أُصيب العديد من المخدوعين بدعاية الجماعة الإرهابية بصدمة عندما تبين لهم بما لا يدع مجالاً للشك أنها تصطف مع إسرائيل تمامًا، بل وتهاجم كل من يقف مع القضية الفلسطينية، هؤلاء البسطاء للأسف كانوا يظنون أن الإخوان يعادون الدولة المصرية لأسباب سياسية، وأن الإرهابية وقت الجد وساعة الحرب ستنحاز للدولة المصرية وللقضية الفلسطينية، لكن بعض الظن إثم، فقد تبين لهم أن الإخوان لا ينتمون للوطنية المصرية من قريب أو من بعيد، فبدلًا من الاصطفاف مع المصريين، اصطفوا مع إسرائيل، والأسوأ طالبوا بفتح الحدود ليتم التهجير فعليًا وفرضه كأمر واقع، ثم شككوا فى كل فعل عربى موحد ونشروا الشائعات ضد كل دولة تقف ضد إسرائيل.
لم يدرك هؤلاء أن الإخوان لا يشغلهم القضية الفلسطينية من الأساس، هم فقط يستخدمون القضية لتكون بوابتهم لتفتيت الوعى وتفكيك الدول وإضعاف الشعوب لصالح إسرائيل، فطوال 15 شهرًا لم يقدموا أى دعم للقضية سوى العويل والهتافات والشعارات المعادية للدولة، ودفع الجماهير للتظاهر ضد أوطانهم فضلًا عن تعمد الاحتكاك بقوات الأمن وإحداث فوضى أمنية، للتسلل وطعن الوطن فى الظهر أثناء معركتنا مع العدو.
تقف مصر من البداية موقفًا واضحًا وصريحًا وقويًا، وتنظر إلى القضية الفلسطينية ككل، وأن الدولة الفلسطينية هى الغاية، وتدفع أثمانًا باهظة لهذه المواقف، أثمانًا لا تتحملها ميزانية دولة مديونة كمصر، لكنها تدفعها عن طيب خاطر حفاظًا على مستقبل فلسطين شعبًا وحكومة، موقف يتسق مع مكانة مصر الدولية والإقليمية، هذا الموقف المشرف كان كافيًا لأن يوقف عداء الإخوان ولو قليلًا ولو لبعض الوقت، فحق الوقت هو الاصطفاف ضد إسرائيل وعربدتها فى المنطقة، لكن هذا لم يحدث، بل على العكس؛ اشتد عداء الإخوان لمصر وكأنهم يعاقبون مصر على موقفها المشرف مع الفلسطينيين، واشتد أكثر بعد إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى اللاءات الثلاث (لا للتهجير، لا لتصفية القضية، لا للتنازل) كأنهم يحاربونه لأنه أول زعيم عربى قالها بوضوح، إن إسرائيل ترتكب جرائم حرب ضد المدنيين لدفعهم للنزوح والتهجير خارج أرضهم بعد تدمير البنية التحتية وجعل الحياة مستحيلة فى قطاع غزة، قالها بوضوح وقوة، فالقادة الحقيقيون يفهمون الواقع ويتجنبون العواقب ويعملون لصالح شعوبهم.
ثم اشتد العداء أكثر بعد تحريك مصر مع جنوب إفريقيا قضية أمام محكمة العدل الدولية، لوقف البلطجة الإسرائيلية، والممارسات الممنهجة ضد الفلسطينيين، وبدأت حملات التشكيك حتى أنهم كانوا يطلقون الكذبة ونقيضها، فمثلًا: إذا احتشدت الجماهير المصرية فى المدن الرئيسية للتعبير عن مساندتهم للفلسطينيين والتنديد بممارسات إسرائيل، وقفوا ضدها وشوهوها، وقالوا لماذا التظاهر فى المدن؟ يجب أن تتحرك الجماهير إلى رفح، فإذا احتشدت الجماهير فى رفح، اعترضوا وقالوا لماذا لا يتظاهروا فى المدن الرئيسية!.
هنا أدرك الجميع أن الإخوان وإسرائيل «إيد واحدة» ضد الجيش المصرى وضد تسليحه، يستخدمون نفس اللغة ويتساءلون نفس الأسئلة مثل إسرائيل ما فائدة طائرات الرفال المقاتلة وما الثمن المدفوع فى الغواصات وحاملات الطائرات؟ أليس المصريون أولى بهذه المليارات؟ هما «أيد واحدة» فى عدائهم لانتصارنا فى حرب 1973، ويصورونه كهزيمة، هما «أيد واحدة» باتهام مصر بإغلاق «معبر رفح» وحصار الفلسطينيين، هما «إيد واحدة» مع فتح الحدود ليتم التهجير فعليًا وتتم تصفية القضية.
