رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

عقلية محمد صلاح فى صناعة التاريخ


17-4-2025 | 19:17

.

طباعة
بقلـم: أحمد النبوى

على مدار أشهر والكل يترقب هل يجدد النجم محمد صلاح مع ليفربول أم يرضخ للإغراء المالى من الأندية السعودية

أغلبيه المصريين كان أملهم وحلمهم أن يجدد صلاح ويكمل صناعته للتاريخ وكتابه الأرقام القياسية فى أقوى دوريات كرة القدم فى العالم.

محمد صلاح بعد التجديد لليفربول يؤكد أنه واحد من أهم عوامل القوة الناعمة المصرية حاليًا، وأنه مصرى أصيل يحمل الشخصية المصرية بداخل روحه، ويمتلك رؤية لاستكمال حلمه الذى أصبح شمعة تضىء الطريق لملايين الشباب والأطفال المصريين الذين يتلمسون خطواتهم فى طريق ضبابى.

 

قد يرى البعض وأنا منهم أن «صلاح» حالة فردية ولم يدعمه أحد فى صناعة نجوميته وأنه شق طريقه بمفرده مع تشجيع وإيمان عائلته بموهبته، ولكن كم عدد مَن يملك الموهبة فى أبناء الشعب المصرى من كافة المجالات؟

أعتقد أننا نملك الكثيرين بأرقام تزيد على مئات الآلاف ولكن هل يملكون عقلية تحقيق الحلم والأمل؟ هل يستطيعون الصبر للوصول لهدفهم؟ هل يطورون من إمكانياتهم؟ هل يجدون الدعم المتواصل والإيمان بموهبتهم من أسرهم؟

والتساؤل الذى قد يطرحه البعض: كيف يتخلى صلاح عن ما يقارب من 26 مليار جنيه ويكتفى بمليارى جنيه؟

أصحاب هذا التساؤل لا يملكون بداخلهم أى أحلام أو آمال لتحقيقها، أو لنكن أكثر واقعية كان لديهم ولكنهم استسلموا للعقبات وتناسوا حلمهم ووقعوا فى مطبات الحياة.

مثل الخريج الذى يوافق على أى وظيفة بأى مرتب، حتى لو بعيدة عن تخصصه، حتى يهرب من شبح البطالة ويدخل فى دوامة الموظف الذى يريد أن يأكل عيشًا.

صلاح ليس حالة فردية فهناك غيره من الآلاف فى كل المجالات، ولكننا لا نهتم إلا بكرة القدم، وهذا ليس تقليلاً من إنجازات صلاح، بل على العكس فصلاح أصبح أيقونةً للجميع الكبار قبل الصغار، واستطاع أن يُعيد مفهوم الحلم والأمل لأجيال كثيرة حالية وقادمة كان من السهل على صلاح أن يدخل التاريخ مرة جديدة بأغلى لاعب فى العالم بعد موافقته على العرض السعودى، ولكن صلاح ذكى، ولمَ لا؟، وهو برج الجوزاء الذى يتمتع بالذكاء الحاد والمحب للعمل، وأفضل ما يميزه أن قراره من عقلة قد يسمع للآخرين باهتمام، ولكنه فى النهاية يفعل ما يريده هو حتى لو كان القرار خطأ.

صلاح يريد أن يدخل التاريخ من باب الأرقام القياسية التى تخلد بمجهوده وليس بأرقام الأموال التى ستتغير بعد موسم أو موسمين؛ وقد يرى البعض أن صلاح قد حقق بالفعل ثروة فى السنوات الماضية، ولكن لا تنس أنه حققها بمجهوده ومهاراته وتدريبه المتواصل ولم يعتمد على أحد.

من حق صلاح أن يحلم بالتتويج بلقب أفضل لاعب فى العالم رسميًا مع الوضع فى الاعتبار أنه هكذا فى أعين كل الشعب المصرى وكثيرين من العرب، فصلاح لم يعد فخر العرب فقط ولكنه على أعتاب أن يصبح أسطورة من أساطير كل القدم فى العالم.

