حوار: سارة حامد
«لا نخاف.. وندفع مع المسلمين فواتير الإرهاب الأسود»، عبارة أكد عليها الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا فى حواره مع «المصور»، مضيفاً: عقب حداث أتوبيس المنيا اصطف المسلمون أكثر من الأقباط أمام الكنائس لتقديم المساعدات وهو ما يريد المتطرفون تعكيره بتنفيذ تلك الحوادث الإرهابية.
واستهدف مسلحون أتوبيسا يقل أقباطا أثناء توجههم لدير الأنبا صموئيل وأسفر عن مقتل ٢٩ وإصابة العشرات.. والحادثة التى جاءت بعد سنوات قليلة من حرق ٦٥٪ من إجمالى عدد الكنائس التى تم حرقها فى أعقاب فض اعتصامى رابعة والنهضة لجماعة الإخوان الإرهابية عقب عزل الإخوانى محمد مرسى، والذى أعقبه ذبح ٢٢ قبطيا تابعين لقرية العور بمركز سمالوط فى عام ٢٠١٥.
الأنبا مكاريوس طالب الدولة بمنع الفتاوى غير المشروعة التى تشعل الفتن الطائفية، والاهتمام بمحافظة المنيا بعد سنوات من الإهمال واختيار مسئوليها بعناية شديدة.
ما تفسيرك. من تكرار الحوادث ضد الأقباط فى المنيا؟
عوامل عديدة تسببت فى تكرار تلك الحوادث الإرهابية، ضد أقباط المنيا والتى كان آخرها استهداف حافلة تُقل أقباطا أغلبهم من الأطفال، وترجع أسباب ذلك إلى أن محافظة المنيا بها أعلى نسبة مسيحيين ما بين محافظات الجمهورية تصل إلى ٢ مليون مسيحى، بالإضافة إلى أن الأقباط المقيمين فى محافظات الوجه البحرى معظمهم لهم أصول من محافظات الصعيد وخاصة من محافظة المنيا.
وهل كثافة الأقباط العددية فى المنيا السبب الوحيد وراء استهدافهم؟
هناك عوامل متعددة أبرزها هو الإهمال الحكومى المتعاقب للمحافظة على مدار السنوات الماضية، فضلا عن أن محافظة المنيا تتميز بمساحتها الشاسعة تصل إلى ٣٢٢٧٩ كم مربعا، ونسبة كبيرة من تلك المساحة تعتبر ظهيرا صحراويا للمحافظة وهو ما يستغله كوادر المتطرفين فى المحافظة ويستقطبون به البسطاء ويهيمنون على أفكارهم لينضموا إلى جماعاتهم الإرهابية التى ترتكب جرائم لمحاولة التفرقة بين نسيج الوطن الواحد.
وماذا أيضا..؟
تحتاج محافظة المنيا أن يختار مسئوليها بعناية شديدة بسبب العوامل التى ذكرتها سابقا، ليس فقط ذلك بل أيضا أن تمنح صلاحيات كاملة للمحافظ، ومدير الأمن للقضاء على الإرهاب والتطرف ومنع أى حوادث طائفية قبل وقوعها، وأن يسمح لهم بقضاء مدد زمنية أطول ليتمكنوا من التعرف على تفاصيل المحافظة ويخترقوا الحواجز الإرهابية للتوصل إلى جذور الإرهاب المترسخة، ومن ثم سينتهى الإرهاب فى محافظة المنيا خاصة أن المحافظة الحالى اللواء عصام البديوي، ومدير الأمن اللواء فيصل دويدار يقومان بدورهما على الوجه الأمثل؛ لكن كالعادة المحافظين يتم تغييرهم قبل استكمال تعرفهم على مشكلات المحافظة وبدأ اتخاذ قرارات فيها، تلك حلول على المدى البعيد.
أما على المدى القريب، كان يجب مسح المنطقة عقب وقوع الحادث باستخدام الطائرات خاصة وأن الجناه لم يكونوا انتحاريين بل كانوا مسلحين، وهو ما يعنى إستمرار تواجدهم فى نفس المنطقة بعد الحادث لحين تمكنهم من الفرار.
وهل ستستمر احتفالات إبراشية المنيا بذكرى مرور العائلة المقدسة؟
العائلة المقدسة مرت على محافظة المنيا ضمن خط سيرها، وقد انتهينا من مظاهر إحتفالات الإيبراشية بتلك المناسبة قبل يوم واحد من وقوع الحادث.
فى رأيك..ما سر اختلاف إستراتيجية استهداف الأقباط تلك المرة؟
بعد أحداث البطرسية وطنطا وإسكندرية بات من الصعب اختراق أى كنيسة أو إيبراشية خاصة بعد تركيب بوابات إلكترونية وتشديد الحراسات الأمنية لذا أصبح الأسهل هو تتبع حافلات الأقباط المتجهة للأديرة، لأن من المعروف أن رحلات الأقباط تتجه إلى الأديرة فى أيام العطلات والأجازات وهو ما استغله الإرهاب، وليس كما يردد البعض أن تلك الجماعات تتابع مواقيت وإعلانات الإيبراشيات والكنائس عبر صفحات على الإنترنت، بالإضافة إلى أن ذلك الطريق الصحراوى لا يؤدى إلا إلى الدير، فالأمر بديهى أن المتوجهين إليه جميعهم مسيحيون.
