رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

أحمد فؤاد نجم من فوق السطوح.. حكاية غضب «الفاجومى» فى عيد ميلاده


22-5-2025 | 20:08

.

طباعة
يقـدمـــها: أشــرف التعـلبى

الشاعر أحمد فؤاد نجم، أحد أهم شعراء العامية فى مصر، وُلد فى 22 مايو 1929 بقرية كفر أبو نجم التابعة لمركز أبو حماد بالشرقية، وتميزت أشعاره بالسخرية واللغة القريبة من الناس، كما ارتبط اسمه ارتباطاً وثيقاً بالملحن والمطرب الشيخ إمام عيسى؛ ليشكلا معاً ثنائياً فنياً فريداً، حتى أصبحا أيقونة للغناء السياسى والمقاومة بالكلمة.. وظل «نجم» يكتب وينتقد حتى وفاته فى ديسمبر 2013.

وبمناسبة ذكرى ميلاده، تحتفى «كنوز المصوّر» بـ«نجم» من خلال إعادة نشر حوار أجراه معه الصحفى الكبير حمدى رزق فى يوليو 1999، حوار يكشف الكثير من ملامح شخصيته، وثوابته، وموقفه من الفن والسياسة والحياة.

بعد ليلة صاخبة احتفل فيها الشاعر الصعلوك أحمد فؤاد نجم بعيد ميلاده فى احتفال أقامه له على نفقته رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس بدار سينما “رينسانس”، بوسط البلد، عاد نجم ليصعد سلمه الخشبى إلى فوق سطوح عمارة (1) بمساكن أطلس “الزلزال” ويسلم نفسه لطراوة الفجر المبللة بالندى وكأن شيئا لم يحدث..

يقول نجم رجل أعمال قال لى كل سنة وأنت طيب ياأبو النجوم، أرد عليه إزاى؟. أشتمه مثلا؟ قبلت العزومة، لا أنا بقيت رجل أعمال ولا هو أصبح شاعراً، لا أنا كسبت منه محمول ولا هو اشترى منى قصيدة؟ دار الأوبرا رفضت الاحتفال، رفضت حتى فلوس ساويرس، مفيش حد من اليسار ولا حتى اليمين، ولا أنتم ياأولاد الأرض الطيبة “عبرنى”، ساويرس “عبرنى” أقول له لأ.؟ ثم دى ليلة واحدة فى سجل عمرى، عاجبكم 35 سنة سجن وتضنون على بيوم واحد فى سينما، سامحونى عليها، متدققوش قوى كده، هى جت على نجم ووقفت؟ ثم فيها إيه هو رجل أعمال كبير، وأنا أعظم شاعر فى الوطن العربى، أنا أبو النجوم برضك، لا أباع ولا أشترى، كنا بعنا زمان عندما كان البيع له ثمن، لا نعرف طريق السوبر ماركت، مازلنا نأكل من “سوق أطلس” بتاع الزلزال، مش عاوز أقل أدبى، ولكن لا تستفزونى، ثم ماله ساويرس، يهودى؟ حرامى، قولولى إيه هوه ساويرس وأنا أبعد عنه، كل اللى أعرفه عنه أن عنده مصنع مواسير وشركة محمول، وبيبنى دور عرض، عندكم حاجة ثانية قولوها لا أبو النجوم، تفتكروا أنا أعمى؟ ولا العمى صابكم؟، أنا جاهل واللا الجهل راكبكم.. أقول لكم إن نجم لا يباع ولا يشترى وهى دى الحكاية..

سألته : إيه الحكاية؟!

بداية أنا لى رأيى فى رجال الأعمال أحب أن أسجله، إنهم مصاصو دماء عاوزين يأخذوا اللقمة من زور الغلابة وأنا غلبان، مفيش رجل أعمال مش حرامى، ولكن حرامى.. حرامى بس يبنى، حرامى.. حرامى.. بس يعمر، يوفر وظائف، يبنى مستشفيات وحدائق، أسرق اللى تقدرعليه.. ولكن حن علينا، أصل السرقة لن تقف، وهؤلاء لن يتوقفوا عن الهبر، اللى تطوله أحسن منه، تعالوا نأخذ حقنا، ماله على الزيبق؟ هو الحل السحرى صدقونى.

وبقية الحكاية؟!

