«تعزيز الأمن الغذائى للمصريين»، استراتيجية تعتمدها حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، وتسعى بكل ما تمتلك من إمكانات لتنفيذها وتحقيقها على أرض الواقع، فى ظل ما يشهده العالم من حروب واضطرابات تؤثر على سلاسل الإمداد والاحتياطى الاستراتيجى من الغذاء حول العالم، وقد نجحت الحكومة فى تحقيق ما يستحق أن يوصف بـ«الرقم القياسى» فى العديد من الاحتياطات الاستراتيجية، حيث نجحت -على سبيل المثال- فى الوصول بـ«احتياطى السكر» إلى 11,6 شهر، والزيت التموينى 5,1 شهر، والقمح 4 أشهر، والأرز اكتفاء ذاتى طوال العام، واللحوم المجمدة 8,5 شهر، واللحوم الطازجة 6,7 شهر، وهذه الأرقام بخلاف التعاقدات المستمرة تؤكد اهتمام الحكومة بتأمين مخزون استراتيجى يضمن استقرار السوق المحلى ويحد من أى أزمات محتملة.
2014 يعد تاريخًا مميزًا فى مجال الأمن الغذائى المصرى، فقبل هذا التوقيت كان الاحتياطى الاستراتيجى من السلع الاستراتيجية الرئيسية خاصة القمح والأرز والذرة والسكر يكفى ثلاثة أشهر فقط، أيضا السعات التخزينية للقمح لم تكن تتجاوز 1,2 مليون طن، لكن منذ هذا التوقيت تمت مضاعفة السعات التخزينية من خلال المشروع القومى لإنشاء الصوامع، والذى بدأ 2015، وتضمن إنشاء 50 صومعة داخل نحو 17 محافظة، وبعد سنوات من الجهد والعمل ارتفعت الطاقة التخزينية لتصل إلى 3,4 مليون طن حاليا لما يزيد على 85 صومعة بخلاف الهناجر والبناكر والشون المجهزة، بخلاف الصوامع التى يتم استئجارها من القطاع الخاص، كما يجرى حاليا استكمال برنامج توطين صناعة الصوامع فى مصر، والاعتماد على المنتج المحلى توفيرًا للعملة الصعبة، من خلال الانتهاء من تأسيس شركة مصرية بالتعاون مع القطاع الخاص لإنتاج مكونات الصوامع بالكامل، إضافة إلى التوسع فى تجهيز الصوامع للاستقبال والصرف من خلال خطوط السكك الحديدية وزيادتها من 10 مواقع إلى 16 موقعًا.
يعد أيضا عام 2017 تاريخًا فارقًا فى سياسة التعامل مع الاحتياطى الاستراتيجى، حيث رصد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى هذا التوقيت نحو 1,8 مليار دولار بشكل استثنائى لزيادة المخزون الاستراتيجى للسلع إلى ستة أشهر بدلا من ثلاثة أشهر، ولولا هذا القرار لعانت مصر من نقص سلعى شديد خلال فترة كورونا، ونظرا لكون قضية الأمن الغذائى جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومى، نجد التعليمات مستمرة من قِبل القيادة السياسية للحفاظ على تأمين الاحتياطى الاستراتيجى من السلع ضد مخاطر التقلبات الاقتصادية العالمية.
هناك أيضا اهتمام بتخزين السلع تامة الصنع بخلاف الغلال، لذا تم وضع خطة لإقامة 7 مستودعات استراتيجية، بتكلفة استثمارية لا تقل عن 10 مليارات جنيه، كما أنها ستُدار بأفضل تكنولوجيا على مستوى الشرق الأوسط وفقا للمقاييس العالمية، وستعمل على زيادة مدة المخزون الاستراتيجى للسلع الأساسية تامة الصنع لمدة تتراوح بين 8 إلى 9 أشهر، بما يساهم فى رفع تصنيف مصر فى مؤشر الأمن الغذائى، والمرحلة الأولى للخطة تتضمن إقامة ثلاثة مخازن بمحافظات الشرقية والفيوم والأقصر، وبالفعل تم وضع حجر الأساس لأول مخزن استراتيجى يونيو 2023 بمحافظة السويس، ومن المقرر الانتهاء من المشروع خلال فترة تتراوح بين 18 إلى 24 شهرًا ليضم مخزون 95 فى المائة جافًا و4,5 فى المائة مبردًا و0,5 فى المائة مجمدًا.
