تمثل صناعة الدواء وتوطينها أهمية استراتيجية للدولة المصرية خاصة مع امتلاكها البنية العلمية والبحثية والقدرة التكنولوجية والصناعية الحديثة في هذا المجال الحيوي، وهو ما جسدته الدولة على أرض الواقع من خلال مدينة الدواء المصرية التي تم تنفيذها وفق أحدث التقنيات والنظم المتعارف عليها عالمياً بما يمكن الدولة من تحقيق الأمن الدوائي والاكتفاء الذاتي ومواجهة ومنع أية ممارسات احتكارية قد تحدث بشكل خاص وقت الأزمات، بالإضافة إلى توفير دواء آمن وفعال، واستقطاب وجذب المزيد من الاستثمارات وتنمية والصادرات، مما يؤهل مصر للتحول إلى مركز إقليمي وعالمي لصناعة وتصدير الأدوية.
وفي هذا الصدد نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريراً تضمن إنفوجرافات تسلط الضوء على إنشاء أكبر صرح متكامل للصناعات الدوائية بالشرق الأوسط وإفريقيا "چيبتوفارما"، بما يدعم الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من الدواء باعتباره أمن قومي لمصر، فضلاً عن التحول إلى مركز إقليمي لصناعة الدواء.
وأوضح التقرير أن مدينة الدواء تقع بمنطقة الخانكة بمحافظة القليوبية على مساحة 180 ألف م2، من بينها 10 آلاف م2 تم تخصيصها لإنشاء محطة كهرباء للمدينة بقدرة تصل لـ 50 ميجا فولت أمبير لتغذية المشروع بالكهرباء، كما تضم معامل أبحاث وتطوير وتوكيد جودة، ومخزن للعينات المرجعية للدواء يسمح بالتخزين حتى 3 سنوات إلى جانب مخزن أرشفة متحرك، وتضم المدينة ما بين 250 لـ 300 عامل.
وأشار التقرير إلى أن الطاقة الإنتاجية للمدينة تصل لـ 100 مليون عبوة سنوياً خلال المرحلة الأولى، حيث تنتج 150 نوعاً من الأدوية بمصانعها، في حين تهدف لتصدير من 15 لـ 20% من الإنتاج على مراحل، كما تهدف المدينة إلى الارتقاء بصناعة الأدوية لتحقيق أفضل المواصفات القياسية العالمية، هذا وقد بدء التداول لأولى المستحضرات الطبية المنتجة بشركة چيبتوفارما في سوق الدواء المصري في سبتمبر 2021.
واستعرض التقرير الرؤية الاستراتيجية لمدينة الدواء والتي تتمثل في تمكين المواطن من الحصول على علاج دوائي فعال وآمن وعالي الجودة وبأسعار مناسبة، بالإضافة إلى تحقيق الأمن الدوائي وحماية المريض المصري من الاحتكار، وإنشاء مركز إقليمي لصناعة الدواء يجذب كل شركات الدواء العالمية، وفتح أسواق للتصدير خاصة في إفريقيا والشرق الأوسط.
وجاء في التقرير أنه قد تم افتتاح المرحلة الأولى "المرحلة الحالية" من المدينة في أبريل 2021، بإجمالي مساحة تبلغ 120 ألف م2، والتي تضم 15 خط إنتاج، كما تصل السعة التخزينية للمخازن إلى 10 آلاف بالته بمساحة 7 آلاف م2، وتشمل المرحلة أيضاً 5 مباني للخدمات الصناعية، إلى جانب مصانع الأدوية الصلبة وغير الصلبة والأشربة والمنطقة العقيمة.
وبالإضافة لما سبق، فإن المرحلة الأولى تتضمن أيضاً إنتاج الأدوية الخاصة بعلاج فيروس كورونا والأمراض المزمنة كالضغط والقلب والكلى والمخ والأعصاب، بينما سيتم تخصيص المرحلة الثانية من المدينة "المرحلة المستقبلية" والتي تمتد على مساحة 60 ألف م2 لتصنيع الأدوية المتخصصة مثل أدوية الأورام والهرمونات ومشتقات البلازما.
وتناول التقرير الحديث عن مقومات قطاع الدواء في مصر وأبرز مؤشراته، موضحاً أنه يجري تنفيذ 4 مشروعات قومية لإنتاج المستحضرات الحيوية، بدلًا من اعتماد السوق المصري على خط إنتاج واحد، بالإضافة إلى 4 خطوط لإنتاج مستحضرات الهرمونات بدلاً من اعتماد السوق على خط واحد سابقاً.
كما تم إنشاء وتشغيل 3 خطوط إنتاج مضادات حيوية، إلى جانب إنشاء وتشغيل وترخيص 4 خطوط لإنتاج قطرات العين، لتصبح مصر من الدول الرائدة إقليميًا في إنتاج قطرات العيون أحادية الجرعة، وأيضاً تم توطين صناعة الأنسولين في مصر لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
واستعرض التقرير مقومات صناعة الدواء في مصر، حيث تصل نسبة التصنيع المحلي من احتياجات الدولة للدواء إلى 88%، بينما تمتلك مصر أكثر من 700 خط إنتاج، و70 ألف صيدلية، وذلك على مستوى الجمهورية، فيما يوجد 152 مصنعاً للأدوية و40 مصنعاً آخر تحت الإنشاء.