كل مصر تتكلم عن ساويرس، فى معرض الكتاب التقيت به وقلنا كلام مجاملة، لقيت الراجل دمه خفيف زى المصريين، لسانه حلو، الراجل رحب بى، أعمل إيه، هو أنا ماركس، ولا لينين، ربما ماركس كان رمى طفاية السجاير فى وشه لو قال له سلامو عليكو ولكن أنا رديت التحية بأحسن منها هى دى أخلاق ولاد البلد.

معقول تقول ساويرس مثل طلعت حرب؟

مين مجنون قال كده؟ أنا قلت أى رجل أعمال سيبنى مصانع ودور سينما ويؤسس شركات ويبنى طوبة فى اقتصاد مصر سأحبه مثل طلعت حرب، لعلمك طلعت حرب هو اللى أسس مصر الحديثة، لا تقول لى محمد على ولا غيره، هو بعينه طلعت حرب، لو واحد جه وبنى وأسس وفتح بيوت ناس أحبه وأشيله فوق رأسى. مليش دعوة ساويرس حرامى ولا لص، يهودى ولا أجريجى، ساويرس بنى وعمر وفتح بيوت، أنا لا أتكلم هندى، ولا يكون ساويرس اشترانى، ودقنك يا حمدى ولا مليم، ولا شقة فى المهندسين، ولا عشوة كباب، ياإبنى روح قل لهم إن عمك أبو النجوم غالى، ممكن أستلف منك عشرة جنيهات ولا أمد أيدى لساويرس، الرجل استضاف عيد ميلادى، الأوبرا وبيروقراطيتها رفضت، اسألوا مصطفى ناجى ومخرج العرض وحيد مخيمر رغم إن الفاتورة مدفوعة مقدما من ساويرس، ساويرس قال لى تعال فى السينما عندى، ليست ملهى ياأبو جهل، دى سينما وياريتك حضرت.. الراجل حتى لم يحضر الاحتفال، أنت عارف موضة الراعى الرسمي، أهو كان الراعى الرسمى للاحتفال ثم هل حد فتح عليه ربنا وقال تعال نحتفل بيك. حد فاكر أبو النجوم كلهم يغنوا أشعارى ولكن مش مستعدين يمدوا إيديهم لأبو النجوم، يأكلوا السيمون فيميه، ويضنوا على أبو النجوم بعشوة كباب، ده أنا زعلان قوى، أنا شاعر ربابة، الله يلعن الزمن اللى يخلى واحد يكتب عن أعظم شاعر عرفته مصر شاعر ربابة أرد عليه أقول إيه؟ إيه الجريمة التى ارتكبتها؟ مسجون على طول مبدع لآخر وقت شجرة خضرة ترفرف على الجدران رفضت بدل الميات ألوف أخضر وأصفر وأحمر اليوم جاى تقول شاعر السوبر ماركت منين يابه دلونى اللى يعرف السوبر ماركت عارف نفسه ربك والحق إنها كانت ليلة سعيدة بكل المقاييس ولن أعير اهتماما لغراب النوح.

السعادة التى تتكلم عنها لا يمكن أن تكون بفلوس ساويرس؟

هو أنت لما جيت لقتنى فين؟ فى مساكن الزلزال ولا عند ساويرس هو فى حاله وأنا فى حالى ساويرس هذا واحد من كتيبة تحكم الآن العالم كله وأنا لو بكرة الصبح لقيت جيش التحرير من الرأسمالية يقاتل سأكون أول المقاتلين فى صفوفه لكن احنا دلوقتى ما بقيناش فى مرحلة صدام.

والاستغلال؟

فعلا موجود لكن أفهم يا ابنى أبوك وأمك كانوا بيقولوا إيه بعيداً عن كتب الاقتصاد السياسى كانوا بيقولوا: “أخذ الحق حرفة” لما أخلى ساويرس يعمل هنا- فى مساكن الزلزال- مركز شباب ومسرح ومكتبة أطفال مش أبقى نجحت؟!

على طريق على الزيبق.. تقصد؟!

بالضبط، الآن أنت محتاج لعلى الزيبق مش ماركس ولا لينين، لأنك الآن تواجه حرامية مش عدو محترم.

ما رأيك فى الطبقة الجديدة ورجال الأعمال المسيطرين على البلد دلوقت؟!

شوية لصوص.

