الجمعة 27 سبتمبر 2024

بالصور.. إزالة التعديات تصطدم بـ«حرافيش العشوائيات»

31-5-2017 | 18:04

السكان يهددون بالانتقام.. وخبراء يحذرون من الانفجار

متخصصون: رفع التعديات دون معالجة يوسع دائرة الإرهاب

 

حذر متخصصون مهتمون بخطط تطوير العشوائيات، من إزالة الحكومة للمناطق العشوائية دون دارسة متأنية ومتكاملة حتى لا تواجه الدولة قنبلة موقوتة معرضة للانفجار في أي وقت، وخاصة وأن سكانها يقدرون بالملايين بمتخلف محافظات الجمهورية.

وشرعت الحكومة بمساعدة السلطات الأمنية، في تنفيذ قرارات التعديات على أملاك الدولة، تنفيذًا لتعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولن تترك السلطات أي تعديات حتى يتم التعامل معها بالطرق القانونية التي لا تفرق بين غني وفقير.

ودأبت الحكومة على سرعة تنفيذ إزالة التعديات، والتي يقع في نطاقها أغلب المناطق العشوائية باعتبارها مخالفة ومقامة على أملاك غير شرعية.

وفق البيانات الرسمية الصادرة في عام 2012 عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، فأن عدد المناطق العشوائية المطلوب إزالتها 81 منطقة يسكنها10  ملايين و200 ألف مصري.

وفي منتصف 2015، أكدت الدكتورة ليلى إسكندر، وزيرة الدولة للتطوير الحضاري والعشوائيات السابقة، أن 40% من سكان مصر يعيشون في المناطق العشوائية، ويقدر عددهم بنحو40 مليون مواطنًا أغلبهم يتمركز في محافظتي القاهرة والجيزة.

إزالة التعديات على المناطق العشوائية دفعة واحدة، يعتبرها متخصصون كارثة كبرى، لأن يقطن بها الملايين من المصريين ولا يوجد لهم مأوى آمن غير تلك المناطق الغير آمنة، مؤكدين أن قرار إزالة التعديات العشوائية يحتاج إلى مزيد من التريث والحكمة حتى لا يؤدي إلى الاحتقان والغضب بين سكان تلك المناطق الغير آمنة.

في محاولة لـ«الهلال اليوم» لاستيضاح الأمور، التقت بمجموعة من سكان تلك المناطق لمعرفة مدى استجابتهم لقرارات الحكومة، ورد فعلهم على تنفيذ الإزالات بقوة القانون.

البداية كانت مع عشوائيات منشية ناصر، فلتقينا بـ"أحمد.م" أحد سكان المنطقة الذي قال لنا: " نعيش حياة غير آدمية في تلك المناطق التي لا يعلم عنها أحد شيئًا، وسئمنا من الشكاوي والمطالب من أجل وجود بدائل آمنة تتناسب معنا”.

ويضيف:" أن الحكومة تتعامل بسياسة "فرد العضلات" ولا تستمع لأحد ولا تُوفر لنا بديل مناسب، مما سيودي إلى تشريد أغلب الأسر التي لن تجد غير الشارع ملجئ ومأوى لها، وهنا ستتولد لدى الجميع الرغبة في الانتقام من المجتمع الذي لفظنا لأننا ضحايا الظروف ليس إلا".

"سامي. س" التقط منه طرف الحديث قائلًا:" الحكومة يوم ما توفر لينا شقق توفر 1000 شقة وتزيل 500 ألف يعني ألف يسكنوا وآلاف يتشردوا، ودي لغة قاسية من الحكومة هتخلينا ننفجر وكل حاجة ليها آخر، عاوزين يزيلوا يوفروا لينا بديل مناسب ولا هما عاوزين نبقى مجرمين ونسرق وأولانا يتشردوا".

وتابع غاضبًا:" الكل كتب عن أزماتنا ومشاكلنا لكن مفيش حل، ما بنخدش غير كلام وخلاص والحكومة بتعمل اللي هي عوزاه، متعرفش فعلا حجم الخطر الموجود وأن فيه ملايين الأسرة موجودة في العشوائيات وهما اللي سابونا لما وصلنا لكده عاوزين يدبحونا دلوقتي".

أما "أسماء. س" التي أحمر وجها قبل تقاطع "سامي" قائلة:" الراجل يبقى يجي يزيل يبقى يشلونا جثث من هنا، هو هيبقى موت وخراب ديار مش كفاية مش عارفين نجيب أكل لأولادنا، وبعدين يوم ما يوفروا لينا شقق يوفروها في الصحرا وده بعيد عن أكل عيشنا يعني الفلوس اللي بنخدها مش هتقضينا مواصلات وده ممكن يخلينا نسيب الشقق ونرجع للعشوائيات تاني".

