سيدنا أيوب –عليه السلام- كان نبي ابتلاه الله في ماله وأولاده وفي نفسه، وبدل الله حاله رأسًا على عقب، فقد وهبه الله أموالًا كثيرة وأولادًا كثيرة، وكانت صحته جيدة، وفجأة مات أولاده، وأصبح فقيرًا، وابتلاه الله بمرض شديد، فذكر الله ذلك في كتابه الكريم «وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ».
قصة سيدنا أيوب مع المرض
أيوب كان لديه أموالًا كثيرة، لا تُعد ولا تُحصى، وكان لديه أغنام وأراضي كثيرة، ورزقه الله بِأبناء كثيرة، وأراد الله أن يختبر صبر سيدنا أيوب وإيمانه على وقوع البلاء، وأصابه الله بِمرض نادر، هذا المرض لم يبقى في جسمه شيء سليم، سوى لِسانه وقلبه، وجِسمه كله أهلكه المرض، ولم يقتصر البلاء على جِسمه فقط بل أيضًا أصاب أبنائه وتوفى أبنائه كلهم، وأيضًا ذهب ماله كله وأصبح فقيرًا، وبدلُا مِن أنه كان أغنى أغنياء القرية أصبح شخص فقيرًا وتعمل زوجته في البيوت لكي تجد مالًا تُنفِق به على زوجها المريض.
تضحية زوجة سيدنا أيوب مِن أجل مرض زوجها
كانت زوجة سيدنا أيوب زوجة صالحة، وكانت معه في السراء والضراء، وصبرت معه على هذا البلاء الذي أصابه لِمُدة ثماني عشر سنوات، وكانت تتمتع بِشعر طويل وجميل، فلما اِشتد البلاء على زوجها وأصبح لا يوجد مصدر دخل لِتُنفِق به على زوجها، قامت بِقص ضفيرتها وقامت ببيعها لِأثرياء القوم، حتى تجد مالًا تُنفِق به على زوجها المريض، فهى كانت ونِعم الزوجة الصالحة.
مُحاولة الشيطان لإثارة سخط أيوب على البلاء
حاول الشيطان إثارة سخط سيدنا أيوب على مرضه، وأنه كيف يصبر على ذلك، ولكن أيوب خالف ظنه، وعِندما وسوسه الشيطان قام وصلى وحمد الله على حاله، فاِغتاظ الشيطان منه، ثم بعد ذلك مات كل أبناء سيدنا أيوب بل وأصبح فقيرًا، وحاول الشيطان إثارة سخطه مرة أخرى، ولكن الشيطان وجده شاكرًا صابرًا حامدًا لله عز وجل، فأصابه اليأس في إثارة سخط أيوب على قضاء الله فذهب لزوجته، فوسوس لها لماذا هى صابرة على زوجها ومرضه وفقره وعجزه هذا، ولكنها أيضًا كانت ونعم الزوجة الصالحة صابرة وحامدة لله.
مُكافأة الله لسيدنا أيوب
عِندما اِشتد المرض على سيدنا أيوب ذهبت له زوجته وطالبت منه أن يدعو الله أن يُزيح عنه هذا البلاء، ولكن رده عليها كان حكيم جدًا، فقال لها أن الله أعطى لنا النعم التي كُنا بِها لمدة ثمانين عامًا، فكيف لي أن أطلب مِنه أن يُزيل البلاء ولم تمر نفس المدة، فقال أيوب كمُناجاه لله عز وجل «وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » واِستجاب له ربه وأمره أن يقف في مكان ويضرب الأرض بِرجله ولما فعل ذلك خرج مِن الأرض مياة كثيرة، فطلب مِنه الله أن يغتسل بِها، ولما فعل ذلك خرج مِن جسده كًل الأمراض التي كانت بها، وأصبح جسده مُعافي وخالي مِن الأمراض، وطلب مِنه الله أن يقف في موقع أخر ويبطُش الأرض بقدمه مرة أخرى، وعندما فعل ذلك خرجت مياه عذبه، وأمره الله أن يشرب مِنها، ولما فعل ذلك خرجت من بطنه وجوفه كل الألم الذي كان يشعر بِها «ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ﴿42﴾ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ».
مقولة« يا صبر أيوب»
قصة سيدنا أيوب مع مرضه ومع وفاة أبنائه وفقره تُضرب لها الأمثال في الصبر، لأنه صبر كثيرًا لِمدة ثمانية عشر عامًا، وأصبح سيدنا أيوب مِثال لكثير مِن الأشخاص في الصبر، ومقولة «يا صبر أيوب» هى مقولة شهيرة، تُذكر في موقف شديد المصائب والبلاء، ليتذكر صاحب البلاء أن مهما كان بلائه ليس كمِثل بلاء سيدنا أيوب، ومع ذلك ظل صابرًا حامدًا شاكرًا لله- سُبحانه وتعالى-.