الأربعاء 27 نوفمبر 2024

مقالات

إيقاع الدولة.. وسلوك المواطن

  • 19-10-2021 | 15:14
طباعة

فارق كبير بين وتيرة وإيقاع الدولة المصرية فى التطوير والتحديث والبناء وتوفير الخدمات والحياة الكريمة.. وبين سلوك بعض الفئات من المواطنين.. فلم يستوعب البعض خطورة بعض الثقافات والممارسات التى جلبت مظاهر القبح والتشويه مثل ظاهرة المخلفات والقمامة.. أو سوء الاستخدام للخدمات والمرافق.. من هنا تتضح حاجتنا إلى بناء وعى وتغيير سلوك وثقافات لنصل إلى صياغة شراكة جديدة بين الدولة والمواطن من أجل أن نواكب جميعًا إيقاع التطوير والتحديث الذى تتبناه الدولة والذى يتسارع بشكل يفوق التوقعات فضبط «السلوك الشعبى».. والتحلى بالوعى أهم عوامل الحفاظ على الإنجازات.. وبناء الدولة ذات الشأن.

حل الكثير من أزماتنا ومشاكلنا فى أيدينا.. وعلينا أن نتخلى عن ثقافات  «الأنا ماليه».. «والفهلوة» والإهمال.. فــ «بالوعى نحيا».. مطلوب تحرك مجتمعى وإعلامى ودينى وتعليمى وثقافى للقضاء على سلوكيات مسيئة ومعطلة تشوه جمال وإبداع البناء الذى يمضى بأسرع مما نتوقع.. إيقاع الدولة.. وسلوك المواطن

الدولة المصرية تتغير بإيقاع سريع إلى الأفضل فى كل المجالات والقطاعات تبنى للناس أفضل ما هو موجود فى العالم بمواصفات ومعايير قياسية طريق حديثة وبنية أساسية وتحتية على أعلى مستوى.. ومرافق فاخرة وإسكان لائق وكريم فى مناطق حضارية وتأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا والتحول الرقمى.. لكن فى نفس الوقت نحتاج لتغيير سلوكيات الناس حتى تتواكب مع الدولة الحديثة التى تدخل عصر الجمهورية الجديدة.

تغيير ثقافات وسلوكيات الناس التى ترسخت على مدار عقود طويلة ليس بالأمر الهين أو اليسير.. بل هو أمر يحتاج جهداً وعملا خلاقا وفكرا خارج الصندوق، ورؤية عميقة تستطيع الوصول إلى تفكيك ثقافات وسلوكيات بعض المواطنين من خلال وسائل استثنائية للإقناع مع ضرورة أن يواكب ذلك وجود بعض التشريعات لتغليظ عقوبة السلوكيات السلبية.

من المهم والضرورى أن يتواكب ما وصلت إليه الدولة المصرية من بناء فاخر وتطور سريع الإيقاع مع سلوكيات متحضرة تحافظ على هذا البنيان ورونقه ونظافته وبريقه.. ولن يتأتى ذلك إلا بتغيير أنماط السلوك إلى الأفضل. من أهم السلوكيات السلبية فى المجتمع المصرى عدم الحفاظ على جودة المرافق والشوارع والوسائل الخدمية.. فمعضلة عدم النظافة فى الشارع المصرى أمر سيئ للغاية جاءت من سلوكيات غير مسئولة ولا مبالاة مفرطة.. انعكست على السلوك .. فهذا مواطن يلقى من نافذة سيارته أكياس القمامة أو بواقى الطعام أو علب المياه الغازية فى عرض الشارع دون حياء أو خجل من نفسه أو وجود أدنى مسئولية بالحفاظ على نظافة الشارع أو إدراك حقيقى بأنه مسئول عن الحفاظ على سمعة وطنه.. وصورة المجتمع المصرى. قضية النظافة التى تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتاحه عددًا من مشروعات الإسكان البديل للمناطق غير الآمنة.. هى مسئولية تشاركية بين الدولة والشعب.. وتفاقم هذه المشكلة أو الظاهرة يعود إلى السلوكيات والممارسات الخاطئة الخاصة بقطاع عريض من المواطنين وهى سلوكيات غير مسئولة تعانى من اللا مبالاة وغياب الوعى وعدم الإدراك لما تقوم به الدولة من تحديث وتطوير وتجميل وخدمات وبناء بأعلى المواصفات. نحن فى حاجة إلى منظومة دقيقة ومحكمة لمواجهة ظاهرة «القمامة والسلوكيات الخاطئة ».. فالدولة مستعدة لتوفير الميزانيات والتعاقد مع الشركات وتحويل الاستفادة من هذه المخلفات ذات الكميات الهائلة والناتجة عن الإسراف والمبالغة والهدر بعكس المجتمعات الغربية التى تشترى وتستهلك على القدر.. فنجد المواطن فى أوروبا يشترى الفاكهة بـ «الحباية».. وما يكفيه فقط أما نحن فبعشرات «الكيلوات» وغيرها من مظاهر البذخ والإسراف المُبالغ فيه.