وتابعت:" أحنا مش معترضين على حاجة بس يوجدوا لنا البديل المناسب، غير كده هنتشرد وننتقم من المجتمع الجاحد، اللي عاوز يزرع جوانا فريضة الانتقام والكراهية، مفيش حد حاسس بينا الكل عاوز يخلص علينا أحنا ذنبنا أيه والله حرام".

وانتقلنا بعد ذلك لمنطقة بطن البقرة في السيدة زينب، وجدنا شابًا يقف أمام المنطقة التي أزالتها الحكومة الأيام الماضية، حيث نجحت في إزالة المنطقة بالكامل، بادرني قائلًا:" جاي تصور أيه ما الدنيا خربت واللي حصل حصل وشردونا واللي كان كان، حتى الشقق في الصحرا ومش جنب شغلنا وكمان في مئات الأسر مأخدتش شقق ولا حاجة، بيقولوا علينا عشوائيات أمال اللي بيعملوا ده أيه مش عشوائية وخراب بيوت وتشريد كل ده دون دراسة أو تأني".

ولفت إلى أنهم لجأوا إلى كل السبل القانونية لوقف قرارات الإزالة وصدرت بعض القرارت من النيابة بوقف الإزلات وخاصة إننا نملك عقودًا للأرض المقامة عليها المباني، ولكن الحكومة ضربت بالقانون عرض الحائط وانتزعت أملاكنا بالقوة.

وفي هذا السياق، يؤكد خبير التنمية المحلية، الدكتور حمدي عرفة، أن سكان العشوائيات يعشيون حياة خطرة للغاية، حيث أن هناك ما يتخطى الـ 30 مليون مصري في مناطق عدة يتمركز أغلبهم في القاهرة والجيزة، مشيرًا إلى أن هناك عائلات كاملة تعيش في العشوائيات بما يمثل ظاهرة متوحشة ومتراكمة.

ولفت في تصريحات خاصة لـ«الهلال اليوم» إلى أن سكان تلك المناطق لن يقبلوا أن يكونوا في الشارع بعد تنفيذ قرارات الإزالة بشكل كامل، ولكن لا بد من إيجاد حلول بديلة تتماشى من سكان تلك الأحياء.

وشدد على ضرورة إزالة العشوئيات من مصر بشكل كامل، لأنها قنبلة موقوتة وخطر على المجتمع وتأوي العديد من المجرمين الغير مسجلين، ولكن الأمر يحتاج إلى رؤية واضحة وحل يقضي ويعالج المشكلة في آن واحد.

وعن تطوير المناطق العشوائية، أكد خبير التنمية المحلية، ضرورة تأهيل تلك المناطق وتحسينها وتطويرها بالشكل الحضاري، بعد إجلاء سكانها على مراحل وتسكينهم في مناطق صالحة للآدميين.

أما صبري الجندي، المستشار الإعلامى للوزارة التنميه المحلية الحالي، قال إن ازالة العشوائيات تأتي ضمن تطبيق القانون وتنفيذًا لتعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي شدد على ضرورة استرداد أراضى الدولة من المعتدين عليها بالشكل الغير قانوني.

وأضاف لـ«الهلال اليوم» أن الدولة ليست مجبرة على توفير أماكن بديلة لسكان تلك المناطق وخاصة وأنهم مخالفين للقانون ومغتصبين لأراضي وأملاك الشعب المصري، وأغلبهم نازحين من المحافظات والأقاليم وقطنوا في تلك المناطق بالمخالفة.

وأكد أن وزارة التنمية المحلية ستعقد اجتماعًا مع المحافظين؛ لبحث سبل حل الأزمة وأمكانية إيجاد حلولاً بديلة، مشددًا على جدية الدولة في إزالة أي تعديات ولن يكون هناك تهاون مع المغتصبين للأراضي.

أما الدكتور محمد سليمان، يرى أن الحكومة لا تتعامل بحكمة مع الأزمة وتذيل ملايين الأسر مقابل توفير مساكن بديلة للآلاف فقط، حيث شيدت حي الأسمرات، وأزالة أمامة 1200 منطقة بما يقدر بنحو 3 ملايين أسرة يقطنون في الحشش والصفيح.

ولفت لـ«الهلال اليوم» إلى أن الإزالة العشوائية التي لا تقوم على رؤية واضحة سوف تنتج لنا مجرمين وإرهابين تلتقطهم التنظيمات المتطرفة وتستغل دافع الانتقام داخلهم لتنفيذ أجنداتهم الخاصة وتنفيذ العمليات الإرهابية، مؤكدًا أن العشوائيات باتت قنبلة موقوته على حافة الانفحار، ولم يقترب منها الرئيس الأسبق مبارك بقرار إزالة كلي وكان يتم التعامل وفق دراسة وتخطيط وإزالة جزئية مقابل توفير بدائل.

وطالب بضرورة وضح دراسة متأنية لمواجهة ذلك الخطر حتى لا تحدث كارثة سنعاني منها جميعًا.