رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

«تسونامى الإفلاس» يضرب شركات أوروبا وأمريكا


25-5-2025 | 21:18

.

طباعة
تقرير: سلمى أمجد

شهد عام  2024 موجة إفلاس غير مسبوقة اجتاحت عددا كبيرا من الشركات الأوروبية، والتى ما زالت مستمرة، ما جعل القارة العجوز تواجه واحدة من أصعب أزماتها الاقتصادية فى العقود الأخيرة، وامتدت موجة الإفلاس للاقتصاد الأمريكي، إذ وصلت حالات إفلاس الشركات إلى أعلى مستوى لها منذ تداعيات الأزمة المالية العالمية، ومع ازدياد حالة عدم اليقين العالمي، والتوترات الجيوسياسية، يُحذر محللون من استمرار الأزمة للعام الحالي، ما ينذر بتحديات أكبر لقطاع الأعمال فى المستقبل المنظور.

وكشفت بيانات وكالة الائتمان «كريديتريفورم»، عن ارتفاع عدد حالات إفلاس الشركات فى أوروبا العام الماضى لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2013، وسجلت الوكالة أكثر من 190 ألف حالة إفلاس بزيادة نسبتها 12.2  فى المائة  عن 2023، كما تتوقع استمرار ارتفاع عدد حالات الإفلاس خلال العام الحالي، وكان لفرنسا نصيب الأسد فى حالات الإفلاس، إذ أغلقت أكثر من 66 ألف شركة أبوابها، وهو أعلى رقم يسجل منذ عام 2009، ويمثل ما يزيد على ثلث حالات الإفلاس المسجلة فى أوروبا، أما فى ألمانيا  أكبر اقتصادات القارة العجوز، فقد أعلنت أكثر من 22 ألف شركة إفلاسها خلال العام الماضى بزيادة نسبتها 22.5  فى المائة سنويًا.

وفى العام الحالي، وصل عدد حالات الإفلاس بين الشركات المملوكة لأشخاص والشركات الرأسمالية فى ألمانيا إلى أعلى مستوى له منذ 20 عامًا. ووفقًا لمعهد «لايبنيتس» للبحوث الاقتصادية، تم تسجيل 1626 حالة إفلاس للشركات من النوعين فى أبريل الماضي، بزيادة بنسبة 21 فى المائة مقارنةً بالشهر نفسه من العام الماضى، أما النمسا، فعلى الرغم من كونها دولة صغيرة، فإنها من بين الدول الأكثر تضررًا، حيث أعلنت 2004 شركات إفلاسها فى الربع الأول من العام الجاري، بينما بلغ عدد الوظائف المتضررة إزاء حالات الإفلاس نحو 25 ألف وظيفة، وفى مارس الماضي، أعلنت شركة «نروثفولت» السويدية لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية إفلاسها بعد تراكم ديونها، وهو ما شكل ضربة لجهود الاتحاد الأوروبى فى تحقيق استقلالية فى مجال البطاريات التى تهيمن عليه النمور الآسيوية، كما تتجه 17 ألف شركة سويدية لإعلان إفلاسها مما يعرض خزينة الدولة لخسائر تقترب من 24 مليار كرون سويدى وفقاً لتقديرات مصلحة الضرائب السويدية.

وعن أسباب الارتفاع الحاد فى حالات الإفلاس، أوضح  الدكتور أحمد عبود، أستاذ الاقتصاد بجامعة بورتسموث ببريطانيا، أن حالات الإفلاس فى الفترة الأخيرة زادت بنسب كبيرة لأسباب سلبية وإيجابية، وفيما يتعلق بالأسباب السلبية، تحتاج الشركات إلى تمويل، ولديها التزامات مالية بشكل كبير وفى الفترة الأخيرة زادت معدلات التضخم وبالتالى ارتفعت معدلات الفائدة بشكل كبير، وواجهت تلك الشركات صعوبة فى عمليات التمويل، وسداد التزاماتها المادية ما أثر بشكل كبير على قدرة الشركات وأدى إلى الإفلاس، ذلك بجانب الارتفاع فى تكلفة المواد الخام وتكلفة الطاقة بشكل كبير فى الفترة الأخيرة، فضلًا عن عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى العالمى الذى أثر بشكل كبير على قدرة الشركات على الاستمرارية، كما أن الإفلاس مُرتبط بسلاسل الإمداد وقدرة الشركات على توفير ما يلزمها من موارد بتكلفة منخفضة وبالتالى القدرة على تحقيق أرباح، حيث واجهت الشركات صعوبة فى تحقيق ذلك فاتجهت إلى الإفلاس.

وفيما يتعلق بالأسباب الإيجابية، أشار «عبود» إلى التطور التكنولوجى السريع، والتغيير فى السياسات الاقتصادية، والذى أدى إلى عدم قدرة بعض الشركات على الاستمرار فى السوق بسبب عدم وجود حاجة لها فى الأسواق العالمية، وبالتالى رغم أن الشركة لديها قدرة وكفاءة مالية جيدة؛ لكنها ليس لديها مستقبل مشرق فيما يخص الأسواق العالمية والحاجة إلى منتجاتها، وستتجه الشركات إما إلى الإفلاس وإما إلى تغيير نشاطها.

وفى سياق متصل، عانى الاقتصاد الأمريكي، من موجة حادة من الإفلاس لم يشهدها منذ أكثر من 14 عامًا، وفقًا لبيانات شركة «إس آندبى غلوبال ماركت إنتليجنس»، وقدمت ما يزيد على 686 شركة أمريكية طلبات إفلاس خلال عام 2024، بزيادة قدرها حوالى 8 فى المائة مقارنة بعام 2023.

وتضمنت أكثر من 30 حالة إفلاس العام الماضى التزامات تجاوزت مليار دولار لكل شركة، وكان انهيار شركة «بارتى سيتي»، المتخصصة فى صناعة الحفلات لأكثر من أربعة عقود، مثالًا بارزًا، حيث أعلنت إفلاسها فى ديسمبر الماضى، مسجلة بذلك إفلاسها الثانى فى أقل من عامين، بسبب الضغوط المالية وديون بقيمة 800 مليون دولار، وخلال مايو الجارى أعلنت شركة «رايت إيد» الأمريكية إفلاسها.

من واشنطن، أوضح شريف عثمان، مؤسس ورئيس شركة «بويز» للاستثمار، أن حالات إفلاس الشركات نتيجة تشديد السياسات النقدية وارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف التشغيل، ما أدى إلى تراجع السيولة وزيادة الأعباء المالية على الشركات، خاصةً الصغيرة والمتوسطة، كما ساهم التضخم واضطراب سلاسل الإمداد، نتيجة الحرب فى أوكرانيا وتوتر العلاقات التجارية، فى زيادة الضغط على بيئة الأعمال.

وعن تداعيات هذه الأزمة، أشار «عثمان» إلى أنها تشمل تزايد البطالة، وتراجع الطلب، وانخفاض الإيرادات الحكومية، وتراجع شهية المستثمرين للمخاطرة، وهو ما قد يُبطئ النمو الاقتصادى العالمي.