الحقيقة أن «النظافة» تحتاج وعيا حقيقيا وتغيير السلوكيات سواء من خلال الإعلام الغائب عن حملات التوعية.. والذى نسى هذا الملف تمامًا.. فلابد أن تكون هناك مجموعة من الرسائل حتى تحت شعار «عيب» وتقدم كل يوم أحد المظاهر السلبية ثم الإكثار فى كاميرات المراقبة لتسجيل مخالفات فى «الأحياء» التى لا تؤدى دورها وافتقدت الرؤية فى بناء الوعى لدى الناس أو القيام بمبادرات تستنهض همم ووعى الناس.. ويستطيع رئيس الحى التعاون مع المجتمع المدنى والقادرين من سكان الأحياء أن يفعل مبادرات ومنظومة للارتقاء بنظافة وجمال الحى الذى تعيش فيه الناس أيضًا.. لماذا تغلق المدارس صيفًا أبوابها بالكامل دون وجود أى نشاط.. ولماذا لا يشعر الطلاب انهم شركاء ومسئولون عن إصلاح وتطوير وتجميل ونظافة المدرسة وفق برامج تطوعية لإشعارهم بالمسئولية والانتماء لهذه المدرسة.

سلوكيات أخرى كنا نراها خلال عقود طويلة مثل الكتابة والشخبطة على الجدران وعلى مترو الأنفاق ووسائل النقل العام وقطارات السكة الحديد بل يصل الأمر أحيانًًا إلى «تقطيع» وتمزيق المقاعد بـ «موس» ولا أدرى ما هى المتعة التى يجدها مرتكب هذا السلوك سوى أنه مريض نفسى ومختل عقلى وفاقد لأى مسئولية. ترى أيضًا وأنت تركب قطارًا فاخرًا أنفقت عليه الدولة ميزانيات ضخمة لخدمة الناس أن هناك باعة جائلين يدخلون عربات القطارات أو أن أحد الركاب يقوم بإلقاء أعقاب السجائر والمهملات بين العربات أو يحول المقعد إلى سلة مهملات ومخلفات، إن غياب المسئولية الذاتية هو كارثة حقيقية تحتاج وقفة ووعى ممزوج بإجراءات على الأرض مثل تشديد العقوبات لهذه المخالفات أيضًا التوسع فى تركيب الكاميرات والرقابة على هذه النماذج المهملة معدومة الوعى والضمير. نماذج أخرى للسلوكيات الخاطئة.. هى إصرار البعض على دخول محطات السكة الحديد رغم أنهم ليسوا من المسافرين وفى اعتقادى أن سداد مبلغ الـ ٣ جنيهات لا يكفى.. بل لابد أن يكون ٠٥ جنيهًا وحتى يتم الاكتفاء فقط بدخول محطة السكة الحديد للشخص المسافر أو من يريد حجز تذكرة وإذا تم تعميم الحجز بالنظام الإلكترونى والرقمى فإنه لا حجة لدخول أحد من غير المسافرين الذين يحملون تذكرة أو إخطارًا بالمقعد فى القطار بالموعد المحدد. دعونا نصارح أنفسنا كمجتمع فى دولة تمضى نحو التطوير والتحديث بوتيرة تفوق التوقعات وبإيقاع بالغ السرعة.. فلا يجب أن نكون متأخرين عن ركب التطوير والتحديث والرقى الذى تشهده بلدنا.. ولابد أن نتعلم السلوكيات المتحضرة.

