رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«الرسوم الجمركية» تُشعل فتيل «الحرب التجارية»


27-3-2025 | 00:13

.

طباعة
تقرير: سلمى أمجد

مما لا شك فيه أن الرسوم الجمركية تُعد جزءًا أساسيًا من الرؤية الاقتصادية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى ولايته الثانية، حيث يرى أنها ستُعزز التصنيع الأمريكى وتحمى الوظائف، مما يزيد من عائدات الضرائب ويساهم فى نمو الاقتصاد المحلي، فضلًا عن استعادة التوازن التجارى لأمريكا مما يقلل الفجوة القائمة بين حجم واردات الولايات المتحدة من الدول وصادراتها إليها.

لكن أدى ميل الرئيس الأمريكى إلى فرض الرسوم ثم تعليقها إلى تذبذب الأسواق، حيث واصل الذهب زخمه الصعودى بينما تراجع الدولار، فضلًا عن زيادة المخاوف من رفع تكاليف الإنتاج فى صناعات مهمة مثل الإلكترونيات وقطاع السيارات مما يؤجج من تباطؤ النمو الاقتصادى وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.

 

وفرض «ترامب» بالفعل تعريفات جمركية بنسبة 25 فى المائة على السلع الكندية والمكسيكية باستثناء السلع المتوافقة مع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (USMCA)، بينما تواجه صادرات الطاقة الكندية إلى الولايات المتحدة «البوتاس»، وهو مكون رئيسى للأسمدة رسومًا جمركية بنسبة 10 فى المائة، ومن جهة أخرى وصلت الرسوم الجمركية لـ«ترامب» على السلع الصينية إلى 20 فى المائة، ومن جانبها ردت بكين برفع رسوم تتراوح بين 10 فى المائة و15 فى المائة على بعض السلع الزراعية الأمريكية، واستهدفت العديد من شركات الطيران والدفاع والتكنولوجيا الأمريكية بإضافتها إلى «قائمة كيانات غير موثوقة» وفرض ضوابط على الصادرات.

وفى تطور خطير، فرض «ترامب» تعريفات جمركية بنسبة 25 فى المائة على جميع الواردات من الصلب والألمنيوم، وفى الساعات التى تلت سريان الضريبة، أعلنت كل من كندا والاتحاد الأوروبى عن رسوم جمركية انتقامية، حيث فرضت كندا رسومًا جمركية بنسبة 25 فى المائة على سلع أمريكية إضافية بقيمة 29.8 مليار دولار كندى تشمل منتجات فولاذية بقيمة 12.6 مليار دولار كندي، ومعدات رياضية، وأجهزة كمبيوتر، كما تعهد «ترامب» بفرض تعريفات جمركية متبادلة واسعة النطاق وتعريفات إضافية خاصة بقطاعات محددة يوم 2 إبريل المقبل.

فى سياق متصل، تصاعدت وتيرة الحرب التجارية بعد دخول رسوم «ترامب» الجمركية ضد الاتحاد الأوروبى حيز التنفيذ ما دفع بروكسل لاتخاذ إجراءات مضادة أبرزها إعلان المفوضية الأوروبية عن رسوم جمركية «قوية لكن متناسبة» على سلسلة منتجات مستوردة من الولايات المتحدة تُقدر بـ26 مليار يورو يبدأ تطبيقها فى 1 أبريل المقبل، وتدخل حيز التنفيذ بالكامل فى 13 أبريل ذاته، وستغطى هذه الرسوم سلعًا تتضمن القوارب والويسكي، الدراجات النارية، بالإضافة إلى منتجات الصلب والألمنيوم.

كذلك يعتزم الاتحاد الأوروبى تشديد حصص استيراد الصلب لخفض التدفقات بحوالى 15 فى المائة وهى خطوة تهدف إلى منع غمر السوق الأوروبية بالصلب الرخيص بعدما طبقت واشنطن تعريفات جديدة، وقد حذرت الغرفة التجارية الأمريكية لدى الاتحاد الأوروبى من أن حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وأوروبا تعرض للخطر أعمالًا عبر الأطلسى بقيمة 9.5 تريليون دولار سنويًا مما قد يؤثر على العلاقات الوثيقة بين الجانبين.

