فى خطوة استفزازية جديدة، اقتحم وزير الأمن القومى الإسرائيلى المتطرف، إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى برفقة رئيس منظمة «منهيلت هارهبايت» الحاخام شمشون ألبويم، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال، وأثار هذا الاقتحام الإسرائيلى حالة من الغضب، حيث انهالت ردود الأفعال الغاضبة على الصعيدين المحلى والدولي، خاصة فى ظل توقيت الاقتحام الذى تزامن مع عيد الفطر.
ومن جانبها، أدانت مصر اقتحام المسجد الأقصى، مؤكدة فى بيان رسمى صادر عن وزارة الخارجية على أن هذا التصعيد يمثل استفزازًا مرفوضًا لمشاعر المسلمين فى كافة أنحاء العالم.
وأكدت مصر، أن الإجراءات الإسرائيلية المتطرفة تشكل انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي، ومصدرًا رئيسيًا لحالة عدم الاستقرار بالمنطقة، وحذرت من أى محاولات للمساس بتلك المقدسات الدينية، مشددة على أن استمرار العجز عن وقف الانتهاكات الإسرائيلية، وعدم اتخاذ إجراءات رادعة من قبل المجتمع الدولى لوضع حد لتلك التصرفات المستخفة بالقانون الدولى من شأنها أن تشكل أساسًا لموجة غضب واسعة قد تتسبب فى تفجر الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط، وتؤدى إلى تداعيات خطيرة على السلم والأمن الدوليين.

وبحث وزيرا خارجية مصر والأردن فى اتصال هاتفى الجهود المصرية القطرية الخاصة بالتهدئة وتثبيت وقف إطلاق النار فى القطاع، فى ضوء التطورات السلبية بالضفة الغربية جراء النهج التصعيدى الإسرائيلى والذى يتضمن مصادرة الأراضى عبر النشاط الاستيطانى.
وفى هذا الصدد، يرى الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الاقتحامات الإسرائيلية للأقصى الشريف والقدس من إيتمار بن غفير والمستوطنين اليهود، والتى كان آخرها ما تم الخميس الماضى تحت سمع وبصر الحكومة الإسرائيلية، بحجة تأدية طقوسا تلمودية فى باحاته، بحماية من الشرطة الإسرائيلية، هو أمر يأتى ضمن خطة تهويد القدس.
وأضاف فهمي، أن هذه الاقتحامات مرتبطة بالخطة طويلة المدى 2050 لتهويد القدس، وبالتالى ما يجرى الآن متعلق بأمرين، الأول، تقسيم الأقصى وترحيل الأسر الفلسطينية من القدس بعد 6 أعوام من الآن وفق المخطط الإسرائيلى المتكامل، والثاني، أن الاقتحامات للأقصى تتم وفق ما تم الاتفاق عليه داخل الحكومة المصغرة، خاصة أن المستوطنين اليهود لديهم سلاح ودعم من الحكومة الإسرائيلية للقيام بأعمال الحفر والتنقيب أسفل الاقصى بواسطة المتدينين أو الحريديم بحثًا عن هيكل سليمان المزعوم، وهذه الاقتحامات تتم وفق ما تم الاتفاق عليه داخل الحكومة المصغرة وتنفيذًا لتوجهات مكونات الائتلاف والأحزاب الدينية المتطرفة بحكومة نتنياهو.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هذه الاقتحامات الإسرائيلية تؤكد أن هناك مخططًا للمستوطنين لتغيير معالم الأراضى العربية المحتلة بمدينة القدس وما يجاورها، واستمرار التنقيب بهذه الصورة وتهجير الفلسطينيين رغم وجود اتفاق ثلاثى بين الأردن وإسرائيل والفلسطينيين للإبقاء على المقدسات الإسلامية، إلا أن إسرائيل تمعن فى تنفيذ مخططها بهذه الصورة غير المسبوقة.
بدوره، أكد الدكتور محمد عبود، الخبير بالشئون الإسرائيلية وقضايا الصراع، على أن اقتحام »الأقصى» خطوة تعكس اتجاهًا لتنفيذ المشروع الصهيونى فى المسجد الأقصى، وذلك من خلال المزيد من الاقتحامات وتقسيمه زمانيًا ومكانيًا، ما يهدد بهدمه وبناء الهيكل الثالث المزعوم، لافتًا إلى أن الاقتحام لن يكون الأخير، وقد تحمل الأيام المقبلة تطورات وخيمة.

