس الوزراء هناك عكست مستويات ومجالات التعاون.
وأشار إلى أن التعاون بين البلدين يشمل مجالات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية وأمنية، وكذلك تنسيق المواقف من أجل القضايا الإقليمية والدولية، في ظل التوافق بين مصر والمجر في العديد من القضايا، وخاصة القضايا العربية والملفات الساخنة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، موضحا أن المجر دولة أوروبية هامة وكذلك تجمع فيشجراد.
وأكد أن مصر دولة إقليمية ذات ثقل في إقليمها والمنطقة العربية، ولها رؤية بشأن القضايا الملحة في الإقليم، كما أنها تعد مدخل القارة الأفريقية، وهي كلها عوامل مؤثرة في جهود ومجالات التعاون بين مصر ودول فيشجراد.