الثلاثاء 24 سبتمبر 2024

اللواء كمال عامر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب: هزيمة الإرهاب.. أصعب حروب الدولة

31-5-2017 | 13:21

حوار: رانيا سالم

 

اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، يؤكد أن مصر تمتلك قدرات احترافية هائلة في مواجهتها مع الإرهاب المدعوم من القوى الكارهة لاستقرار البلد، وهو يثمّن النجاحات الكبيرة، التي حققتها القوات المسلحة في مواجهة الإرهابيين في سيناء.. وهو يربط هذا النجاح بمحاولة الذئاب المنفردة أو الإرهابيين المرتزقة تنفيذ عمليات خسيسة كعملية المنيا انطلاقًا من الصحراء الغربية.. هذه الصحراء التي يحاول الإرهابيون في ليبيا التسلل إليها لتنفيذ مخططاتهم.

“عامر” في حواره مع “المصوّر” يشير إلى أن الإرهاب صنيعة القوى الكارهة لعودة مصر إلى دورها الريادي في المنطقة والعالم، فهذه القوى في رأيه فتت سوريا والعراق واليمن وليبيا، وتريد أن تجرّب نفسها في “المحروسة”، لكن مصر – على حد قوله- لن تسقط وستدحر الإرهاب في نهاية المطاف.

رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، يوضح أن التصدى للإرهاب أصعب الحروب التى تخوضها الدولة المصرية لعدم وضوح العدو، وقدرته على التخفى بين أفراد السكان المحليين، لكنه يرى فى رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى الخاصة بالتفاف العالم أجمع لتجفيف منابع الإهاب والتصدى له الطريقة الأمثل للقضاء عليه، إلى تفاصيل الحوار.

لماذا تكررت العمليات الإرهابية التى استهدفت الأقباط فى الفترة الأخيرة؟

لابد أن ندرك أن المنطقة بأكملها كانت مستهدفة، وتمر بمرحلة استثنائية خاصة، تستهدف دولها لتفتيتها لتتحول إلى دويلات صغيرة؛ يصعب أن تدافع عن نفسها لتكون المنطقة بأكملها ساحة لتحقيق مصالح القوى الكارهة لمصر؛ وهى القوى التى تكره أن تكون الأمة قوية وأن تعود مصر بقوة لدورها الإقليمى والعالمى.

وهذه القوى الكارهة نجحت للأسف الشديد فى العراق وليبيا وسوريا واليمن بواسطة القوى المتطرفة وهى الأذرع الحقيقية داخل هذه الدول، والتى تدعمها القوى الكارهة سواء دعما ماديا أو التسليح أو المتطوعين، ونجحوا عبر هذه الآلية فى تحقيق أهدافهم فى جزء كبير من المنطقة، لكن تبقى لهم مصر، وبفضل الله؛ ثم يقظة جيشها وشعبها وتماسك نسيجها سيبقى هذا الشعب بمسلميه وأقباطه حائط صدّ في مواجهة هذه القوى.

فالاستهداف الحقيقى، التى تسعى وراءه القوى الكارهة هو وحدة النسيج الوطنى؛ أى السلام الاجتماعى بهدف إضعاف الدولة، فقوة الدولة المصرية فى أنها لم تعرف الطائفية أو الطبقية أو التحزب، وتمتلك جيشا ليس له انتماء حزبى أو طبقى أو أى انتماء سوى الانتماء والولاء للوطن والشعب، ولهذا تفتيت النسيج الوطنى المصرى يعتلى قائمة أهداف القوى الكارهة عبر استهداف أشقاء الوطن وهم الأقباط ليبعث لهم رسالة بأنهم يعيشون فى وطن غير قادر على حمايتهم.

وهذه القوى الكارهة استعانت بمجموعة من المتطرفين، الذىن سعوا لنشر الأفكار المتطرفة؛ وبدأ تغذيتهم لهذا الاتجاه عبر مناهج أو كتيبات متطرفة، ونجحوا بالفعل فى التأثير فى عملياتهم الإرهابية من قبل، لكن الأقباط المصريين لم يلتفتوا لمثل هذه العمليات الإهابية، التى تستهدف إخواننا الأقباط، حتى أن البابا تواضروس قال إن “وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن”، فهم أظهروا التكاتف الوطنى المعروف عن الشعب المصري، فولاؤهم وانتماؤهم لوطنهم، ولهذا لم تنجح هذه القوى حتى بعد هذه العمليات الإرهابية فى تفتيت الشعب المصرى.