عقلية محمد صلاح فى صناعة الأرقام القياسية ودخول التاريخ من أوسع أبوابه ساهمت وستساهم فى تغيير عقلية الكثيرين فى السنوات القادمة، فالاحتراف فى مصر سيكتب ما قبل صلاح وما بعد صلاح، وكلنا نعلم أن الاحتراف قبل صلاح كان هو الهدف لكثير من اللاعبين وكان البعض منهم قادرًا على كتابة التاريخ، ولكن الاختلاف كان فى العقلية، فاللاعب قد حقق هدفه وحلمه بالاحتراف واكتفى بالفترة الأولى التى يحاول فيها أن يثبت نفسه كلاعب، وهناك نماذج كثيرة لمحترفين مصريين فى الخارج ولكن لم يُكتب لأحدهم الاستمرار طويلاً رغم إمكانياتهم ومهاراتهم العالية، وللحق فإن أكثر لاعب حافظ على نفسه فى الاحتراف كان هانى رمزى فى الدورى الألمانى، ولكنه لم يكن أقوى دورى فى العالم، ويأتى من بعده أحمد حسام ميدو الوحيد الذى استطاع أن يستمر لفترة نظرًا لاحترافه فى سن صغيرة، وكانت نفس الميزة هى أخطر عيوب ميدو، فالشاب الصغير لم يجد من يشكل عقليته ويساعده لإكمال حلمه الذى انتهى عندما حصل على المال والسيارات وغيرها، وأراد أن يعيش حياة الأجانب بعقلية مصرية، فكتب فصل النهاية بنفسة والعودة إلى ناديه القديم الزمالك، ولكن بعد نجاحات وإنجازات محمد صلاح أصبح التحدى أكبر للأجيال القادمة، فهناك أرقام تاريخية وإنجازات لن يستطيع أحد أن يتخطاها بسهولة، ولكنها ليست مستحيلة وإن كان هناك آمال تُعقد على عمر مرموش فلا يعقل أن نقارن بينه وبين صلاح أو أن يكون صلاح جديدًا، فكل لاعب له شخصية وعقلية، ومن الحرام أن نضع أى لاعب فى مقارنة مع لاعب آخر، فعلى مرموش أن يستفيد ويتعلم من تجربة صلاح لكى يصنع تجربته الشخصية وليس محاولة التكرار، وهنا علينا أن نطرح تساؤلاً: هل هناك خطة من وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من تجربة محمد صلاح للأجيال القادمة لاحتراف أكبر عدد ممكن من اللاعبين المصريين الشباب؟ أتمنى أن يتم وضع برامج توعية لفرق الشباب بكل الأندية يضعها عدد من لاعبى الكرة السابقين المحترفين بالإضافة إلى صلاح ومرموش، ولا مانع من منح الناشئين كورسات خاصة فى اللغات مع إتاحة الفرصة للناشئين بالاحتراف فى سن صغيرة فى أندية خارجية، حتى لو لم تكن شهيرة أو حتى فى دوريات كبرى، وعلى الأندية الكبرى ألا تقف حائلاً أمام احتراف الناشئين بحجة قلة العقود، فكلنا نرى أن الأندية الكبرى فى مصر لا تعتمد على الناشئين فى الدورى العام نظرًا لكثره المحترفين وهو الأمر الذى ينعكس على مستوى اللاعبين الشباب، وهناك أمثلة كثيرة لا حصر لها، فمثلا محمد عبدالمنعم أفضل مدافع فى إفريقيا والمحترف فى فرنسا كان فى الأهلى وتمت إعارته ولم يكن أحد يعرفه إلا عندما انضم للمنتخب وقدم أداء متميزًا أجبر الأهلى على قطع إعارته ليصبح أفضل مدافع فى مصر قبل أن يخوض تجربة الاحتراف؛ وأثق أن هناك مئات اللاعبين أمثال محمد عبدالمنعم، ولكن لم نعد نملك العين الفنية التى تكتشف اللاعبين، بالإضافة إلى أن الفرق الكبرى تريد اللاعب الجاهز من أجل المنافسة على البطولات، رغم أن المنافسة الحقيقية لا تخرج عن ثلاثة أو أربعة فرق فقط وتعتمد كلها على المحترفين أو اللاعب الجاهز.

أخبار الساعة