رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

بعد مفاوضات إسطنبول «مكالمة ترامب وبوتين» تجدد آمال السلام


25-5-2025 | 19:33

خلال مفاوضات روسيا وأوكرانيا في إسطنبول

طباعة
تقرير: سلمى أمجد

فى ظل تصاعد الضغوط الدولية لإنهاء أعنف صراع تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، أعادت المكالمة الهاتفية الأخيرة بين الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكى دونالد ترامب الزخم إلى المسار الدبلوماسى المتعثر. ناقش الطرفان على مدار أكثر من ساعتين سبل وقف إطلاق النار فى أوكرانيا، وأعلن ترامب عقب الاتصال عن قرب انطلاق مفاوضات مباشرة بين موسكو وكييف. كما أجرى ترامب مكالمة مع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي بحثا خلالها إمكانات التهدئة وخطوات تنسيق المطالب والشروط التفاوضية. كما بادر ترامب إلى التواصل مع عدد من القادة الأوروبيين، فى مسعى لتأمين دعم غربى لمقترح وقف إطلاق نار لمدة 30 يومًا كخطوة أولى نحو السلام.

 

تأتى هذه المكالمة بعد المفاوضات الروسية الأوكرانية التى احتضنتها إسطنبول، الجمعة الماضية، والتى أسفرت عن أكبر تبادل من نوعه للأسرى حتى الآن، فى إطار صيغة «ألف مقابل ألف». وكان رئيس الوفد الروسى فلاديمير ميدينسكى قد أعرب عن رضا موسكو عن هذه النتائج، مؤكدًا استمرار المحادثات بعد أن يقدم كل طرف رؤيته لوقف إطلاق النار المستقبلى بشكل مفصل، مع الأخذ فى الاعتبار طلب الجانب الأوكرانى بعقد مباحثات مباشرة بين رئيسى البلدين، اللذين التقيا مرة واحدة فقط فى عام 2019.

وعلى الرغم من أن بوتين هو من دعا بنفسه إلى استئناف المحادثات المباشرة مع كييف التى كانت قد توقفت فى 2022، ردًا على طلب ملح من جانب قادة أوروبا، وبدعم أمريكى بوقف غير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يومًا، إلا أنه تجاهل تحدى كييف له بالحضور، مفضلًا إرسال وفد من الصف الثانى لمناقشة القضايا الفنية تمهيدًا لمرحلة لاحقة ترفع فيها الكرملين مستوى الوفد بناءً على التقدم الذى يحرزه الطرفان. مما أنهى أيامًا من التكهنات حول لقاء محتمل بين الرئيسين فى تركيا، وخفض سقف توقعات تحقيق تقدم كبير فى جهود إحلال السلام.

وبسبب ذلك، تصاعدت الحرب الكلامية بين روسيا وأوكرانيا قبيل المحادثات؛ إذ اعتبر الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى أن الوفد الذى أرسلته موسكو «صوري»، منتقدًا تقاعس بوتين عن الحضور، بينما وصف وزير الخارجية الروسى سيرغى لافروف الرئيس الأوكرانى بـ«المثير للشفقة» لتوقعه حضور بوتين للقائه. وقد أرسلت موسكو وفدًا يتقدمه فلاديمير ميدينسكي، المعروف بمواقفه القومية المتشددة، وسبق أن قاد مباحثات مع أوكرانيا عُقدت فى مارس 2022 من دون أن تؤدى إلى نتيجة. وبالمقابل، رأس الوفد الأوكرانى وزير الدفاع رستم عمروف.

وقد كشفت وزارة الدفاع الروسية عن الشروط التى طرحتها خلال مفاوضات إسطنبول لوقف إطلاق النار الفورى، والتى اعتبرتها كييف «منفصلة عن الواقع» و«غير مقبولة». وتتمثل هذه الشروط فى انسحاب القوات الأوكرانية من جميع المناطق التى تطالب بها موسكو، وهى دونيتسك، ولوغانسك، وخيرسون، وزابوريجيا، فضلًا عن التخلى عن طموحاتها فى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسى «الناتو»، واعتماد وضع محايد يمنع تواجد أى قوات أجنبية على أراضى البلاد، بجانب التنازل المتبادل عن أى مطالبات بالتعويض عن خسائر الحرب من كلا الجانبين. فى المقابل، تريد أوكرانيا «ضمانات أمنية» غربية متينة لتجنب أى هجوم روسى جديد، وأن ينسحب الجيش الروسى الذى يسيطر على حوالى 20 فى المائة من مساحة البلاد كليًا من أراضيها.

الدكتور عماد أبو الرب، رئيس المركز الأوكرانى للتواصل والحوار، أوضح فى تصريحاته لـ«المصور»، عن مفاوضات إسطنبول، أن أوكرانيا ترى أن مجرد انعقاد المفاوضات مع الجانب الروسى فى إسطنبول يُعد خطوة إيجابية فى حد ذاتها، كونه يُمهّد الطريق لإطلاق مسار تفاوضى مباشر، حتى وإن لم يكن الهدف من الجولة الأولى هو حسم القضايا الخلافية الأساسية، نظرًا لتعقيداتها وتشعبها. حيث كان الهدف الأساسى فى هذه المرحلة تهيئة الأرضية للحوار وبناء قدر من الثقة المتبادلة. وقد أسفرت هذه المفاوضات عن نتائج ملموسة، ولو جزئية، من أبرزها تنفيذ عملية تبادل للأسرى، إضافة إلى التوافق المبدئى على عقد جولة جديدة من المفاوضات فى المستقبل، وهو ما يُعد تطورًا إيجابيًا يعكس الإرادة السياسية لاستمرار الحوار.

وأضاف «أبو الرب» أنه فى حال التوصل إلى هدنة مؤقتة، فإن ذلك سيمثل خطوة هامة نحو إطلاق مفاوضات جادة من أجل إحلال السلام. من جانبها، تُبدى أوكرانيا استعدادًا حقيقيًا لوقف إطلاق نار مؤقت لمدة 30 يومًا قابلة للتمديد، تمهيدًا للتوصل إلى تسوية سلمية دائمة تقوم على التوافق المشترك، وتترافق مع ضمانات دولية وتعهدات واضحة، بوساطة أطراف تحظى بقبول الجانبين. مشيرًا إلى أنه لا شك أن لقاء مباشرا بين الرئيسين الأوكرانى والروسى سيكون أكثر فاعلية فى تسريع التفاهم والوصول إلى أرضية مشتركة.

أما بسام البنى، الكاتب والباحث السياسى من موسكو، فأكد لـ«المصور»، أن روسيا تنظر لهذه المعركة بأنها معركة متعددة الأطراف، حيث تحارب على ثلاثة محاور؛ الإطار الأول مع الناتو، الصيغة الثانية مع إسطنبول حيث أرسلت إليها وفد تكنوقراط، والمحور الثالث يتضمن أمريكا والناتو وتطور الاتفاقيات التى تتم بينهم من أجل حل الصراع. مؤكدًا أن روسيا لن تتنازل حتى تحقق أهداف العملية العسكرية الخاصة بشكل كامل.

أخبار الساعة