هل نجاح العمليات العسكرية فى شبه جزيرة سيناء تسبب فى انتقالها إلى الصحراء الغربية؟

نجاح القوات العسكرية فى سيناء نجاح حاسم، ومع ذلك ما زالت القوات الأمنية فى سيناء تبحث عن أوكار الجماعات الإرهابية للقضاء عليه بشكل كامل، عبر العمليات القتالية الملقبة بحق الشهيد، تم تدمير آلاف الأنفاق والأوكار ومخازن تحتوي على آلاف الأطنان من المفرقعات، فالقوات المسلحة نجحت فى السيطرة الحازمة على أرض سيناء، التى ضحت ١٢٠ ألف شهيد سالت دماؤهم على أرض سيناء من أجل أرض سيناء.

أما الصحراء الغربية فبعد أن تحولت الأرض الليبية إلى ساحة جاذبة للجماعات الإرهابية أو المرتزقة، التى بدأت الانتقال إليها مع استمرار الدعم المالى والتسليح لهم من قبل القوى الكارهة لمصر، والحدود بين مصر وليبيا حوالى ١١١٥ كيلو مترا مربعا فى الصحراء، وبعد الثوة الليبية أصبح لدينا مجتمع منفلت على الحدود، وبالتالى هذه الحدود تمثل خطا شديدا على الحدود المصرية، وتؤثر على الأمن القومى المصرى لاحتمالية تسرب أى عناصر إرهابية عبر هذه الحدود.

ومجموعة المقاتلين المتطوعين هم من يطلق عليهم الذئاب المنفردة وهي جماعات متطوعة من بلاد مختلفة تلجأ إلى الصحراء الغربية، بعد أن فشلت فى الوجود فى سيناء نتيجة المواجهات الحاسمة المستمرة للقوات الأمنية، التى نجحت فى التصدى لوجود أى عناصر إرهابية، ووفقا للمعلومات فإن هناك عناصر تتسرب من العمليات الناجحة، التى تتم فى كل من العراق وسوريا، وتأتى عن طريق إفريقيا وتساعدهم في هذا ما تسمى جماعة “بوكو حرام” النيجيرية فى الوصول للصحراء الغربية، وهناك يجدون من يمولهم بالمال والأسلحة والسيارات.

ولكل هذه العوامل، طالب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى القمة العربية الإسلامية الإفريقية الأمريكية، الذى تم فى السعودية فى الرياض باستراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب بتجفيف منابع الإرهاب للسيطرة على تمويله للحد من تدفق المقاتلين عبر الحدود، فمصر يستهدف الإرهابيون تحويلها إلى دولة فاشلة وسيفشلون.

دولة فاشلة؟!

نعم, فهذا هو التطبيق لنظرية الجيل الرابع في الإرهاب.. تحويل الدول المستقرة إلى دول فاشلة من دون الدفع بمقاتلين أو الدخول حرب نظامية، وذلك عبر ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية وحرب نفسية تتمثل فى زرع الطائفية بين أبناء الشعب الواحد، وهو ما يطبق بين مسلمى وأقباط مصر، أو تفجير العرقيات داخل الدول مثل النوبة وعرب البدو فى سيناء ومرسى مطروح، أو نشر الشائعات واستثمار مواقع التواصل الاجتماعى فى هذا الأمر الخطير.

هذا يعنى أنه ليس هناك تغيير نوعى فى العمليات الإهابية، وإنما هى استراتيجية يتم تطبيقها عبر العمليات الإرهابية؟

هو بالتأكيد ليس تغييرا نوعيا؛ إنما هو الانتقال من الساحة السورية والعراقية إلى منطقة جديدة فى الصحراء الغربية فى ظل دعم مالى وعلى مستوى المتطوعين والأسلحة.. وهذا الدعم يأتي من القوى الكارهة لمصر، التى ترغب فى زعزعة الاستقرار داخل المحروسة.. والدليل على هذا ما ذكره الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما تحدث عن تدمير ألف سيارة دفع رباعى قادمة من الحدود الليبية، وفى الثلاثة شهور الماضية أعلن عن تدمير ٣٠٠ سيارة مسلحة محملة بأسلحة ومعدات، وهذا يعنى أن هناك استهدافا بالأسلحة والمعدات للدولة المصرية من جانب الصحراء الغربية.

كيف ترى الضربة الجوية للعناصر الإرهابية فى الصحراء الغربية؟

اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسى بالعناصر الأمنية بعد حادثة الأتوبيس، الذى استهدف أشقاءنا الأقباط، كان حاسمًا، وتبين أن العناصر، التى تسببت فى هجوم الأتوبيس هى عناصر قادمة من ليبيا، وهم عبارة عن مجموعة من المرتزقة قدموا من سوريا والعراق عبر إفريقيا ليتمركزوا فى ليبيا، ويتم بناء معسكراتهم وتدريبهم هناك، وبالتالي خرجوا لتنفيذ العمليات الإرهابية.

