انطلقت أعمال ترميم وإعادة تأهيل كنيس "فخر إسرائيل" الذي تقع بقاياه على بعد 250 مترًا من السور الغربي للمسجد الأقصى المبارك، بعد عقود من نسفه وقصفه بالمدافع على يد المجاهدين الفلسطينيين والعرب والجيش الأردني، إثر تحصن قوات من عصابة الهاجاناه الصهيونية داخله واستخدامه لإطلاق النار عام 1948.
ارتفاع الكنيس يحجب الرؤية
وسيتجاوز هذا الكنيس بارتفاعه سور القدس التاريخي، وهو ما يخالف أطر التنظيم والبناء الإسرائيلية نفسها التي تمنع تشييد مبان تضاهي الأسوار في الارتفاع أو تفوقها وتحجب الرؤية عنها. وتبلغ تكلفة إعادة ترميمه 50 مليون شيكل (15.5 مليون دولار).
بناء الهيكل مكان الأقصى
ويبعد هذا الكنيس 100 متر فقط من كنيس "الخراب" الواقع داخل أسوار البلدة القديمة أيضا، الذي كانت الرسالة من بنائه تعزيز العمل الجاد لبناء الهيكل مكان المسجد الأقصى.
العودة إلى أرض الميعاد
قال رضوان عمرو، الباحث في شؤون القدس والمسجد الأقصى إن كنيس "فخر إسرائيل" ينسب إلى الحاخام إسرائيل، الذي أشرف على بنائه في أواسط القرن 19، وإنه سمي بهذا الاسم "في محاولة لتعزيز فخر اليهود حول العالم ببدء عودتهم إلى أرض الميعاد".
أرض الولي المسلم
وأُقيم الكنيس على أرض إسلامية كان فيها تربة تضم قبرا لولي مسلم اسمه الشيخ أبو شوش، ويزعم اليهود -وفقا لعمرو- أنهم اشتروا الأرض أيام الدولة العثمانية، وأنهم سبقوا الكنيسة الروسية في إقامة هذا الكنيس اليهودي عليها.
سباق بين الكنيسة الروسية والحاخامية اليهودية
وأضاف عمرو: "كان هناك سباق بين الكنيسة الروسية والحاخامية اليهودية بقيادة مُشيّد الكنيس -الحاخام إسرائيل- للحصول على هذه الأرض وبناء معلم ديني عليها بحكم أنها مطلة على المسجد الأقصى ومشرفة على البلدة القديمة. ويدعي اليهود أنهم سبقوا الكنيسة الروسية في إقامة الكنيس فلجأت الأخيرة إلى الاستحواذ على أرض أخرى خارج أسوار البلدة القديمة في موقع إستراتيجي، وأقامت عليه البناء الذي يطلق عليه اليوم مركز تحقيق المسكوبية".
خطورة الكنيس فى موقعه الحساس
وأكد الباحث المقدسي أن خطورة إعادة ترميم الكنيس تأتي من موقعه الحساس، فهو على هضبة مطلة على البلدة القديمة وقريب من المسجد الأقصى وعدة كُنس يهودية أخرى أبرزها كنيس الخراب في منطقة حي الشرف الذي تم تهويده والاستيلاء عليه وتسميته حارة اليهود، لافتا إلى أن كل هذه الكنس أقيمت على أراض وقفية في حي الشرف ومحيطه، وكلها ترفد المنطقة بالمستوطنين الذين يأتون للصلاة وتعلم التعاليم التوراتية في مدارس ملحقة بهذه الكنس.
الشكل المعماري للكنيس
وحول الشكل المعماري لهذا الكنيس، أشار رضوان عمرو إلى أنه مربع الشكل يتكون من 4 طوابق وتعلوه قبّة، ومجموع مساحته 300 متر مربع.
ويضم الطابق الأول "المطهرة" التي يغتسل بها اليهود قبل أداء العبادة، في حين سيخصص الطابق الثاني للصلاة، والثالث سيستخدم قاعة لدراسة وتعليم التوراة والتعاليم الدينية، والطابق العلوي سيكون عبارة عن مطلة وقاعة للصلاة تشرف على محيطها، وعلى سطح المبنى مطلة أخرى تتحول في الأزمات والحروب إلى برج لإطلاق النيران، كما حدث في الكنيس ذاته قبل نسفه.
قاعدة عسكرية للقوات الصهيونية
وأوضح عمرو أن "التصميم المعماري المرتفع والموقع الإستراتيجي للكنيس تم تأهيله قديما ليكون قاعدة عسكرية للقوات الصهيونية عام 1948؛ إذ تحصنت فيه قوات كبيرة استخدمت حجرات الكنيس لتخزين السلاح، وبالتالي نسفه المجاهدون الفلسطينيون والعرب بمساندة من الجيش الأردني وتحول إلى أطلال بعد أن كان قلعة أمنية تطلق النيران بكل اتجاه".
استهداف الأقصى
ويضيف عمرو أنه وفقا لبعض الصحف والوثائق فإن القناصين كانوا يعتلون سطح الكنيس ويطلقون النيران باتجاه أهالي البلدة القديمة، بالإضافة إلى استهدافهم مآذن وسور وقباب الأقصى من هذا المكان الإستراتيجي.
وكُتب الكثير قديما عن كنيس "فخر إسرائيل"؛ إذ ورد في إحدى الصحف اللبنانية القديمة في أواسط القرن التاسع عشر -حسب عمرو- أن اليهود دهنوا قبة هذا الكنيس باللون الأخضر لاستفزاز المسلمين بحكم أن اللون الأخضر يستخدم بكثرة في مقدساتهم.
تنافس مع قباب الاقصى وكنيسة القيامة
وتسعى إسرائيل بإعادة ترميم هذا الكنيس للسيطرة على المشهد البصري للبلدة القديمة ومحاولة التنافس مع قباب الأقصى وكنيسة القيامة في البلدة القديمة بإبراز هذه القبة اليهودية التي ستجاور قبة كنيس "الخراب" القريب.
رسالة قومية دينية
ويؤكد عمرو "للمسجد الأقصى قبتان بارزتان، وكذلك لكنيسة القيامة؛ لذلك لا يكتفي الاحتلال بقبة كنيس الخراب ويريد قبة تؤازرها لإضفاء الصبغة اليهودية على الفضاء العام؛ فالرسالة دينية قومية يريدون منها التأكيد أن لليهود معالم تاريخية قديمة في القدس، رغم أن هذا الكنيس حديث إذا ما قورن بتاريخ كنيسة القيامة والأقصى".
وضع حجر الاساس
يذكر أن إسرائيل وضعت حجر الأساس لكنيس "فخر إسرائيل" مرتين: الأولى على يد أوري أريئيل، والثانية على يد ميري ريغيف، وواجهت مشاكل في اعتماد بنائه بسبب ارتفاعه عن سور البلدة القديمة بشكل يحوله إلى معلم بارز في أفق المدينة، وصاحب ذلك تخوفات وتردد في الأوساط الإسرائيلية.