وبسبب سياسات ترامب الحمائية، زاد الطلب على الذهب الذى وصل إلى أعلى مستوى له عند 3000 دولار للأونصة، بينما شهد الدولار الأمريكى القوى تراجعًا فى مكاسبه بعد إبقاء مجلس الاحتياطى الفيدرالى على أسعار الفائدة ثابتة، وبناء على ذلك خفضت وكالة «فيتش» للتصنيفات الائتمانية توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمى لعام 2025 إلى 2.3 فى المائة مقارنةً بـ2.9 فى المائة فى 2024، مع استمرار تداعيات الحرب التجارية الأمريكية وتأثيراتها على الأسواق.

ووصفت «فيتش» حجم التصعيد الجمركى الأمريكى منذ يناير 2025 بأنه «مذهل»، حيث ارتفع معدل التعريفة الفعلى من 2.3 فى المائة 2024 إلى 8.5 فى المائة حاليًا، ومن المتوقع أن يصل إلى 18 فى المائة هذا العام، وهو الأعلى منذ 90 عامًا.

وفى هذا السياق، أوضح الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب، الخبير الاقتصادى، أن «البعض كان يتخيل أن تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية هى للضغط على المنافسين وإجبارهم على الجلوس على طاولة المفاوضات وفرض شروط أو وضع قواعد جديدة للتجارة الدولية تخدم مصالح أمريكا، لكن ما حدث أن ترامب كان مصممًا بالفعل على تنفيذ وعوده، وبالفعل أصدر فى البداية قرارات بفرض رسوم تتراوح ما بين 20 فى المائة لـ25 فى المائة على الواردات الأمريكية؛ لكنه سرعان ما علق هذه القرارات ثم مرة أخرى أعاد إصدارها وفعل أخرى برفعه رسوم جمركية على واردات السيارات والصلب والأدوية.

«عبدالمطلب»، أضاف ومع شعور العالم أن ترامب ماضٍ فى تنفيذ خطته الاقتصادية انتشرت حالة عدم اليقين، زادت المخاوف لدى الاقتصادات العالمية من أن تصاب خطوط الإنتاج بالارتباك بسبب الرسوم الجمركية المفروضة على الحلفاء مثل كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبى أو المنافسين مثل الصين، وأصبح التخطيط لكمية الصادرات يشوبه الكثير من الغموض. كذلك التسعير وتحديد الأرباح لأن زيادة الرسوم تتبعها زيادة فى تكاليف الشحن وتكاليف الإنتاج وربما اتجاه المستهلك لبدائل فى حالة ارتفاع أسعار السلع الذى يستهلكها، والقلق يتزايد من أن يتأثر سوق السيارات والأدوية فى أوروبا ما يعنى تراجع أرباح الشركات وعدم التوسع فى التوظيف، وبالتالى ربما الاستغناء عن العمالة.

وأشار «عبدالمطلب» إلى أنه «خلال حكم ترامب وصل البيتكوين إلى 106 آلاف دولار للوحدة. بعد ذلك بدأت فى التراجع بالرغم من التوقعات بأن «ترامب» سيضع قواعد لجعل العملات المشفرة مضمونة من قبل البنك الاحتياطى الفيدرالى، لكن واضح أن هناك الكثير من التوقعات التى لم تصبح حقيقة. وربما يكتشف العالم يومًا بعد يوم أن ترامب لا يمتلك خطة حقيقية، بل يملك ما نسميه بمجموعة من الرغبات وبصفته رئيسًا يحولها لقرارات، وانعكس التردد فى اتخاذ القرارات فى تراجع العملات المشفرة وإعادة الملاذات الآمنة التقليدية وعلى رأسها الذهب الذى أصبح من المحتمل أن يكسر حاجز 4000 دولار بحلول نهاية العام.

ومن واشنطن، قال شريف عثمان، مؤسس ومدير شركة «بويز» للاستثمار، إن «الحرب التجارية أثرت سلبًا على ثقة المستثمرين والشركات الكبرى، وأدت إلى تباطؤ التجارة العالمية، ما انعكس على تراجع توقعات النمو فى عدد من الاقتصادات الناشئة والمتقدمة على حد سواء، بما فى ذلك الاقتصاد الأمريكى الذى بدأ يشعر بارتفاع تكاليف الإنتاج وأسعار السلع الاستهلاكية، ولمواجهة تداعيات هذه الحرب، تدعو مؤسسات اقتصادية دولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين إلى العودة إلى طاولة المفاوضات واعتماد حلول قائمة على التفاهمات التجارية متعددة الأطراف بدلًا عن التصعيد الأحادى».

أخبار الساعة