يشهد يومنا هذا ذكرى ميلاد الفنان التشكيلي والرسام بابلو بيكاسو، والذي عرف بأنه مؤسس الحركة التكعيبية في الفن، ولد بيكاسو عام 1881م بمدينة مالقة في جنوب إسبانيا لأسرة متوسطة الحال، وكان بابلو هو الطفل الأول فيها، والده هو الفنان خوسيه رويث الذي كان يعمل أستاذًا للرسم والتصوير في إحدى مدارس الرسم وكذلك كان أمينًا للمتحف المحلي، وقد تخصص في رسم الطيور والطبيعة، وكان أجداد رويث من الطبقة الأرستقراطية إلى حد ما.
أظهر بيكاسو شغفه للرسم منذ سن مبكرة، وكانت أمه تقول أن من أولى الكلمات التي نطقها كانت تعني "قلم رصاص" في السابعة من عمره تلقى بابلو على يد والده تدريبًا رسميًا في الرسم والتصوير الزيتي، وكان رويث فنانًا تقليديًا وأستاذًا أكاديميًا مما جعله يعتقد أن التدريب المثالي يعتمد على النسخ المنضبط، ورسم أجساد بشرية من نماذج حية، وهكذا أصبح بابلو منشغلًا بالرسم على حساب دراسته، عام 1891م انتقلت العائلة إلى لا كورونيا حيث أصبح الأب أستاذًا بكلية الفنون الجميلة، ومكثوا فيها أربعة أعوام تقريبًا، وفي إحدى المرات قام بابلو وهو في سن الثالثة عشرة بإتمام رسم أحد السكيتشات التي لم يكن والده قد انتهى منها بعد وقد كانت اللوحة لحمامة، وحينما تفحص الأب تقنية إبنه في الرسم شعر إن إبنه قد تفوق عليه، وأعلن وقتها التخلي عن الرسم رغم وجود لوحات له في وقت لاحق.
في عام 1911م كانت أولى رحلات بيكاسو إلى باريس، عاصمة الفن في أوروبا، وهناك قابل للمرة الأولى صديقه الفرنسي الشاعر والصحفي ماكس جاكوب والذي ساعد بيكاسو في تعلم اللغة الفرنسية والأدب الفرنسي، وسريعًا ما انتقلا للعيش معًا في غرفة صغيرة حيث كان ينام جاكوب في الليل بينما كان ينام بيكاسو نهارًا ويعمل ليلًا، وقد مرّ عليه أوقات كثيرة عانى فيها من الفقر، واليأس، والبرد، حتى أن الكثير من أعماله كان يقوم بحرقها ليحتفظ بالغرفة دافئة. وأثناء الخمسة أشهر الأولى من عام 1901م عاد بيكاسو للعيش مرة أخرى في مدريد حيث قام هو وصديقه الفوضوىّ فرانثيسكو سولير بتأسيس مجلة "يانج آرت" والتي نشرت خمسة أعداد، كان سولير يكتب المقالات فيها بينما ساهم بيكاسو بالرسوم وأغلبها كان الكاريكتير الذي صوّر بيكاسو من خلاله معاناة الفقراء، صدر العدد الأول من هذه المجلة في 31 مارس 1901م، وهو الوقت الذي بدأ فيه بيكاسو بالتوقيع باسم "بيكاسو" بعد أن ظل طوال سنواته السابقة يوقع على أعماله مستخدمًا اسم "بابلو رويث بيكاسو".
وبالرغم من العديد من أعماله التي جاءت مناهضة للحرب، إلا أن بيكاسو كان قد اتخذ موقفًا محايدًا تجاه كل من الحرب العالمية الأولى، الحرب الأهلية الإسبانية، والحرب العالمية الثانية رافضًا الانضمام للقوات المسلحة لأي جهة أو بلد، فعند اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية عام 1937م كان بيكاسو في أواخر الخمسينات من عمره، وبالتالى كان أكبر سنًا في الحرب العالمية الثانية، ولا يمكن أن يتوقع أن يحمل سلاحًا أو يشارك في الحرب، كمواطن إسباني يعيش في فرنسا، كان بيكاسو يعيش تحت إكراه القتال ضد الغزاة الألمان في كل من الحربين العالميتين.
توفي بابلو بيكاسو يوم 8 أبريل 1973م في مدينة موجان بجنوب فرنسا، وفي الذكرى المئوية لميلاده في 1981م، استحدثت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" جائزة ميدالية بيكاسو لتمنح للشخصيات البارزة في عالم الفن والثقافة.