يفتتح الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية وشهاب الدين آدم شاه القائم بأعمال سفير ماليزيا في مصر معرض "الإيمان والسلطة.. المرأة في الإسلام"، وذلك يوم السبت الموافق 3 يونيو الجاري، في تمام الساعة التاسعة مساءً ببيت السناري الآثري بحي السيدة زينب والتابع لمكتبة الإسكندرية.
المعرض يقام بالاشتراك مع متحف الفن الإسلامي في ماليزيا وبيت السناري واللجنة الوطنية المصرية للمتاحف، المعرض يضم مجموعة لوحات تعكس دور المرأة في الفن الإسلامي، وكان المركز القومي للترجمة أصدر الترجمة العربية لكتالوج المعرض، الذي يضم سرداً لعدد من النساء اللاتي كانت لهن أدوار رئيسية في تاريخ الإسلام.
وقال الدكتور خالد عزب إن المرأة المصرية نهضت في العصور الوسطى بدورها كاملاً، سواء في الحياة العامة أو الخاصة، إذ كان دور المرأة ظل محجوباً في الحياة العامة في الشطر الأول من تاريخ مصر في فجر الإسلام، وذلك بحكم تقاليد المجتمع الجديد وأوضاعه، على أننا لا نلبث منذ عصر الطولونيين أن نصادف إشارات عابرة في المصادر إلى أهمية المرأة ومكانتها سواء أكانت ابنة أو زوجة أو أماًن وازدياد الدور الذي تمارسه في الحياة العامة، ومهما يقال من أن خمارويه أسرف في جهاز ابنته قطر الندى ليظهر في صورة لائقة أمام زوجها الخليفة المعتضد العباسي، فإنه لا يخفى علينا أن قصة زواج قطر الندى من الخليفة فيها كثير من التفاصيل التي تدل الحرص على تكريم المرأة في ذلك العصر؛ وهكذا حتى كان العصر الفاطمي، فنجد كثيراً من الإشارات، لا عن مكانة المرأة واحترامها فحسب، بل أيضاً عن الدور الذي قدر لها أن تلعبه أحياناً في الحياة السياسية للدولة، من ذلك ما يرويه المقريزي عن الثروة التي تركتها ابنتا الخليفة المعز الفاطمي -رشيدة وعبده- وهي ثروة ضخمة تشهد على مكانتها، أما ست الملك بنت الخليفة العزيز الفاطمي، وأخت الخليفة الحاكم بأمر الله فتجمع المراجع على ما كان لها من نفوذ وكلمة مسموعة في شئون الدولة.
وأكد أيمن منصور مدير إدارة المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية أن المرأة تمتعت بقدر وافر من الاحترام في العصور الوسطى، سواء في ذلك طبقة الحكام أم سائر طبقات الشعب، فلم يضم الحكام على نسائهم بالمال والمتاع، وأضفوا عليهن ألقاب التشريف، وخاطبوهن في المكاتبات بعبارات التشريف والتكريم، أما عامة الشعب فقد أطلقوا على نسائهم ألقاباً تنم عن التقدير مثل "ست الخلق" و "ست الحكام" وذلك من باب الفخر ولتزكية والثناء والتعظيم.
ولم يقتصر نصيب المرأة في الحياة العامة على التدخل في بعض شئون الدولة، وإنما شاركت أيضاً مشاركة فعالة في الحياتين العلمية والدينية، فقد أقبلت النساء بوجه عام على مجالس العلم والدين، فحرصت كثيرات منهن على الذهاب إلى المجالس حيث يجلسن في مكان منفرد عن الرجال لسماع الدروس الدينية.
أما عن نشاط النساء في شوارع مصر وأسواقها ومتنزهاتها فكان عظيماً طوال العصور الوسطى، وقد لاحظ الرحالة الأجانب الذين زاروا مصر في تلك العصور أن النساء يتمتعن بقسط وافر من الحرية، فيخرجن من الأسواق لشراء اللوازم، ويذهبن إلى الحمامات العامة حيث يأنسن ببعضهن، أو يقصدن إلى القرافات والبرك وشاطئ النيل وغيرها من أماكن اللهو والفرجة، أما في الريف فكانت المرأة تقوم بدورها الشاق التقليدي الذي مازالت تقوم به حتى اليوم، فتجلب مياه الشرب من النهر وتعد الطعام، وتغسل الملابس، وترعى زوجها وأطفالها، وتخبز الخبز، وربما ساعدت زوجها في الحقل.
هذا وقد وصف أحد علماء مصر في القرن السادس عشر الميلادي نساء مصر بأنهن أرق نساء الدنيا طبعاً و أحلاهن صورة، وهناك في مراجع التاريخ ما يشير إلى عناية المرأة المصرية في تلك العصور بزينتها وجمال صورتها وحسن ملبسها، مما استرعى نظر كثير من الرحالة الذين زاروا مصر في تلك العصور.
والحق أن الفنون التطبيقية تدين بقسط كبير من ازدهارها لأصابع المرأة الماهرة وذوقها الرقيق، إذ أسهمت في مصر مثلاً في صناعة الخزف والفخار الذي تحمل أشكاله الرشيقة وكثير من زخارفه روح المرأة ورقتها، فقد عثر في أطلال الفسطاط على قاع طبق من الخزف ينسب إلى عصر المماليك مدون عليه من الخارج كتابه نصها: "عمل خديجة"، كما زاولت النساء في القاهرة أيضاً صناعة النسيج والسجاد، وأنتجن تلك الأصناف التي شهد الكثيرون بامتيازها، والتي ذاع صيتها في البلاد الأخرى.