حملة شرسة قادها الإخوان ضد ملك الأردن بعد زيارته لأمريكا مؤخرا، ليس لأن قناة «الجزيرة» نقلت ترجمة محرفة لتصريحات الملك الأردنى فى المؤتمر الصحفى مع الرئيس ترامب، بل هى حملة موظفة ممنهجة لتنال من كل من يقف ضد التهجير، بدت التصريحات المحرفة للجزيرة كأنها إشارة لبدء الهجوم على الملك وعلى الأردن، لأنه يقف موقفا قويا ضد التهجير ومنحازًا بشكل واضح لرؤية مصر فى حل القضية الفلسطينية، رغم أن المؤتمر الصحفى استمر قرابة العشرين دقيقة، تحدث فيها الملك عبدالله دقيقة ونصف الدقيقة فقط بشكل رزين ودبوماسى حكيم لم يوافق على التهجير ولم يعد بأى شيء فى كلمات لا لبس فيها مغلقة بشكل حكيم. إلا أن الإخوان ومعهم من حرف التصريحات وجدها فرصة لشن حملة «غير أخلاقية» تنال من شخص عبدالله، فى رسالة واضحة موجه أولا للملك تقول إننا يمكن أن نهدم الأردن بالمظاهرات وبالدسائس والمؤامرات، وثانيًا لكل الزعماء العرب، سواء المجتمعين فى قمة الرياض أو فى القمة العربية الطارئة بالقاهرة، رسالة مضمونها «إلى كل من يقف ضد التهجير وينحاز لمصر، سيتم عمل حملة ضده»،
يستخدم الإخوان كل ما يملكونه من أدوات فى حربهم ضد الشرفاء والصامدين فى وجه البلطجة الإسرائيلية، وينفقون بسخاء على تلك الحملات مما يعنى أن من يحركهم يملك خزينة مفتوحة لا تنضب للقيام بهذه المهام، وتتعدد أدوات الجماعة الإرهابية فى حملاتها ضد الدول والزعماء تبدأ بالقنوات الفضائية التى تقترب من عشرة قنوات مختلفة ومتعددة الجنسيات، وكذلك عدد كبير من المواقع الإلكترونية وعشرات من المراكز البحثية وشركات الإعلام المتخصصة فى فى الترويج للشائعات التى تصب ليل نهار ضد الدولة المصرية وكل من يقف إلى جوار الفلسطينيين وتزييف الأخبار والمصادر وتوهم القارئ أنها تنقل من مصادر عالمية وفى حقيقة الأمر هى نفس المصادر الإخوانية، ومن برامج تلك القنوات ومن المقالات والمواقع ومن دراسات المراكز البحثية الوهمية المغرضة تتلقف اللجان الإلكترونية والحسابات الوهمية الشائعات والأكاذيب والموضوعات التى سيتم تناولها بين الناس، ولأن الجماعة تمتلك مئات الآلاف من الحسابات المزيفة التى تنظم عملية نشر الشائعات، تمكنوا من السيطرة بدرجة ما على السوشيال ميديا، ثم تتلقفها آذان عناصر الجماعة وتبدأ فى نقلها بأفواههم إلى القريبين منهم، مثل زملاء العمل ورفقاء المواصلات، أو فى أماكن الانتظار عند الأطباء وغيرها من الأماكن، لتبدأ حملة النميمة قد تبدأ بالاهتمام بالفلسطينيين وإبداء التعاطف معهم إلا أنها تنتهى دائما بالتهكم بالتشكيك فى أى موقف عربي، وعلى وجه الخصوص الدولة المصرية. الفرض من هذه الحملات نشر القابلية لتلقى فكرة التهجير، تحت مسميات أخرى، مثل: الإغاثة الإنسانية، استقبال الضيوف، مساندة الفلسطينيين المصابين، وغيرها من المسميات التى لا تحمل سوى مضمون واحد هو التهجير وتصفية القضية والتنازل عنها للأبد.
وليس من الحكمة الجرى وراء شائعات الإخوان وأكاذيبهم للرد عليها، ولكن من الحكمة أن تعمل مؤسسات الدولة على تقوية المناعة الداخلية الوطنية ضد أى فكر دخيل، الحكمة تقتضى أن نعمل على تقوية اللحمة الداخلية ضد محاولات الطابور الخامس الإخوانى لزعزعة الأمن والسلام الاجتماعى وكشف طرق عمل اللجان النوعية وتحليل لمضمون أكاذيب الجماعة، والحكمة تقتضى أيضاً أن نستمر فى فضح ممارسات الإخوان لتصفية القضية الفلسطينية وتاريخهم غير المشرف فى سرقة التبرعات والمتاجرة بالقضية لأغراض أخرى، ونشرع فى نقض أفكار السلام السياسى لتحصين الشباب منه، وترسيخ معانى الوطنية فى نفوس الشباب، وكذا كشف طريقة عمل اللجان الإلكترونية وكيف تنشر أفكارهم، ، فيحب احترام العلم المصري، والوقوف أثناء السلام الجمهورى وترديد كلماته واحترامه، واحترام كلمة «مصر» وعدم السخرية منها بنطقها بطريقة مستفزة، حتى نواجه الطابور الخامس بسهولة، فالوقاية يا سادة خير من العلاج.