وعيد الميلاد؟

يا بنى ساويرس ما عمليش عيد ميلاد، هو استضافني، لكن اللى عمل لى العيد أصدقائى الفنانون وحبايبى وناسى وهو مشكور على هذا، الأوبرا رفضت تعمل لى الحفل يعنى الدولة رفضت، تعالى للأحزاب هل حصل مثلا إن حزب التجمع عرض يعمل لى حفل ميلاد ورفضت ولا حزب العمل أو الحزب الناصرى؟ ولا محافظ الشرقية اللى أنا منها عرض على ده وأنا قلت لا؟ وبعدين دى مرة فى السبعين سنة اللى عشتهم فيها إيه؟!

مرة فى سبعين سنة ولكنها تتسبب فى تحطيم الأسطورة؟!

لا أسطورة ولا حاجة، جيت لى فى مساكن الزلزال ولقيتنى قاعد بجلابيتى فى حجرة فوق السطوح، تطلع لها بسلم لو ما خدتش بالك منه كويس تقع من عليه تنكسر رقبتك! ومش ح أطلع من هنا إلا ع القبر!.

معنى ذلك أنك لا تملك شقة فى المهندسين؟!

ودى أعمل بيها إيه؟

ساويرس.. ألم يعطك شقة؟!

ويجيب لى شقة ليه؟! هو ساويرس أغنى منى؟ ساويرس مش أغنى منى أنا أغنى منه أنا شاعر الشعب المصرى الشعب المتكلم المفتى الحكيم المتحضر شاعره يجب أن يكون حاجة كبيرة أوي..

ربما لم تستفد من لقاء ساويرس ولكن هو استفاد؟!

مايستفيد!

ولماذا تمكنه منك وتجعله يستخدمك كسلعة؟!

ماحدش يقدر يستخدمنى كل اللى عمله إنه استضافنى مشكوراً ولو عمل الحكاية دى تانى أنا حاروح له برضه لأنى ماليش مكان أنا لست عضوا فى اتحاد الكتاب حتى الآن وكمان ممنوع من دخول مبنى التليفزيون، فما رأيك؟! شوفو لى بقى حد اشتراكى يعمل معايا اللى عمله ساويرس ده!

هل اليأس من الاشتراكية واليسار دفعك للاتجاه المضاد؟!

هل جيت لى لقيتنى قاعد فى الاتجاه المضاد؟! هو أنا دلوقت فى شقة فى المهندسين ولا “الزلمكة” واقفة تحت البلوك؟!

لقاؤك مع ساويرس أليس كسرا لفكرة شاعر الشعب؟!

هو أنا بأقاسمه فى اللى بيكسبه؟! أنا صباعى مش تحت ضرس حد! ومع ذلك يعنى أنا عايش واقع واضح ومحدد ولا يقبل الجدل أعرف أنا فين ومع مين وضد مين!!

أنت مع مين وضد مين؟

أنا مع الغلابة ضد اللى بيسرقوا وأنا ضد ساويرس لو كان كده.

ولكنهم ربما كانوا معذورين فرجال الأعمال الكباريستطيعون شراء أى شخص وكل شيء بمالهم؟

لو جدع حد منهم ييجى يشترينى أو حتى يفكر فى كده، أو يشترى شبشبى ده بكل فلوسه كل رجال الأعمال اللى فى مصر لو دفعولى كل اللى عندهم ما يقدروش يشتروا فردة شبشبى الشمال دي.. أنا نجم وحأفضل نجم.

كلامك متناقض فهمنى؟

يا بنى أنا قلت لساويرس أهلا بيك فى مصر، ولكن على طريق طلعت حرب مش روكفلر ولا روتشيلد قلت له ده على الملأ فى معرض الكتاب لأن طلعت حرب هو مؤسس مصر الحديثة لا محمد على ولا عبدالناصر حتى لو كان ساويرس بيسرقنى لكن كونه يعمل مشروعات هنا ويفيد الناس ويشغلها ده كويس ويعنى كلهم مش واخدين بالهم من محمد الفايد اللى بيلعق أحذية الإنجليز لأخذ الجنسية البريطانية ومركزين على إن ساويرس عزمنى إيه الخيبة دى؟