أعود مرة أخرى لمشكلة وظاهرة انتشار القمامة والمخلفات.. ولا أدرى لماذا لا يكون هناك بناء وعى حول هذه القضية فى الإعلام أو المدارس والجامعات وقبل كل ذلك تعظيم فضيلة النظافة فى بيوتنا.. فعلينا أن نربى أبناءنا وأطفالنا على عدم إلقاء المهملات والمخلفات إلا فى المكان الصحيح المخصص لذلك ونجعلهم يمارسون ذلك أمام أعيننا.. هل من المقبول أن أكوام القمامة أو المخلفات تنتشر فى شوارعنا ومناطقنا التى نعيش فيها.. لابد ألا نسمح حتى بمجرد إلقاء منديل فى الشارع.. هذه الثقافة لابد أن تترسخ بداخل الجميع ولابد أن يكون للمسجد والكنيسة دور فى مواجهة هذه الظاهرة بمحاربة الإسراف والبذخ وأيضًا ترسيخ الانضباط والمسئولية العميقة فى قيام كل واحد منا بواجبه نحو الحفاظ على البيئة التى نعيش فيها.

ديننا يقول إن النظافة من الإيمان والغريب اننا نتشدق بالدين ونفعل ما يخالف تعاليمه.. وأيضًا لا أرى أى مبرر لوجود السيارات القديمة والخردة والمتهالكة والمتقادمة فى الشوارع والمناطق بالأحياء المختلفة فهذا خطر كبير يهدد الناس ولا ندرى ماذا بهذه السيارات وعندما تتم إزالة المخلفات من السيارات المتهالكة تتسع الرؤية ويمكن أن نضيف أو نستبدل أماكنها بمظاهر جمال وإبداع أخرى.

السؤال المهم الذى يلفت الانتباه لماذا تصر شركات وعمال النظافة على العمل فى وضح النهار من الصباح وحتى العصر.. لماذا لا يكون العمل على نظافة الشوارع يبدأ من منتصف الليل وحتى الساعات الأولى من الصباح وهى الفترة التى تقل فيها الحركة وينخفض الزحام ويتم العمل بسلاسة.. كذلك لابد من مزيد من الاهتمام بعمال النظافة هذه الفئات التى تحتاج إلى نظرة مجتمعية أفضل لأنهم يؤدون دورًا مهمًا.. فقد كنت أقف أمام أحد الفنادق فى ألمانيا ورأيت عامل النظافة يرتدى «قفازًا» ومهندمًا ولديه معدة تشبه «البراويطة» يدفعها أمامه ووصل به الأمر أنه يلتقط قصاصة ورق أو عقب «سيجارة».. هذه الفئات تقوم بعمل مهم فى حياتنا ولابد أن تحظى بالاحترام والتقدير والاهتمام والمظهر اللائق والدخل المناسب.

لماذا لا تكرم المحافظات والأحياء عمال النظافة وتنشر أخبار هذا التكريم والاحتفاء بهم فى وسائل الإعلام.. ولماذا لا يكون هناك عامل النظافة المثالى، ولماذا لا يشارك طلاب الجامعات فى نظافة جامعاتهم حتى نرسخ فيهم أن العمل ليس عيبًا بل شرف ونشركهم فى المسئولية بحيث تكون كل كلية مسئولة لمدة يوم عن نظافة الجامعة مثلاً.. فى اليابان لا أحد يستعين بعمال نظافة فى المدارس أو الجامعات بل الاعتماد على التلاميذ والطلاب.. ومن هنا نحافظ على نظافة المدرسة أو الجامعة ونرسخ مفهوم فضيلة النظافة كأسلوب حياة فى وعى الأبناء. أعتقد أن وتيرة وإيقاع التطور فى الدولة المصرية.. وما تشهده من بناء فاخر.. وحياة كريمة وشوارع جميلة ودولة تنشد لنا الرقى والخدمات العصرية.. ومع استعدادنا لدخول عصر الجمهورية الجديدة.. كل ذلك يفرض علينا أن نتخلى عن ثقافة «اللا مبالاة» و«الأنا مالية» والفهلوة والاستهتار وأن نكون على قدر كبير من المسئولية والثقافات المتحضرة.. بناء الدولة ذات الشأن هو مسئولية تشاركية بين «الدولة والشعب».. وليس مسئولية القيادة أو الحكومة وحدها بل المسئولية جماعية بين القيادة والحكومة والمواطن. تحيا مصر

