رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«صانع الصفقات» فى مهمة إعادة هيكلة الاقتصاد الأضخم


26-1-2025 | 22:44

صانع الصفقات فى مهمة إعادة هيكلة الاقتصاد الأضخم

طباعة
تقرير : سلمى أمجد

عاد الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد سلسلة من الوعود خلال حملته الانتخابية ركزت على تغيير جذري في السياسة الاقتصادية ، بما في ذلك زيادة التخفيضات الضريبية ، خفض الإنفاق الحكومي، رفع التعريفات الجمركية ، تحرير الاقتصاد الأمريكي من القيود التنظيمية، وفرض قيود صارمة على الهجرة. ومن المؤكد أن سيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي الكونجرس سيمكن ترامب من تمرير عدد من هذه السياسات ، فهل تشهد ولاية ترامب الثانية ازدهار أقوى اقتصاد في العالم ؟

يخطط ترامب لإصدار مجموعة من الأوامر التنفيذية المتعلقة بالهجرة تتمثل فى إغلاق الحدود الأمريكية مع المكسيك وترحيل ما يصل إلى 11 مليون مهاجر غير شرعى مما سينعكس على توفير وظائف للعمالة الأمريكية. كما يهدف إلى خفض الضرائب بما فى ذلك ضريبة الدخل على الأفراد والضرائب على الإكراميات وإصلاح البيروقراطية الفيدرالية بشكل جذري، وخفض الإنفاق الحكومى من خلال تعيين أغنى رجل فى العالم إيلون ماسك، ورجل الأعمال فيفك راماسوامي، لقيادة الوزارة المستحدثة «الكفاءة الحكومية». فضلًا عن فرض رسوم جمركية تتراوح بين 10 و20 فى المائة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين و60 فى المائة على الواردات الصينية .

 

وفقًا لما أفادت به وكالة «بلومبرج » الأمريكية، يدرس أعضاء الفريق الاقتصادى للرئيس ترامب رفعًا تدريجيًّا للرسوم الجمركية بنسبة تتراوح بين 2 فى المائة إلى 5 فى المائة شهريًّا بهدف تعزيز نفوذ التفاوض مع تجنب زيادة فى التضخم فى الوقت نفسه. كما صرح ترامب بإنشاء «مصلحة الإيرادات الخارجية» لجمع الرسوم الجمركية. وفى مجال الطاقة، تعهد بالتراجع عن سياسات إدارة “بايدن” المؤيدة للمناخ، و إلغاء التفويضات المفروضة على السيارات الكهربائية وإنتاج الوقود الأحفوري، ومضاعفة الجهود لتقييد وصول الصين إلى التكنولوجيا الأمريكية. تعليقًا على ما سبق،

 

تعرض «المصور» آراء ثلاثة من المحللين الاقتصاديين حول تأثير سياسات ترامب المتوقعة على الاقتصاد الأمريكى والعالمي.

 

من واشنطن، أوضح شريف عثمان، مؤسس ورئيس شركة «بويز» للاستثمار، أنه من المتوقع أن يواصل ترامب التركيز على سياسات «أمريكا أولًا»، وتخفيف الضرائب على الشركات والأفراد وتحرير اللوائح التنظيمية مما قد يساهم فى تعافى الاقتصاد الأمريكي، خاصةً بعد الركود الناتج عن جائحة كورونا. كذلك قد يدفع ترامب نحو تعزيز مكانة الدولار من خلال توسيع النفوذ الاقتصادى الأمريكى عالميًّا عبر اتفاقيات تجارية جديدة وضمان هيمنة الدولار فى النظام المالى الدولي. ومن المرجح أن يعيد ترامب تفعيل استراتيجيته لإعادة التصنيع والإنتاج إلى الولايات المتحدة بفرض تعريفات جمركية إضافية على الواردات وتشجيع الشركات الأمريكية على الاستثمار محليًّا. وهذه السياسات، رغم جاذبيتها، قد تواجه مقاومة من الشركات التى تعتمد على سلاسل التوريد العالمية. من جهة أخرى ، سيتم التركيز على قطاعات التكنولوجيا والطاقة، خاصةً النفط والغاز، لدعم استقلالية الولايات المتحدة فى مجال الطاقة.