استهداف الإرهابيين المرتزقة، هل يجعلنا نبدي بعض الملاحظات على دور وزارة الداخلية؟

لا يمكننا أن ننكر دور وزارة الداخلية، التى نجحت فى الكشف عن عدد كبير من العناصر الإرهابية والقبض عليهم، ولكن نحن أمام حرب غير نظامية، فهى حرب قذرة، حتى أن القيادات الأمريكية فى الحرب على الإرهاب يقولون: أين العدو؟.، أو where is the enemy ، وهذا كله بسبب صعوبة الكشف عن العدو الإرهابى، فهى حرب ذات سمات خاصة، بها سمات الخسة، والتدنى وليس فيها أى نوع من أنواع الشجاعة، فهم يتخفون فى السكان المحليين وبكل الوسائل المختلفة، فهناك جهد واجتهاد من جانب الأجهزة الأمنية، لتطوير الإجراءات الأمنية، وفى المقابل العناصر الإرهابية تطور من آلياتها فى تنفيذ هجماتها، وهناك عنصر المفاجأة، وتخطيط الأجهزة المخابراتية للدول الكارهة لمصر، والتى تتعمد أن تختار أماكن وطرقا مختلفة لتنفيذ العمليات الإرهابية، لتحقيق عنصرين هما المفاجأة والحشد، لتحقيق أكبر قدر من الخسائر، وهو ما تحقق فى حادثة المنيا الأخيرة.

وهذا لايعنى أن هناك تقصيرا أمنيا بدليل أن الأجهزة الأمنية المصرية على علم بهذه الجماعات وأسماء من ينتمون لها، ونجحت فى القبض على عدد منهم، ولكن يجب أن نثق فى أننا نمتلك قوات أمن سواء عناصر شرطية أو قوات مسلحة على أعلى درجة من الاحتراف وتقوم بواجبها على أكمل وجه، لكن لانستطيع أن نمنع تماما هذه العمليات الإرهابية، بدليل أن هناك عمليات إرهابية تنفذ فى أكبر الدول المتقدمة فى فرنسا وبريطانيا وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية لم تمنع الإجراءات الأمنية المشددة هجوم برجى التجارة العالمى في ١١ سبتمبر.

كيف ترى خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى عن تصدى مصر للإهاب سواء داخل الأراضى المصرية أو خارجها؟

الرئيس السيسى مقتنع بأن العالم لابد أن يكون له دور فى مواجهة الإرهاب، فهو لم يعد ظاهرة إقليمية فقط، ولكن هى ظاهرة عالمية، وبالتالى لابد أن يشارك العالم فى مواجهة الإرهاب، وهى ليست مشاركة أمنية فقط، وإنما مشاركة شاملة سياسيا واقتصاديا وثقافيا، على أن يكون هناك تعاون فى مجال المعلومات، وهى الأساس، ثم تجفيف منابع التمويل المالى أو تمويل بالأسلحة والمعدات، والتعاون أمنى وعسكرى، على أن يقترح قوى مشتركة وتسليحا مشتركا، وهنا يمكننا أن نعمل حصارا شديدا على العناصر الإرهابية فى كل دول العالم.

ماذا فعل مجلس النواب للقضاء على الإرهاب؟

الهجوم على مجلس النواب والقول بأنه تراخى فى مواجهة الإرهاب أمر غير صحيح على الإطلاق، فكافة التشريعات، التى تصدى لها المجلس فى دور الانعقاد الأول والثانى تهدف التصدى بشكل مباشر أو غير مباشر فى مواجهة العناصر التكفيرية والإرهابية، كمواجهة الإرهاب وتغليظ العقوبات، وتم عقد جلسات استماع عن مواجهة الإرهاب أمنيا ودينيا وثقافيا، أما فيما يخص المجلس الأعلى للإرهاب وهو ما دشنه الرئيس عبد الفتاح السيسى، الفكرة الأساسية منه هي وضع استراتيجية أمنية وسياسية واجتماعية واقتصادية للتصدى للإرهاب على المدى الطويل، فثمار المجلس لن تقدم فى الوقت الحالى.

لكن هناك انزعاجا من المتابعين من تكرار هذه العمليات الإرهابية واستهداف أقباط مصر؟

احتمالية تكرار مثل هذه العمليات أمر وارد بل أكيد، فخطة الاستهداف واضحة، فالدولة مستهدفة للتأثير على السلام الاجتماعى وهدفهم الأقباط لإحداث انقسام فى النسيج الوطنى، لكن يجب أن نعلم أن الدولة والعناصر الأمنية تعمل أقصى جهدها، في ظل ظروف سياسية واقتصادية عامة صعبة، لم تمر بها الدولة المصرية من قبل.