فارق كبير بين وتيرة وإيقاع الدولة المصرية فى التطوير والتحديث والبناء وتوفير الخدمات والحياة الكريمة.. وبين سلوك بعض الفئات من المواطنين.. فلم يستوعب البعض خطورة بعض الثقافات والممارسات التى جلبت مظاهر القبح والتشويه مثل ظاهرة المخلفات والقمامة.. أو سوء الاستخدام للخدمات والمرافق.. من هنا تتضح حاجتنا إلى بناء وعى وتغيير سلوك وثقافات لنصل إلى صياغة شراكة جديدة بين الدولة والمواطن من أجل أن نواكب جميعًا إيقاع التطوير والتحديث الذى تتبناه الدولة والذى يتسارع بشكل يفوق التوقعات فضبط «السلوك الشعبى».. والتحلى بالوعى أهم عوامل الحفاظ على الإنجازات.. وبناء الدولة ذات الشأن.

حل الكثير من أزماتنا ومشاكلنا فى أيدينا.. وعلينا أن نتخلى عن ثقافات  «الأنا ماليه».. «والفهلوة» والإهمال.. فــ «بالوعى نحيا».. مطلوب تحرك مجتمعى وإعلامى ودينى وتعليمى وثقافى للقضاء على سلوكيات مسيئة ومعطلة تشوه جمال وإبداع البناء الذى يمضى بأسرع مما نتوقع.. إيقاع الدولة.. وسلوك المواطن

الدولة المصرية تتغير بإيقاع سريع إلى الأفضل فى كل المجالات والقطاعات تبنى للناس أفضل ما هو موجود فى العالم بمواصفات ومعايير قياسية طريق حديثة وبنية أساسية وتحتية على أعلى مستوى.. ومرافق فاخرة وإسكان لائق وكريم فى مناطق حضارية وتأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا والتحول الرقمى.. لكن فى نفس الوقت نحتاج لتغيير سلوكيات الناس حتى تتواكب مع الدولة الحديثة التى تدخل عصر الجمهورية الجديدة.

تغيير ثقافات وسلوكيات الناس التى ترسخت على مدار عقود طويلة ليس بالأمر الهين أو اليسير.. بل هو أمر يحتاج جهداً وعملا خلاقا وفكرا خارج الصندوق، ورؤية عميقة تستطيع الوصول إلى تفكيك ثقافات وسلوكيات بعض المواطنين من خلال وسائل استثنائية للإقناع مع ضرورة أن يواكب ذلك وجود بعض التشريعات لتغليظ عقوبة السلوكيات السلبية.

من المهم والضرورى أن يتواكب ما وصلت إليه الدولة المصرية من بناء فاخر وتطور سريع الإيقاع مع سلوكيات متحضرة تحافظ على هذا البنيان ورونقه ونظافته وبريقه.. ولن يتأتى ذلك إلا بتغيير أنماط السلوك إلى الأفضل. من أهم السلوكيات السلبية فى المجتمع المصرى عدم الحفاظ على جودة المرافق والشوارع والوسائل الخدمية.. فمعضلة عدم النظافة فى الشارع المصرى أمر سيئ للغاية جاءت من سلوكيات غير مسئولة ولا مبالاة مفرطة.. انعكست على السلوك .. فهذا مواطن يلقى من نافذة سيارته أكياس القمامة أو بواقى الطعام أو علب المياه الغازية فى عرض الشارع دون حياء أو خجل من نفسه أو وجود أدنى مسئولية بالحفاظ على نظافة الشارع أو إدراك حقيقى بأنه مسئول عن الحفاظ على سمعة وطنه.. وصورة المجتمع المصرى. قضية النظافة التى تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتاحه عددًا من مشروعات الإسكان البديل للمناطق غير الآمنة.. هى مسئولية تشاركية بين الدولة والشعب.. وتفاقم هذه المشكلة أو الظاهرة يعود إلى السلوكيات والممارسات الخاطئة الخاصة بقطاع عريض من المواطنين وهى سلوكيات غير مسئولة تعانى من اللا مبالاة وغياب الوعى وعدم الإدراك لما تقوم به الدولة من تحديث وتطوير وتجميل وخدمات وبناء بأعلى المواصفات. نحن فى حاجة إلى منظومة دقيقة ومحكمة لمواجهة ظاهرة «القمامة والسلوكيات الخاطئة ».. فالدولة مستعدة لتوفير الميزانيات والتعاقد مع الشركات وتحويل الاستفادة من هذه المخلفات ذات الكميات الهائلة والناتجة عن الإسراف والمبالغة والهدر بعكس المجتمعات الغربية التى تشترى وتستهلك على القدر.. فنجد المواطن فى أوروبا يشترى الفاكهة بـ «الحباية».. وما يكفيه فقط أما نحن فبعشرات «الكيلوات» وغيرها من مظاهر البذخ والإسراف المُبالغ فيه.

