الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ومنذ توليه السلطة، أصدر عدة تصريحات وقرارات تجاه العديد من القضايا والملفات، منها ما أغضب الحلفاء قبل الخصوم من كندا إلى المكسيك وبنما والصين، وصولا إلى الدنمارك التى غضبت من تصريحات «ترامب» بشأن جزيرة جرينلاند وطموحاته بجعلها جزءًا من الولايات المتحدة.
«ترامب» الذى أتى بشعار وقف الحروب والترويج لفكرة السلام، جاءت تصريحاته وقراراته ومواقفه منذ توليه السلطة لتكشف طموحاته التوسعية حول العالم، فقد أعلن عن مقترح بجعل كندا الولاية الأمريكية الواحدة والخمسين، كما قرر فرض رسوم جمركية على البضائع الصينية، وهدد بفرض رسوم جمركية على اليابان، وأعلن عن وقف المساعدات لجنوب إفريقيا، وفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، كذلك حديثه عن قناة «بنما» ورغبته فى وضعها تحت السيطرة الأمريكية كونها مهمة للتجارة الأمريكية والأمن القومى بحسب رؤية «ترامب»، حيث تمثل للولايات المتحدة أكثر من 72 فى المائة من حركة النقل البحرى، كما أنها مهمة -بحسب رأيه- لسرعة نشر القوة البحرية الأمريكية فى العالم، فيما بدأ «ترامب» أجندته فى الشرق الأوسط بقرارات تشمل مخططات لتهجير الفلسطينيين من غزة والاستيلاء عليها مُقترحًا تطوير المنطقة وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» ليقرر حياة ملايين الفلسطينيين بتهجيرهم خارج وطنهم، وكأن الأمر يتعلق بتجارة عقارات وبيع وشراء.
الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، يرى من خلال رسم صورة نفسية دقيقة لشخصية «ترامب» وما تعكسه تصرفاته وقراراته، أنه يتعامل بعقلية الـ«كاوبوى» حيث تغيب عن تصرفاته المحاذير والسياسات الدبلوماسية المتزنة.
وقال «د. وليد»: لا قديم يُعاد ولا جديد يُقال، الـ«كاوبوى» المغامر دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية شخصية نرجسية، محب لذاته، ولا يستمع إلا لنفسه، ولديه حب التملك، ولا يرى سوى مصلحته الذاتية، ويرى أنه دائما على حق، وأنه هو الأذكى والأصوب، وأن آراءه لا يأتيها البطال من خلفها ولا من حولها.
وأضاف «هندى»: هذا المغامر العنيد يقدم فصلا جديدا من فصول النازية المستحدثة فى عام 2025، حيث يرى من منظور شخصى أنه دائما على حق، وأن كل شيء قابل للبيع والشراء ولا بد أن يتم حسب مصلحته الذاتية، وتصريحاته الأخيرة تؤكد على نمط شخصيته النرجسية وكشفت إحدى عورات هذه الشخصية، وهى أن لديه حب التملك الشديد حتى لو على حساب النفس البشرية، دون أن يحرك له الضمير ساكنًا، حيث يرى تحقيق مصلحته فوق أى اعتبار آخر ليسعى لمجد شخصى لنفسه، حتى لو على حساب الأرض والنفس والبشر.
ورسم استشارى الصحة النفسية صورة نفسية لمفاتيح شخصية الرئيس الأمريكى، قائلا: «ترامب» لا يرى سوى تحقيق ذاته بكل نرجسية شديدة، معتقدا أن التاريخ سيخلد مواقفه، ولكن لا يعلم أن التاريخ قاسٍ، وسيضعه فى مكانته الطبيعية نتيجة أفكاره الاستعمارية، ونتيجة عدم مساندته للإنسانية قبل ما يكون للحق والعدالة، لا سيما أنه لا يقدر عواقب أفعاله ولا تصريحاته، ولا يأبه بأصوات الآخرين لأنه منغلق على ذاته، ولا يرى إلا نفسه فقط.