وفى هذا السياق، قال أحمد كمال، معاون وزير التموين، المتحدث الرسمى باسم الوزارة: هناك توجيهات الرئيس السيسى للحكومة بالحفاظ على مخزون استراتيجى آمن من السلع الأساسية وخاصة القمح والزيت واللحوم والدواجن، وكانت المتوسطات فى السابق تتراوح بين 3 إلى 4 أشهر، إلا أنها ارتفعت حاليا ليتجاوز أغلبها 6 أشهر ولا يقل عن 4 أشهر. فمثلا السكر 11,6 شهر، والزيت التموينى 5,1 شهر، والقمح 4 أشهر، والأرز اكتفاء ذاتى طوال العام، واللحوم المجمدة 8,5 شهر، واللحوم الطازجة 6,7 شهر، ولزيادة الاحتياطى نسعى لتنويع المناشئ للسلع المستوردة خاصة الأقماح؛ لتقليل مخاطر صعوبة أو عدم إمكانية التدبير فى ضوء المتغيرات الجيوسياسية المحيطة بالمنطقة أيضا؛ لتزيد قدرتنا على المناورة وشراء السلع بأسعار مناسبة، حيث بلغ عدد المناشئ المسجلة بالهيئة العامة للسلع التموينية 22 منشأ معتمدة لدى الحجر الزراعى المصرى، أيضا هناك تنوع لمناشئ اللحوم فيتم استيراد لحوم حية ومجمدة من السودان وأوغندا وجيبوتى وتنزانيا، بالإضافة إلى الهند والصومال.
«كمال»، أضاف: أيضا على المستوى الداخلى نستعد جيدا لاستقبال مواسم حصاد المحاصيل الأساسية مثلما يحدث حاليا فى المحاصيل السكرية للبنجر والقصب؛ حيث رفعنا أسعار التوريد فأصبح سعر الطن 2500 جنيه للقصب أما البنجر فهو 2400 جنيه، وقبلها كان حصاد القمح بأسعار 2200 جنيه للطن، وتلك الأسعار تشجع المزارع على توريد تلك المحاصيل المهمة للدولة، وبالتالى يقل اعتمادنا على الاستيراد والاتجاه نحو المزيد من تحسن مؤشرات الاكتفاء الذاتى.
وأشار معاون وزير التموين، إلى أن «التوسع فى زيادة حجم الاحتياطى السلعى يستلزم زيادة السعات التخزينية لتلك السلع؛ حيث أعلن وزير التموين الدكتور شريف فاروق خلال عرض برنامج الحكومة أننا نستهدف بنهاية مدة برنامج الحكومة خلال 2027 الوصول بمستوى الاحتياطى للسلع الاستراتيجية إلى 9 أشهر كحد أدنى بدلا من 6 أشهر حاليا، وبالتالى نحتاج إلى زيادة المساحات التخزينية. فبالنسبة للحبوب وخاصة القمح من المقرر استمرار تنفيذ الخطة القومية لبناء الصوامع لزيادة السعات التخزينية من 3,4 مليون طن حاليا إلى 6 ملايين طن خلال 2030 وذلك على مرحلتين، كما أطلقت الوزارة منظومة حوكمة تداول الأقماح فى 28 موقعا مع خطط لتعميمها تدريجيا على جميع المواقع، أيضا جارٍ العمل على قدم وساق لسرعة الانتهاء من المرحلة الأولى للمستودعات الاستراتيجية والتى من شأنها مساعدة الشركة القابضة للصناعات الغذائية على رفع الاحتياطى السلعى لديها، وذلك بخلاف استمرار ميكنة بيانات شركات الجملة والمجمعات الاستهلاكية بهدف مراقبة حركة السلع وتعزيز الرقابة عليها، يُضاف إلى ذلك محطة الزيوت والشحوم بالمكس فى محافظة الإسكندرية، حيث نسعى لمضاعفة طاقتها التخزينية من 72 ألف طن تخزينا إلى 140 ألف طن لتصبح نقطة استقبال للزيوت الخام ومقرا لزيادة الاحتياطى من الزيوت».