وعلى صعيد أبرز مؤشرات قطاع الدواء في مصر، ذكر التقرير زيادة صادرات مصر من الأدوية ومحضرات الصيدلة بنسبة 2.2% لتصل إلى 276 مليون دولار عام 2020 مقارنة بـ 270.1 مليون دولار عام 2019.
يأتي ذلك بينما، زادت مبيعات سوق الدواء بنسبة 6.6% لتسجل 125 مليار جنيه عام 2020، مقارنة بـ 117.3 مليار جنيه عام 2019، في حين زادت نسبة مخصصات الأدوية بنسبة 19.1% لتصل إلى 13.1 مليار جنيه عام 2021/2022، مقارنة بـ 11 مليار جنيه عام 2020/2021.
واستكمالاً لجهود الدولة لدعم صناعة الدواء في مصر، أشار التقرير إلى مشروع المخازن الاستراتيجية للأدوية والمستلزمات والأجهزة الطبية، والذي تصل سعته التخزينية إلى 190 ألف بالته، حيث يستهدف إنشاء 6 مخازن استراتيجية للدواء لتغطية الجمهورية، بتكلفة تبلغ 4 مليار جنيه.
وأضاف التقرير أن هيئة الدواء أطلقت في فبراير 2021 مبادرة "دعم التصدير"، وذلك بهدف دعم ومتابعة الصادرات المصرية من المستحضرات والمستلزمات الطبية والعمل على رفع التنافسية العالمية لها.
كما تم إطلاق مبادرة الرعاية الصيدلية (ممارسات دوائية متميزة- 100 مشروع) على 3 مراحل، بهدف المساهمة في تطوير الممارسات الصيدلية في جميع مؤسسات الدولة، ورفع مستوى الأداء الفني للصيادلة لتقديم دواء آمن للمريض.
وإلى جانب ما سبق، أشار التقرير إلى مجمع مصانع "فاكسيرا"، والذي تبلغ مساحته 60 ألف م2، ويقع بمدينة السادس من أكتوبر، مبيناً في الوقت نفسه أن الطاقة الإنتاجية لمصنع لقاحات كورونا بالمجمع والمتوقع افتتاحه بنهاية العام الجاري تصل إلى 24 ألف عبوة في الساعة.
واستعرض التقرير إجراءات قطاع الدواء لمواجهة أزمة كورونا، موضحاً أن مصر أول دولة إفريقية تحصل على لقاح فيروس كورونا، وتم تصميم وإنجاز أول جهاز تنفس صناعي مصري بنسبة 100% بالتعاون مع هيئة الشراء الموحد ووزارة الصحة والسكان ووزارة التعليم العالي والهيئة العربية للتصنيع، مشيراً إلى استحداث عقار ضمن بروتوكول علاج فيروس كورونا ساهم في خفض معدلات وصول المصابين للحالات المتأخرة والوفاة بنسبة 70%.
وذكر التقرير أن مصر تعد أول دولة في منطقة الشرق الأوسط أصبح لديها اكتفاء ذاتي من أدوية بروتوكولات علاج كورونا بعد أن قامت بتوفير مستحضري "ريمديسفير وفففيبرافير"، وتصنيعهما محلياً بسعر يتراوح ما بين 10 لـ 20%.
كما ستكون مصر أول دولة في الشرق الأوسط تتوصل إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا بسواعد مصرية 100% (لقاح كوفي فاكس المصري)، في حين تم منح رخصة الاستخدام الطارئ للقاح سينوفاك/ فاكسيرا وبدء الإنتاج ليعد أول لقاح ينتج محلياً لفيروس كورونا.
وأضاف التقرير أنه يوجد 1100 مركز على مستوى الجمهورية لتلقي لقاح كورونا، من بينها 270 مركز شباب تم تجهيزه لتطعيم طلاب الجامعات، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المخزون الاستراتيجي للأكسجين في مصر وصل إلى 3.4 مليون لتر في سبتمبر 2021 بعد أن كان 2 مليون لتر.
هذا وقد رصد التقرير نظرة فيتش سوليوشنز لمصر في مجال صناعة الأدوية، والتي أكدت على أن مصر تتمتع بوضع جيد يؤهلها للعمل كمركز إقليمي لتجارة الأدوية لأنظمة الرعاية الصحية المجاورة، فضلاً عن تأكيدها أن مصر تمثل وجهة جاذبة للاستثمار لشركات الأدوية والرعاية الصحية متعددة الجنسيات.
ووفقاً لفيتش سوليوشنز أيضاً، فإن سوق الأدوية في مصر يعد واحداً من أكبر الأسواق في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما من المتوقع زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 5.9% بنهاية هذا العقد مقارنة بـ 5% في 2020، وذلك بفضل زيادة الاستثمارات.
وأورد التقرير توقعات فيتش للإنفاق على الصحة، والتي من المتوقع أن تصل إلى 21.2 مليار دولار عام 2021، و22.3 مليار دولار عام 2022، و24.8 مليار دولار عام 2023، و27 مليار دولار عام 2024، و29.7 مليار دولار عام 2025.
كما توقعت فيتش أن تبلغ قيمة صادرات الدواء 265.4 مليون دولار عام 2021، و273.4مليون دولار عام 2022، و282.7 مليون دولار عام 2023، و291.8 مليون دولار عام 2024، و301.9 مليون دولار عام 2025.
وبشأن مبيعات الأدوية في مصر، توقعت فيتش أن تصل إلى 4.9 مليار دولار في عامي 2021 و2022، و5.2 مليار دولار عام 2023، و5.5 مليار دولار عام 2024، و5.9 مليار دولار عام 2025.