وأضاف: هذا النوع من الشخصيات منعدم البصيرة لأنه لا يرى ولا يقدر حجم الألم فى صدور الملايين من الشعوب، ولا يرى وطنية القادة والساسة والطبقة الحاكمة، سواء فى مصر أو الشعوب العربية ولا يدرك ردود أفعالهم، حيث إنه لا يضعها فى وزنها الطبيعي.. فكما قال أبو القاسم الشابى «مارد الأدغال ألقى قمقمه.. افتحوا الباب وإلا حطمه»، فهو لا يدرى ردود الأفعال المتوقعة، ودائما يراهن على الثبات الانفعالى وضبط النفس ورغبة القيادة السياسية والقيادات العربية أيضا فى الحفاظ على أمن شعوبهم وأمن المنطقة، ولكنه لا يقدر عواقب الأمور نتيجة أفكاره الاستعمارية والنازية البغيضة.
وعن قراءته لتصريحات «ترامب»، وهل هى جسّ نبض أم محاولة للضغط، قال «د. وليد»: المغامر وراعى البقر الأمريكى الذى يمتلك شخصية نرجسية ويرى نفسه الأذكى والأصوب والأعلى كفاءة بين أقرانه، بدأت شخصيته النرجسية تتآلف وتتعامل مع طبيعته كرجل أعمال وتاجر يحاول أن يعقد الصفقات ويعلى المصلحة الذاتية على أية أمور أخرى، ومثل أى رأسمالى لا تهمه الإنسانيات، وعلاقاته بالآخرين هى علاقة مصلحة، كل ذلك تبلور وتجسد فى قراراته وتصريحاته الأخيرة تجاه السعودية وتجاه الرسوم التى يريد فرضها على كندا والمكسيك والصين بنسب متفاوتة، حيث يعتمد «ترامب» عقلية التاجر فى تعامله مع القضايا الدولية، حيث يبحث عن الأرباح فقط متجاهلا أى اعتبارات إنسانية أو أخلاقية.
وأكد «هندى» أن كل هذه التصريحات الهدف منها «الضغط النفسى» على الآخر، فهو يقود حربًا باردة بأماكن لم يطأها أحد من قبل، وبالتالى يمارس سياسات ضغط رهيبة قد يلوّح فيها باستخدام القوة العسكرية ولكنه لن يفعل ذلك، فهو يحاول الضغط من أعلى نقطة حتى يبدأ الطرف الآخر بالتفاوض ليصل «ترامب» بلغة التاجر إلى أعلى مكسب، فهو كنرجسى وتاجر لا يرى أكثر من المكسب ولديه إعلاء للمنفعة وقيمة المادة وللمصلحة الذاتية، بحيث يكون هو الرابح من منظور التاجر.
ويميل «د. وليد» فى تحليله النفسى لتصريحات «ترامب» فيما يتعلق بتهجير الفلسطينيين وإيجاد وطن بديل لهم فى أرض السعودية أو مصر أو الأردن، أنه يحاول أن يستنفر طاقات الشعوب العربية برفضهم هذا الأمر، حيث إنه بعد ذلك سيطرح بدائل لأماكن أخرى لتهجير الفلسطينيين لم يعلن عنها حتى الآن، فهو يرفع سقف التوقعات عند الشعوب حتى يتقبلوا بعد ذلك بفكرة التهجير طالما أنه بعيد عن أرضهم ولم يقترب منها أحد، فهو يحاول أن يمرر فكرة التهجير للشعوب العربية حتى ترضى عنها ليعتقدوا أنهم حققوا مكاسب بأنه تم بعيدا عن أرضهم، فهو دائما يضع أهدافا كبيرة ويتكلم عنها بكل حماس وقوة وهو يعلم أنه سينخفض لها، ولكنه يسعى لتحقيق أعلى مكتسب، فى حين يعتقد الطرف الآخر أنه حصل على مكسب وهو فى الواقع لم يحصل على أى شيء، ولكن «ترامب» هو الرابح لأنه تاجر لا يعرف سوى لغة المكسب، وأنه منتصر دائما، ولا يعترف بالفشل، والخسارة لا توجد فى قاموسه.
كما أكد استشارى الصحة النفسية، أن «ترامب» يتعامل بلغة رعاة البقر لكن بصورة أقل همجية، وإن كانت أكثر ضراوة، يبدو فيها أنه يستخدم قوة غاشمة وهو فى الآخر لن يستخدمها، فهو يرفع سقف الأهداف والتوقعات حتى يحقق ما يريد بمكتسبات كبيرة جدا بينما يقتنع الطرف الآخر أنه حصل على مكتسب، هذا من منطلق تحليل شخصى مبنى على رؤية نفسية لطبيعة هذا الرجل، ونمط التفكير الرأسمالى الفجّ الذى لا يرى سوى المكسب ولا يعرف للخسارة طريقا.