تقرير : أحمد جمعة
دقات الساعة الرابعة عصرًا، وإذ بالإذاعة الداخلية لمترو الأنفاق تُقدم شيخًا واعظاً أزهرياً سيُلقى خطبة إلى الرواد عن فضائل شهر رمضان، إضافة إلى موضوعات حياتيّة أخرى يستمعون إليها طوال الشهر. دقائق وبدأ الدكتور هانى شمس الدين، مدير العلاقات العامة بمجمع البحوث الإسلامية، فى إلقاء خطبته عن حُرمة الدم، والدعوة إلى السلام، وقبول الآخر.
من داخل المركز الرئيسى لشبكة المترو نظر “شمس الدين” إلى الخطبة المُدونة على ٣ ورقات أعدها لإلقائها على رواد الخطوط الثلاثة بالمترو، وبدأ يسترسل فى موضوع خطبته. ١٥ دقيقة استغرقها حتى انتهى من خطبته، بينما وقف مواطنون على أرصفة المحطات يستمعون إليه حتى انتهى.
يقول شمس الدين بعد أن انتهى من خطبته لـ”المصوّر” “إن مجمع البحوث الإسلامية اتفق مع شركة المترو على بروتوكول لإلقاء خطبة يومية طوال شهر رمضان على رواد مترو الأنفاق عبر كوكبة من علماء الأزهر”.
مضيفًا أن “المترو جهاز كبير يخدم أكثر من ٣ ملايين مواطن يوميا، وقيادة الأزهر اتخذت قرارًا بالتواصل مع الراكبين فى كل يوم من رمضان، ويكون هناك واعظ من الأزهر فى كل مسجد بمحطات المترو، فضلًا عن عالم من علماء الأزهر بالإذاعة الداخلية يخاطب كل محطات ورواد المترو”.
ويؤكد “شمس الدين” أن تواصل وعاظ ومشايخ الأزهر مع ركاب المترو يأتى فى إطار خطة الأزهر الشريف لتجديد الخطاب الدينى.. نريد أن نصل إلى الناس، وإن لم يأتوا إلينا نحن من نذهب إليهم فى إطار تطوير الخطاب الدينى وتطوير الأسلوب الذى يقوم به دعاة الأزهر الشريف، ونحن على استعداد تام أن نكون فى كل أيام السنة، وأبناء مصر يستحقون الكثير.. نحن نريد أن نسير مع القيادة السياسية فى بوتقة واحدة يد تبنى وتعمر ويد تحمل السلاح، ونحارب الفكر بالفكر”.
وكشف عن طريقة اختيار مواضيع الخطبة اليومية التى يلقيها الوعاظ على رواد المترو، مضيفًا: “الخطبة عن المواضيع التى تهم الناس، ونتحدث فى الأمور الحياتية للمواطن، فنحن ننظر إلى أحوال الناس ولم أكن غافلًا عما جرى فى المنيا بعد الاعتداء على الأقباط، قوافل الأزهر فى كل مكان تعمل على التعايش السلمى، والإسلام لم يأمر بقتل إو إزهاق النفس”، مشيرًا إلى أن الواعظ يُصلى العصر بالعاملين بجهاز المترو ويتقدم لإلقاء العظة الرئيسية لكل محطات المترو يُقدم خلالها روح التسامح والمحبة والتعايش الحقيقى الذى ينشده الإسلام.
مدة الخطبة بين ١٠ دقائق إلى ٢٠ دقيقة حسبما يؤكد شمس الدين، ولهذا الاختيار مغزى أن الراكب لا ينتظر كثيرًا فى المحطة: “درسنا طبيعة المترو وندرك أن الراكب يريد أن يصل إلى مراده بأسرع وقت، وبالتالى تكون الخطبة قصيرة وتجدد معرفته بأمور دينه ودنياه، ونحن نعمل بكل طاقتنا كوعاظ وننتشر فى المطار والموانئ والمصانع وفى كل تجمعات الناس”.
وقال: “وافق الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن تكون هناك قوافل من الإفتاء بالأزهر الشريف يجوبون محطات المترو فى كل يوم للرد على أسئلة المواطنين فى المترو، وعلماء الإفتاء يجلسون يقدمون رسائل إيجابية للناس”.
بينما جلس “شمس الدين” يلقى خطبته كان المهندس على فضالى رئيس شركة المترو، يتابع رد فعل الرواد، يرى أن هناك استجابة من المواطنين الذين ظل بعضهم على الأرصفة حتى انتهت الخطبة. يقول: “سنقدم هذه الأنشطة على مدار الثلاثين يوما فى رمضان، وهدفنا نشر الإسلام السمح بعيدا عن التطرف والمغالاة”.
بمطلع الأسبوع المقبل سيكون هناك مقر للفتوى داخل محطة الشهداء، حسبما أعلن “فضالى” لـ”المصوّر”، موضحًا أن ذلك يأتى لتسهيل المهمة على الركاب للتواصل مع علماء دار الافتاء، ويتم تجهيز المكان حالياً على الطراز الإسلامى. مضيفًا: “سيكون عبارة عن كشك به أحد المشايخ المتخصصين فى الفتوى على مدار اليوم الكامل، والدروس على الثلاثة خطوط على مدار شهر رمضان، وبالإمكان أن تستمر بعد رمضان”.
بينما كان “شمس الدين” يردد خطبته على الراكبين، وقف أحمد حسنى على الرصيف يستمع لخطبة صوتية مباشرة داخل المترو لأول مرة فى حياته. يقول الرجل الأربعينى من داخل محطة الشهداء: “أعتقد ده أسلوب كويس إنك توصل للناس فى كل مكان، وتذكرهم بالعظات وأحكام ربنا عبر مشايخ موثوق فيهم من الأزهر. ونتمنى أن تستمر بعد رمضان وأن يكون التواصل مع الناس بأكبر قدر ممكن، لأننا بقينا كتير والأمور اختلطت ومحتاجين طول الوقت ناس تجدد فينا الأحكام وتعرفنا الصح من الغلط”.
توقف “حسنى” لنحو عشر دقائق يستمع للخطبة، يرى أنها قد تكون تلك الوسيلة الأولى بشكل ملموس التى يجدد فيها الأزهر خطابه الدينى بعيدًا عن البرامج ووسائل الإعلام، قبل أن يدلف إلى القطار متجها إلى بيته لتناول الإفطار.
تواجد مشايخ الأزهر فى الحياة العامة للمواطنين والتفاعل معهم داخل المترو لم يكن، إذ سبقه إطلاق مجمع البحوث الإسلامية حملات دعوية على المقاهى للتواصل مع الناس وتصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم، بدأت بمنطقة العجمى بالإسكندرية فى وقت سابق من الشهر الجارى، ويقول المسئول بمجمع البحوث الإسلامية “هانى شمس الدين” إن ذلك يندرج تحت الخطة الموسعة التى وضعها مجمع البحوث للتواصل المباشر مع الناس فى كل مكان، استجابة لطلب القيادة السياسية بتجديد الخطاب الدينى والبعد عن التشدد والتطرف.