في قرية تقع عند منحنى نهر النيل شمال السودان، تبدأ القرية بمجموعة من التلال الرملية ومنازل مبنية من الطين تبدو وكأنها تحتاج إلى الترميم تعبر عن عبق التاريخ في هذه القرية الجميلة، وفي نهايتها نجد أشجار النخيل التي جار عليها الزمن، ويوجد بها أيضًا مجموعة آثار قديمة، تلك القرية تدعى كرمكول فهي منبع الحرف والرواية والتاريخ، ومن أبرز معالم القرية منزل الأديب العالمي الروائي الطيب صالح.
وقد نشر منذ ساعات الصحفي السوداني محمد إسماعيل عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك صور من منزل يبدو مهجورًا وقال في تدوينته " بيت الطيب صالح من الداخل .. كرمكول"، وعبر متابعوا التدوينة عن استياءهم كون أن المنزل مهجور منذ سنوات، ورد عليهم الأستاذ محمد إسماعيل بأن هناك شركة تكفلت بترميم البيت وتحويله للمتحف وهم الآن يقوموا بدرسة الموضوع، فدعونا نتعرف على الروائي الكبير الطيب صالح ومنزله .
الطيب صالح هو أديب سوداني وأحد أبرز وأشهر الأدباء العرب على الإطلاق، وأشتهر صالح بلقب "عبقري الرواية العربية"هذا اللقب الذي أطلقه النقاد العرب عليه، ومن غيره يمكننا أن نطلق عليه عبقري الرواية، ولد الطيب في 12 يوليو 1929 في إقليم مروي شمالي السودان بكرمكول بالقرب من قرية دبة الفقراء وهي إحدى قرى قبيلة الركابية.
نشأ الطيب وترعرع في طفولته في ذلك المنزل الذي يقع في كرمكول، وحينما شب انتقل إلى الخرطوم ليكمل دراسته في جامعة الخرطوم، وقد حصل على بكالوريوس العلوم من جامعة الخرطوم، ولم يكتفي بذلك بل انتقل إلى إنجلترا سعيًا في اكمال دراسته في جامعة لندن، وهناك غير مجال دراسته إلى دراسة الشئون الدولية السياسية.
عمل صالح في العديد من المواقع الصحفية كهيئة الإذاعة البريطانية التي استمر فيها لسنوات طويلة، وتدرج بها في المناصب حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما، وبعد رحله طويله أخذه الحنين إلى وطنه فعاد إلى السودان وعمل في الإذاعة السودانية، ثم هاجر مرة أخرى ولكن إلى دولة قطر وعمل وكيلاً في وزارة الإعلام القطرية، ثم عمل بعد ذلك مديراً إقليميًا بمنظمة اليونيسكو في باريس، وعمل ممثلاً لهذه المنظمة في الخليج العربي، وتأثر الطيب بترحاله بين البلدان ووظف خبراته التي جناها من تلك الرحلات في روايته العالمية موسم الهجرة إلى الشمال.
كتب الطيب صالح العديد من الروايات التي ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة ومن أبزهم الرواية العالمية التي نشرت لأول مرة في أواخر الستينات من القرن العشرين في بيروت «موسم الهجرة إلى الشمال» وهي تعد واحدة من أفضل مائة رواية في العالم، و« بندر شاه » أحدوثة عن كون الأب ضحية لأبيه وإبنه، و«مريود»الجزء الثاني من بندر شاه، و«دومة ود حامد» مجموعة قصصية،«دومة ود حامد» مجموعة قصصية، و«عرس الزين» التي تحولت إلى عمل درامي في ليبيا، وفيلم سينمائي من إخراج المخرج الكويتي خالد صديق في أواخر السبعينات حيث فاز في مهرجان كان.
وأطلق اسم الطيب صالح على العديد من الجوائز الأدبية منها "جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي" تم الإعلان عن هذه الجائزة في فبراير من العام 2010 وذلك تقديرا للدور الكبير الذي قام به الروائي الطيب صالح في الثقافة العربية، وتمنح هذه الجائزة في مجالات الرواية والقصة القصيرة والدراسات النقدية باللغة العربية الفصحى، و"جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي" وهي جائزة أدبية حول الرواية والقصة القصيرة يقدمها مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بمدينة أم درمان، وهي مخصصة للأعمال الروائية السودانية فقط، بدأت دورتها الأولى في عام 2002.
وتوفي الأديب الروائي الطيب محمد صالح أحمد في إحدى مستشفيات العاصمة البريطانية لندن يوم 18 فبراير عام 2009 ، وشيع جثمانه في يوم 20 فبراير في السودان، وحضرالعزاء عدد كبير من الشخصيات البارزة والكتاب العرب والرئيس السوداني السابق عمر البشير والسيد الصادق المهدي المفكر السوداني ورئيس الوزراء السابق، والسيد محمد عثمان الميرغني، ولم يعلن التلفزيون السوداني ولا الإذاعات الحداد على الطيب صالح لكنها خصصت الكثير من النشرات الأخبارية والبرامج للحديث عنه.