الحقيقة أن «النظافة» تحتاج وعيا حقيقيا وتغيير السلوكيات سواء من خلال الإعلام الغائب عن حملات التوعية.. والذى نسى هذا الملف تمامًا.. فلابد أن تكون هناك مجموعة من الرسائل حتى تحت شعار «عيب» وتقدم كل يوم أحد المظاهر السلبية ثم الإكثار فى كاميرات المراقبة لتسجيل مخالفات فى «الأحياء» التى لا تؤدى دورها وافتقدت الرؤية فى بناء الوعى لدى الناس أو القيام بمبادرات تستنهض همم ووعى الناس.. ويستطيع رئيس الحى التعاون مع المجتمع المدنى والقادرين من سكان الأحياء أن يفعل مبادرات ومنظومة للارتقاء بنظافة وجمال الحى الذى تعيش فيه الناس أيضًا.. لماذا تغلق المدارس صيفًا أبوابها بالكامل دون وجود أى نشاط.. ولماذا لا يشعر الطلاب انهم شركاء ومسئولون عن إصلاح وتطوير وتجميل ونظافة المدرسة وفق برامج تطوعية لإشعارهم بالمسئولية والانتماء لهذه المدرسة.

سلوكيات أخرى كنا نراها خلال عقود طويلة مثل الكتابة والشخبطة على الجدران وعلى مترو الأنفاق ووسائل النقل العام وقطارات السكة الحديد بل يصل الأمر أحيانًًا إلى «تقطيع» وتمزيق المقاعد بـ «موس» ولا أدرى ما هى المتعة التى يجدها مرتكب هذا السلوك سوى أنه مريض نفسى ومختل عقلى وفاقد لأى مسئولية. ترى أيضًا وأنت تركب قطارًا فاخرًا أنفقت عليه الدولة ميزانيات ضخمة لخدمة الناس أن هناك باعة جائلين يدخلون عربات القطارات أو أن أحد الركاب يقوم بإلقاء أعقاب السجائر والمهملات بين العربات أو يحول المقعد إلى سلة مهملات ومخلفات، إن غياب المسئولية الذاتية هو كارثة حقيقية تحتاج وقفة ووعى ممزوج بإجراءات على الأرض مثل تشديد العقوبات لهذه المخالفات أيضًا التوسع فى تركيب الكاميرات والرقابة على هذه النماذج المهملة معدومة الوعى والضمير. نماذج أخرى للسلوكيات الخاطئة.. هى إصرار البعض على دخول محطات السكة الحديد رغم أنهم ليسوا من المسافرين وفى اعتقادى أن سداد مبلغ الـ ٣ جنيهات لا يكفى.. بل لابد أن يكون ٠٥ جنيهًا وحتى يتم الاكتفاء فقط بدخول محطة السكة الحديد للشخص المسافر أو من يريد حجز تذكرة وإذا تم تعميم الحجز بالنظام الإلكترونى والرقمى فإنه لا حجة لدخول أحد من غير المسافرين الذين يحملون تذكرة أو إخطارًا بالمقعد فى القطار بالموعد المحدد. دعونا نصارح أنفسنا كمجتمع فى دولة تمضى نحو التطوير والتحديث بوتيرة تفوق التوقعات وبإيقاع بالغ السرعة.. فلا يجب أن نكون متأخرين عن ركب التطوير والتحديث والرقى الذى تشهده بلدنا.. ولابد أن نتعلم السلوكيات المتحضرة.