إذن.. تُطالب بحراسات أمنية ترافق أتوبيسات الأقباط؟
أمر غير منطقى وغير عملى لأنها ليست رحلات سياحية تكون محددة المواعيد ومحدودة العدد، لكن رحلات الأديرة تخرج يوميا على مدار الساعة وليس لها مواعيد محددة وتتجه إلى أديرة مختلفة ومتعددة، ولا يوجد فى ذهنى خطة محددة لأقترحها من أجل تأمين الأقباط؛ لكن الأمر يتطلب مجهودات محكمة.
ردود فعل الأقباط جاءت هادئة هذه المرة.. ما السبب؟
الحديث عن تلك الحوادث الإرهابية أصبح مستهلكا، لذا الأقباط التزموا الصمت، فقبل أن ينتهى ذلك الصمت والصدمة من حادث يفيقوا على حادث إرهابى جديد خاصة أن الأحداث فى تزايد وكذلك أعداد الشهداء، والجميع يتساءل لما هذا الصمت والهدوء خاصة بعد تلك الحادث؟!، فأجيبهم بنفس الكلمات.
فى رأيك.. متى ينتهى استهداف الأقباط؟
حينما لا يقتصر جهد الدولة فقط على ضبط الجناه وتعقب المشتبه فيهم ومحاسبة المتورطين والتواجد فى أماكن ارتكاب الحادث، بل يمتد عمل الأجهزة الاستخباراتية إلى الكشف عن الجريمة قبل وقوعها لمنع حدوثها.. أريد أن أتحدث بوضوح أكثر..بعض أجهزة الدولة تحتاج إلى تنقية العاملين بها لأن البعض يستغل سلطته بطرق غير مشروعة، وأيضا نطالب الدولة بمنع الفتاوى غير المشروعة التى تشعل الفتن الطائفية غير المسئولة التى تزيد من التطرف والإرهاب وكراهية الآخر، بالإضافة إلى الخطب والمقالات ذات المضامين التحريضية التى تحض على المسيحيين وهو ما ينتج عنها الحوادث الإرهابية ويترتب عليها أضرار يتحملها الشعب المصرى بأكمله سواء بركود سياحى أو عجز اقتصادى وعدم استقرار أمنى.
ومتى يطمئن القبطى فى بلده؟
لا يوجد قبطى خائف، ومئات منهم اصطفوا حول كنائس المنيا بعد الحادث مباشرة، ودائما يتأمل المسيحى طريقين أحدهما هو الطريق المسيحى الذى يردد خلاله «أنا فخور بأنى أموت من أجل إيمانى وأعاقب بالقتل من أجله»، والطريق الثانى يردد» أنا كمصرى أرفض تدمير الممتلكات العامة والخاصة»، إذا أنا مسيحى وأيضا مصرى أحب بلدي.
من حرق الكنائس مرورا بذبح أقباط ليبيا وحافلة دير الأنبا صموئيل.. فى نظرك هل المواطن القبطى المنياوى مستهدف؟
٦٥٪ من الكنائس التى تم حرقها كانت فى محافظة المنيا، مرورا بحوادث ذبح الأقباط الفتن الطائفية التى تقع فى المحافظة بين الحين والآخر وصولا بحادث دير الأنبا صموئيل، جميعها أمور تؤكد أن المسيحى المنياوى لديه قدرة على التحمل والجَلد لذلك أؤكد لهم لكم الشرف والفخر أنكم مواطنون مستهدفون.. والسبب الحقيقى فى الاستهداف أن هُنا فى محافظة المنيا، المسيحى يعيش بجانب المسلم فى تلاحم وتعايش وتداخل ليس له مثيل، لكن ما يفسد ذلك المشهد هم القلة المتطرفة، لكن خابت مخططاتهم، فبعد حادث الدير اصطف المسلمون أكثر من الأقباط أمام الكنائس لتقديم المساعدات وهو ما يريد المتطرفون تعكيره بتنفيذ تلك الحوادث الإرهابية.
ماذا أيضا..؟
سلسلة الإرهاب لن تنتهى إذا ألقينا القبض على الجانى وحده وتركنا الذى خطط لارتكابها والذى سهل التنفيذ وأيضا الذى أعد العُدَة والأسلحة وغيرهم ممن اشتركوا فى التنفيذ، خاصة أن المنفذ الذى يتم القبض عليه وهو آخر طرف فى الجريمة الإرهابية.
كيف ترد على الحادث الإرهابى؟
على إخواننا المسلمين مسئولية كبيرة خاصة أنهم يتألمون بنفس قدر آلام أشقائهم المسيحيين، ويدفعون سويا فواتير الإرهاب الأسود.