 

 وعن الارتفاع القياسى الذى تشهده العملات المشفرة ، قال “ عثمان “ إن ترامب صرح سابقًا باهتمامه بالعملات المشفرة، ومن المتوقع أن يدعم مزيدًا من الأبحاث والاستثمارات فى هذا المجال خلال ولايته الثانية. ويُنظر إلى ارتفاع أسعار البيتكوين كفرصة لتعزيز مكانة الولايات المتحدة فى سوق العملات الرقمية. رغم ذلك، فإن سداد الديون الأمريكية باستخدامها يظل فكرة غير عملية بسبب تقلباتها الشديدة و لما تحمله من مخاطر كبيرة فى ظل غياب نظام حماية شامل ضد الهجمات الإلكترونية والسرقات.

 

من جانبه ، صرح الخبير الاقتصادى ، محمد البهواشى ، أن سياسة ترامب عادةً ما تكون سياسة ضبابية من الصعب توقعها . وقد شهدنا فى الفترة الماضية لأول مرة اتباع سياسة نقدية أقل حدة وتم تخفيض سعر الفائدة 25 نقطة أساس بعدما انحسر معدل التضخم؛ لكنه لم ينته . و هدف السياسة النقدية الأمريكية هو الاستمرار فى خفض الفائدة . وهذا لن يحدث إلا إذا وجد استقرارًا فى معدل التضخم. مما يجعل معدل التضخم وتخفيض سعر الفائدة أولى أولويات الرئيس ترامب خلال الفترة القادمة لمحاولة امتصاص آثار الأزمات العالمية . كما ستكون سياسته أهدأ من فترة ولايته الأولى فى ظل أزمات اقتصادية يعانى منها العالم أجمع .

 

وحول التصادم المحتمل مع دول “ البريكس “ فى ولايته الثانية ، أكد “ البهواشى “ أنه ليس من المصلحة حدوث ذلك لأن العالم يبحث عن نافذة أخرى للتعاون أو خلق تعددية قطبية اقتصادية دولية من خلال نافذة البريكس أو مجموعة السبع الكبرى أو مجموعة العشرين تتسم بالتعادلية فى المنافع وفرص التمويل . وبما أن ترامب فى الأساس هو رجل مال سيتم أخذ كل هذه الأمور فى الحسبان ، ولن يكون الأمر بشكل صدامى قدر ما يتم التوليف بينها ، ومحاولة هيمنة الدولار بخلق حالة من الحوافز والضمانات للمتعاملين مع الدولار بشكل عام .

 

وبشأن المخاوف المتعلقة بالرسوم الجمركية ، يرى عبد النبى عبد المطلب، الخبير الاقتصادى ، أن الهدف من تصريحات ترامب بفرض رسوم كبيرة على الصين وغيرها هو جر هذه القطاعات والمناطق إلى التفاوض والوصول إلى صيغة يقبلها ترامب ويحقق منها أفضل مكاسب ممكنة للولايات المتحدة الأمريكية . وبالتالى ستكون هناك مرحلة تكسير عظام ما بين أمريكا وشركائها التجاريين ، و سوف تنشب حرب تجارية حقيقية لكنها لن تستمر طويلًا بل سوف نضمن نوعًا من أنواع الاستقرار الكامل فى التجارة الدولية خلال فترة حكم ترامب على الأقل . فالصين وأوروبا لن تتمكن من الصمود طويلًا أمام إصرار ترامب على ضرورة فتح الأسواق وشراء النفط الأمريكى وقبول ولوج السلع الأمريكية إلى هذه الدول ، وسوف تضطر بشكل سريع فى قبول تنازلات لصالح السلع الأمريكية.

 

وفيما يتعلق بانعكاس سياسات ترامب على الاقتصاد المصري، أشار “ عبد المطلب “ أن الفرصة مهيأة أمام الاقتصاد المصرى والحكومة المصرية فى الاستفادة مما يمكن أن يحدث خلال السنوات الأربع الخاصة بتولى ترامب الحكم . وربما تستطيع مصر أن تحصل على حصة أكبر من السوق الأمريكية خاصةً فى مجال سلع معينة هى مرتبطة معها باتفاقات .