وأكد «كمال»، أن «وزارة التموين تسعى للتوسع فى إقامة المنافذ الثابتة والمتحركة وأسواق اليوم الواحد لتأمين وصول السلع للمواطنين بجودة عالية وأسعار مناسبة، وبالتالى ترتكز خطة الحكومة على التوسع فى شبكة التوزيع مع رفع كفاءة وزيادة الطاقة التخزينية، وذلك بخلاف توفير السلع التموينية داخل ما يقرب من 40 ألف منفذ و1500 مخزن جملة وتوفير السلع بشكل يومى، فيتم إنفاق 98 مليار جنيه لدعم الخبز إلى جانب 36 مليارًا للتموين بإجمالى 134 مليار جنيه».
معاون الوزير، اختتم حديثه، بتوضيح أن «هناك تنسيقًا مع وزارة التنمية المحلية للتنسيق لمعارض أهلا رمضان لتنطلق بتخفيضات كبيرة، وهنا تزيد بشكل أكبر الإتاحة السلعية خلال الفترة القادمة».
بدوره، قال حسام الجراحى، نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية: لدينا أرصدة من السلع الاستراتيجية يجب أن نحافظ عليها ولا نكتفى بذلك بل نرفع معدلاتها، ونقوم بذلك بالتنسيق مع جهاز مستقبل مصر والذى حصل على الإنابة من هيئة السلع التموينية ليقوم بعمليات الشراء نيابة عنا، لكننا ما زلنا نقوم بدور رئيسى فى تقديم الطلب إلى جهاز مستقبل مصر بالكميات والأرصدة المطلوبة مع تحديد الفترات الزمنية المطلوب وصولها خلالها سواء الزيت أو السكر أو القمح، ونقوم بذلك وفقا للموازنة المحددة لنا، ونحن ملتزمون بتوفير كافة السلع التموينية وعلى رأسها الخبز، عبر الحفاظ على مخزون استراتيجى آمن من القمح.
«الجراحى»، أوضح أن «احتياطى القمح يكفى 4 أشهر، وذلك بخلاف تعاقدنا على شحنات جديدة من القمح المستورد، فمن المقرر وصولها خلال أشهر فبراير ومارس وأبريل، وبالتالى الكميات المتاحة على أرض مصر إلى جانب التعاقدات الحالية نجد أن الاحتياطى يكفى 6 أشهر، وذلك بخلاف الكميات المستهدف توريدها منتصف أبريل القادم مع بداية موسم التوريد المحلى، فنحن محكومون بالسعات التخزينية للصوامع لدينا، وبالتالى تكون الخطة الزمنية للتعاقدات من القمح ترتبط أيضا باستهلاك جزء من القمح بالصوامع فعمليات الاستبدال تتم بشكل لحظى، لذا نسعى بقوة لزيادة تلك السعات التخزينية إلى 6 ملايين طن لزيادة المدة الزمنية للاحتياطى، أيضا أكبر سلعة لدينا منها احتياطى حاليا هى السكر فتكفى 11,6 شهر، بخلاف موسم الحصاد المستمر حاليا».
أكد نائب رئيس هيئة السلع أن هناك تنسيقًا بين كافة الوزارات لتأمين غذاء المصريين، وخاصة التيسيرات التى تقدمها وزارة المالية لسرعة صرف مستحقات الجهات التى نتعامل معها فى ملف الدعم، إضافة إلى أهمية الرقابة على الأسواق والأسعار وتتم إفادتنا مباشرة بتلك البيانات وفى حالة وجود أى تغيرات سعرية يتم التدخل فورا بعد التأكد من السبب، فإذا كان هناك نقص فى المنتج نقوم فورا بتعويضه. أما إذا كان هناك تلاعب فيتم تشديد الرقابة من خلال التنسيق بين مباحث التموين وحماية المستهلك، ولكننا نؤكد أنه خلال الأشهر الماضية لم نشهد محاولات احتكار أو تخزين سلعة لتعطيش السوق منها ورفع أسعارها، وهذا لا ينفى وجود بعض منعدمى الضمير الذين يستغلون الأزمات، لكن من خلال نجاحنا فى تحقيق الوفرة من المعروض السلعى وزيادة الاحتياطى من السلع الاستراتيجية تفشل أى محاولات احتكارية.