أعود مرة أخرى لمشكلة وظاهرة انتشار القمامة والمخلفات.. ولا أدرى لماذا لا يكون هناك بناء وعى حول هذه القضية فى الإعلام أو المدارس والجامعات وقبل كل ذلك تعظيم فضيلة النظافة فى بيوتنا.. فعلينا أن نربى أبناءنا وأطفالنا على عدم إلقاء المهملات والمخلفات إلا فى المكان الصحيح المخصص لذلك ونجعلهم يمارسون ذلك أمام أعيننا.. هل من المقبول أن أكوام القمامة أو المخلفات تنتشر فى شوارعنا ومناطقنا التى نعيش فيها.. لابد ألا نسمح حتى بمجرد إلقاء منديل فى الشارع.. هذه الثقافة لابد أن تترسخ بداخل الجميع ولابد أن يكون للمسجد والكنيسة دور فى مواجهة هذه الظاهرة بمحاربة الإسراف والبذخ وأيضًا ترسيخ الانضباط والمسئولية العميقة فى قيام كل واحد منا بواجبه نحو الحفاظ على البيئة التى نعيش فيها.

ديننا يقول إن النظافة من الإيمان والغريب اننا نتشدق بالدين ونفعل ما يخالف تعاليمه.. وأيضًا لا أرى أى مبرر لوجود السيارات القديمة والخردة والمتهالكة والمتقادمة فى الشوارع والمناطق بالأحياء المختلفة فهذا خطر كبير يهدد الناس ولا ندرى ماذا بهذه السيارات وعندما تتم إزالة المخلفات من السيارات المتهالكة تتسع الرؤية ويمكن أن نضيف أو نستبدل أماكنها بمظاهر جمال وإبداع أخرى.

السؤال المهم الذى يلفت الانتباه لماذا تصر شركات وعمال النظافة على العمل فى وضح النهار من الصباح وحتى العصر.. لماذا لا يكون العمل على نظافة الشوارع يبدأ من منتصف الليل وحتى الساعات الأولى من الصباح وهى الفترة التى تقل فيها الحركة وينخفض الزحام ويتم العمل بسلاسة.. كذلك لابد من مزيد من الاهتمام بعمال النظافة هذه الفئات التى تحتاج إلى نظرة مجتمعية أفضل لأنهم يؤدون دورًا مهمًا.. فقد كنت أقف أمام أحد الفنادق فى ألمانيا ورأيت عامل النظافة يرتدى «قفازًا» ومهندمًا ولديه معدة تشبه «البراويطة» يدفعها أمامه ووصل به الأمر أنه يلتقط قصاصة ورق أو عقب «سيجارة».. هذه الفئات تقوم بعمل مهم فى حياتنا ولابد أن تحظى بالاحترام والتقدير والاهتمام والمظهر اللائق والدخل المناسب.

لماذا لا تكرم المحافظات والأحياء عمال النظافة وتنشر أخبار هذا التكريم والاحتفاء بهم فى وسائل الإعلام.. ولماذا لا يكون هناك عامل النظافة المثالى، ولماذا لا يشارك طلاب الجامعات فى نظافة جامعاتهم حتى نرسخ فيهم أن العمل ليس عيبًا بل شرف ونشركهم فى المسئولية بحيث تكون كل كلية مسئولة لمدة يوم عن نظافة الجامعة مثلاً.. فى اليابان لا أحد يستعين بعمال نظافة فى المدارس أو الجامعات بل الاعتماد على التلاميذ والطلاب.. ومن هنا نحافظ على نظافة المدرسة أو الجامعة ونرسخ مفهوم فضيلة النظافة كأسلوب حياة فى وعى الأبناء. أعتقد أن وتيرة وإيقاع التطور فى الدولة المصرية.. وما تشهده من بناء فاخر.. وحياة كريمة وشوارع جميلة ودولة تنشد لنا الرقى والخدمات العصرية.. ومع استعدادنا لدخول عصر الجمهورية الجديدة.. كل ذلك يفرض علينا أن نتخلى عن ثقافة «اللا مبالاة» و«الأنا مالية» والفهلوة والاستهتار وأن نكون على قدر كبير من المسئولية والثقافات المتحضرة.. بناء الدولة ذات الشأن هو مسئولية تشاركية بين «الدولة والشعب».. وليس مسئولية القيادة أو الحكومة وحدها بل المسئولية جماعية بين القيادة والحكومة والمواطن. تحيا مصر

أخبار الساعة

الاكثر قراءة