عزيزى القارئ..
ليست كل النهايات المأساوية تُكتب بالحرمان والفقر والجوع، فبعضها ينسج بخيوط من الذهب والثراء، ولعل قصة انتحار «أحمد»، حفيد الدكتورة نوال الدجوى، ليست مجرد خبر عابر يُكتب داخل صفحات الحوادث؛ إنما صرخة تلخّص «لعنة المال» حين يتحول من نعمة إلى نقمة، دون مراعاة للعلاقات. لم ينفعه المال بعد أن اتُّهم بالاستيلاء على ما يزيد على نصف مليار جنيه من فيلّا جدته، قبل أن يُنهى حياته بطلقة مسدس فى غرفة قد تكون مليئة بآثار الثراء، لكنها خالية من دفء الإنسانية والعقلانية. وكشف بيان وزارة الداخلية أنه عانى من أمراض نفسية وعاد من مصحّة علاجية بالخارج قبل يوم من انتحاره.. هنا نتساءل: هل كان المال سبب معاناته أم أن ثقافة الصراع دفعته إلى تلك النهاية المأساوية؟! لم تعد قصة تقطيع الأرحام بسبب الميراث مجرد حكايات تُروى، بل تحولت إلى واقع مرعب، فما حدث فى عائلة الدجوى نموذج لصراع متكرر بين الأسر، تُقطع فيه روابط القيم الاجتماعية لحساب أرقام وحسابات بنكية. فعندما تسود ثقافة التملك والجشع ويغيب العدل والحق، هنا.. يصبح المال سلاحًا فتاكًا مدمرًا، والأكثر إيلامًا، أن بعض الأطراف تنسى أن المال زائل، ونقول: ليست المشكلة فى المال، بل فى مَن يملكونه.. فالنقود قد تكون بابًا للخير إن وُضعت فى الطريق الصحيح لبناء قيم الإنسان، لكنها تصير شيطانًا إن حوَّلناها إلى إله نعبده.. ولعل قصة أحمد الدجوى «شاهد عيان» بأن السعادة لا تُشترى بالمال، وأن العائلة ليست ميراثا يُقتسم، بل حصن يُصان بالحق والعدل.