وأوضح عبود أن هذه الخطوة تمثل رسالة واضحة، تفيد بأن القدس تحت سيطرة إسرائيل الكاملة، منوها بأن الاقتحام الأخير لـ«بن غفير»، برفقة مجموعة من المستوطنين الذين ارتدوا قمصانًا تحمل صور الهيكل، تمثل علامة على التصعيد نحو هدم المسجد وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، إذ إن هذا الهدف يُعتبر جزءًا من مشروع دينى يسعى لتحقيق تسوية أمنية تؤثر على الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى.
وشدد الخبير بالشئون الإسرائيلية على أن هذا الاقتحام يشكل انتهاكًا للمادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة، التى تُلزم دولة الاحتلال باحترام العقائد والشعائر الدينية للسكان فى الأراضى المحتلة، فضلًا عن مخالفته قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأضاف عبود، أن تكرار الاقتحامات الإسرائيلية للأقصى يكشف عن استراتيجية ممنهجة لتغيير الوضع التاريخى والقانونى للمدينة المقدسة، مشيرًا إلى أن قرار اليونسكو عام 2016 أكد الهوية الإسلامية للمسجد الأقصى وأدان الانتهاكات الإسرائيلية فيه.
ومن جانبه، أدان الدكتور محمد مهران، أستاذ القانون الدولي، الاقتحام الاستفزازى للمسجد الأقصى من قبل أحد وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ومئات المستوطنين، مؤكدًا على أنه يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولى والوضع التاريخى القائم فى القدس.

وأضاف «مهران» أن اقتحام الأقصى يتزامن مع سياسة تصعيدية إسرائيلية تشمل استهداف المدنيين فى غزة وتوسيع الاستيطان فى الضفة الغربية، فى محاولة لفرض واقع جديد يقوض فرص السلام العادل فى المنطقة.
وشدد «مهران» على أن الصمت الدولى على هذه الانتهاكات يشجع إسرائيل على المزيد من التجاوزات، داعيًا المجتمع الدولى إلى اتخاذ إجراءات عملية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس.
كما أشاد بالموقف العربى والإسلامى الرافض لهذه الاعتداءات، مؤكدًا ضرورة تكثيف الجهود الدبلوماسية والقانونية لحماية المسجد الأقصى والمقدسات فى القدس، وتوحيد القوى العربية من أجل القضية الفلسطينية.
ولفت مهران إلى أن المسجد الأقصى من ثوابت الأمة العربية والإسلامية التى لا يمكن المساومة عليها، وأن صمود المقدسيين فى الدفاع عن مقدساتهم يمثل خط الدفاع الأول عن هوية القدس العربية والإسلامية.
بينما عبر الخبير الأمنى محسن الشوبكي، عن رفضه التام للإجراءات الإسرائيلية المتطرفة والعدوان المستمر على غزة واقتحام المسجد الأقصى، مشيرًا إلى أن حكومة الاحتلال تشعل نارًا كبيرة فى المنطقة.
ونوه إلى أن اقتحام وزير الأمن الإسرائيلى بن غفير للمسجد الأقصى والمجزرة فى غزة وتجدد العدوان الإسرائيلى استفزاز لمشاعر المسلمين وانتهاك صارخ للقانون الدولي، لافتًا إلى أن هذه التصرفات تأتى فى إطار السياسات العدوانية التى تنتهجها سلطات الاحتلال لفرض الأمر الواقع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.
وناشد «الشوبكى» المجتمع الدولى والمنظمات الأممية والإقليمية، باتخاذ موقف حاسم لوقف هذه التجاوزات وضمان حماية المقدسات الدينية فى القدس المحتلة، وتجنب مزيد من التصعيد ما يدفع إلى تدهور الوضع أكثر وأكثر، منوهًا بأن القصف الوحشى لمستشفى تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، الذى أسفر عن استشهاد العشرات، بينهم أطفال ونساء، وإصابة أعداد كبيرة من المدنيين الأبرياء، جريمة حرب مكتملة الأركان وانتهاكًا صارخًا لكافة القوانين والأعراف الدولية، لا بد أن يحاسب عليها الاحتلال الإسرائيلي، مشددًا على أن هذه الانتهاكات الممنهجة، ستدفع إلى تصعيد كبير بسبب استمرار هذه السياسات الاستفزازية.
ويقول الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية، إن اقتحام وزير الأمن القومى الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، للمسجد الأقصى يُعد تصعيدًا خطيرًا يؤدى إلى إشعال نيران الصراع فى منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن هذا الاقتحام حدث من قبل، عقب تولى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو الحكم.