إيه الوقعية دى؟

مابقاش فيه دلوقت أحلام كبيرة ومجعلصة: الاشتراكية والعروبة والشرف الوطنى وغيره.. دلوقت أبوس إيدك أو رجلك وهات لى مليون واحد حرامى يشغلوا فلوسهم فى مصر وكل واحد يبنى منهم مدرسة مش أحسن ما يهرب فلوسه بره؟ ما هى بتتهرب على عينك يا تاجر أهه، وحتى الآثار والتاريخ بتتهرب، ساويرس أهه فاتح كام بيت أنا عندى اقتراح للحرامية اللى فى مصر كلهم يقعدوا شهر فى السنة يتفقوا عليه ما يسرقوش فيه وباقى السنة هم حرين والله ح نغرق خير كلنا ده كل اللى باطلبه منهم إنما أنت ح تقدر تقول لحد أنت بتسرق ؟ طبعاً الأستاذ عادل حمودة ما خدش باله من دى لأنه ما بينزلش من الشيروكي.

حاسس بالمرارة من عادل لهذه الدرجة؟! 

بالعكس، ولكن أشعر بالمرارة علشانهم هم اللى أنا صعبان عليهم ما تسيبكوا بقى من نجم ملعون أبو نجم واعملوا حاجة بقى هو أنا حسام حسن مافيش غيرى ومافيش بديل طب أنا بقى انحرفت وبقيت ملياردير وبامص دم الشعب المصري، وهم بقى دورهم ايه؟! مش يشوفوا حدوته تانية؟!

هل اليسار فى أزمة؟!

هو فيه يسار؟! جايين دلوقت سنة ألفين علشان تقولولى يسار؟! تانى؟! كلهم تاجروا بشعرى وقعدت أدخل السجن وأطلع منه وما حدش منهم جاب لى علبة سجاير ولما رحت قابلت القذافى جاب لى قائمة فيها أسامى اللى خدوا فلوس باسمى كلهم يسار لكن للأسف مش ح أقولها لأن بعضهم مات واللى عايش فيه ناس كتير بيحترموهم! اليسار اللى هو إيه بالضبط؟ هو فين اليسار؟ قابلت هنا فى الشارع؟! ولا شفت واحد ما شى كده ع اليسار؟!

هل صرت متصالحاً مع أشياء خاصمتها طويلاً؟!.. تظهر الآن فى التليفزيون المصرى وفى محطة ال (إيه آر تى)؟!

لازم تعرفوا رأيى فى الإعلام الحالى وجهازه، أنا من حقى أخد مساحة فى إعلام بلدى بشرط أقول كلامى كله ويتذاع من أوله لآخره، فى القناة الخامسة قلت كلام ما يقلوش إلا أنا.. ولما يتذاع الكلام ده فى التليفزيون أنا وناسى إللى مستفيدين!

وال “إيه آر تى” التى يملكها خليجيون طالما خاصمتهم؟

ماليش دعوة بالأمراء ولا بالخليجيين أنا عملت 30 استعراضا (قيمة وسيمة) فرحان بيهم دلوقت أنا وعمار الشريعى، وعملنا فن مصرى اتفرج عليه العالم كله، إيه الوحش فى ده. وأنا مامنعتوش عن تليفزيون مصر. هم إللى مش عاوزينه، بالعكس ده أنا ماكنتش عارف أخد فلوسى من التليفزيون!!.. ما أنا حكيت لك من شوية.. بتوع الـ “إيه آر تى” أجروا لى شقة أشتغل فيها فى العجوزة، والشقة فيها كل حاجة الأكل والشرب والشاى والقهوة وبعتولى عربون وقبل ما أخلص الحلقات كانت فلوسى ع الترابيزة!!

واضح أنك تبحث عن المال ومن الظلم أن نطالبك بالجوع من أجلنا!

مستعد أجوع، ولكن طفلتى “زينب” .. لأ.. لأ، الطفلة التى أربيها لمصر بنتى فى المدرسة الحكومى إللى قصادنا دى، لو ح أبيع عمرى لازم أعلمها، لو مت المجتمع ح يخلص تاره منى فيها هي.. ودى بنت وفى مجتمع ذكورى، لو مت بكرة ما تلاقيش أكل، بعد تلات أيام ح تيجى تلاقى زينب ما بتاكلش.. المزايدة على عيب وماحدش يقدر يزايد على، أنا مستعصى على المزايدة، وعلى البيع أيضاً، وماحدش يقدر يقنعنى بغير إللى فى دماغى، والله يكون فى عون صاحب العيال!

 

الاكثر قراءة