وأضاف «أحمد»، أن اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى وإطلاق النار على المصلين يؤدى إلى زيادة التوترات وإشعال النيران التى أسفرت عن تنفيذ عملية «طوفان الأقصى»، مؤكدًا أن ما فعله بن غفير فى المسجد الأقصى يعكس السياسات الإسرائيلية الرامية إلى القضاء على القضية الفلسطينية فى كلٍ من غزة والضفة الغربية.
ولفت إلى أن الاحتلال الإسرائيلى يسعى لتهويد المسجد الأقصى، بهدف تغيير طبيعته السامية والعربية، بالإضافة إلى تغييره ديموغرافيًا، موضحًا أن المسجد الأقصى يمثل رمزًا مهمًا للعالم العربى والإسلامى ويؤثر فى أكثر من 2 مليار شخص حول العالم، وبالتالى فإن الاقتراب منه بهذه الطريقة يعد خطأ كبيرًا.
وفى السياق ذاته، يرى الدكتور محمود السعيد، أستاذ العلوم السياسية، أن اقتحام وزير الأمن القومى الإسرائيلى وعدد من أفراد شرطة المسجد الأقصى «عمل استفزازي» يثير مشاعر العرب والشعب الفلسطيني، مؤكدًا على استمرارية الانتهاكات الصارخة للقوانين الدولية فى ظل غياب الإجراءات الدولية الفاعلة.
وأضاف أن الصهاينة يعملون تحت غطاء غربى أمريكي، ما يساهم فى زعزعة الاستقرار الإقليمى وتهديد الأمن القومى الفلسطيني، موضحا أن هذه الأفعال تعد خرقًا واضحًا لكافة العهود والاتفاقيات، بما فى ذلك اتفاقية وقف إطلاق النار السارية، وقرارات إعادة إعمار غزة.
وتابع أن ما يحدث من انتهاكات فى غزة يُظهر بوضوح عجز الكيان الصهيونى عن الالتزام بالمعايير الدولية، حتى فى ظل الضمانات الأمريكية والدولية.
وأشار إلى أن الاقتحامات المتكررة للاحتلال الإسرائيلي، تساهم فى تعزيز الفوضى والاعتداءات المستمرة، مؤكدًا أن هذا السلوك يعكس نية الكيان الصهيونى لتقويض أى جهود تهدئة أو استقرار تواجه المنطقة.
وشدد الخبير السياسي، على أهمية فرض عقوبات دولية على إسرائيل، مشيرًا إلى أن غياب تلك العقوبات يمنح الكيان الإسرائيلى الضوء الأخضر لمواصلة انتهاكاته، مردفا :«من أمن العقاب أساء الأدب»، وهو ما يعكس الحالة الراهنة وموقف المجتمع الدولى تجاه الانتهاكات المتزايدة.
ورغم تراجع دور المجتمع الدولي، أعرب أستاذ العلوم السياسية عن إيمانه بأن مصر وقيادتها السياسية، بدعم من الشعب المصري، قادرون على وضع خارطة طريق فعالة تنطوى على إجراءات واضحة لحماية أمن المنطقة.
وأكد الدكتور رفعت سيد أحمد، الخبير الاستراتيجي، على أن اقتحام وزير الأمن القومى بحكومة الاحتلال الإسرائيلى إيتمار بن غفير، للمسجد الأقصى المبارك، هو تصرف استفزازى خاصة أنها ليست المرة الأولى، أن تكرار اقتحام المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى الشريف وأداء طقوس تلمودية، مستغلين الأوضاع فى قطاع غزة، يشكل تأكيدًا على نيتهم تجاه المسجد الأقصى.
وأضاف أن هذه الأعمال تعد شكلًا من أشكال الإرهاب السياسى والدينى الذى تمارسه إسرائيل ضد أصحاب الأرض، مشددًا على ضرورة تدخل الدول العربية لإيقاف هذه الأعمال الإرهابية الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى، مؤكدًا أن الصمت يعد تواطؤًا سينعكس سلبًا على القضية الفلسطينية بشكل عام.
وأشار إلى أن الجماعات المتطرفة داخل المجتمع الإسرائيلى توافق على جرائم حكومة نتنياهو، مؤكدًا أن ما تقوم به إسرائيل فى الفترة الأخيرة هو محاولة للتغطية على حالة التفكك التى يعيشها المجتمع الإسرائيلى نتيجة فشلها فى تحقيق أهدافها من الحرب على غزة.
وأكد الدكتور أيمن سلامة، خبير القانون الدولي، أن الأفعال الإسرائيلية تجاه المسجد الأقصى تمثل انتهاكات صريحة وصارخة للقانون الدولي، مشيرًا إلى أن هذه التصرفات غير المسئولة تفاقم الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط وتصب الزيت على النار.