اقتربت مصر من بدء الجمهورية الجديدة التي ستبدأ مع الانتقال للعاصمة الإدارية الجديدة، وفي خطوة هامة كان المصريون ينتظرونها أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، بما سيكون له تأثيرات ونتائج إيجابية في دعم وتعزيز حقوق الإنسان والدخول إلى الجمهورية الجديدة مع حالة من الاستقرار والأمن.

 

وأكد خبراء سياسيون أن هذه الخطوة جاءت فاصلة وتاريخية بين مرحلتين الأولى قبلها باستمرار حالة الطوارئ في البلاد منذ الخمسينيات من القرن الماضي، والثانية هي اقتراب مصر من دخول الجمهورية الجديدة، وتزامنا مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان الشهر الماضي بما سيؤدي لنتائج إيجابية في هذا الملف.

 

نتائج اقتصادية وقانونية وسياسية

ومن جانبه، قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإلغاء مد حالة الطوارئ يحمل أهمية كبرى، وذلك بعد أن استمرت لفترة طويلة في مصر، مضيفا أن إعلان حالة الطوارئ يكون له أسباب وكذلك إلغائها، فإعلانها قبل سنوات كان أسبابه وجود بعض المهددات لأمن واستقرار الدولة وحالة من العنف وأعمال التخريب والإرهاب.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذه الأسباب أدت لإعلان حالة الطوارئ بآلية نظمها الدستور المصري، مؤكدا أن حالة الطوارئ هي حالة استثنائية وتفرض لظروف يقتضيها أمن المجتمع وسلامة البلاد، وعندما تزول هذه الظروف لا يستمر تطبيقها، وإلغائها أمس بقرار الرئيس السيسي له أهمية كبرى سياسيا واقتصاديا وقانونيا.

وأكد أنه من الناحية الاقتصادية يأتي إلغاء الطوارئ لتأكيد الأمن والاستقرار بما سيعزز زيادة الاستثمارات إلى مصر، وخاصة أن هناك الكثير من المشروعات التنموية والاقتصادية التي تنفذها الدولة، مضيفا أنه من الناحية السياحية يحمل القرار أهمية لتعزيز القطاع وخاصة أنه في الفترة الأخيرة زاد توافد السياح على مصر.

وأشار إلى أن إلغاء الطوارئ يؤكد الأمن والاستقرار في البلاد مما يشجع حركة السياحة واطمئنان السياح لزيارة مصر، مضيفا أنه من الناحية القانونية فالأمور تسير بطريقة طبيعية، فالمواطنين يحاكمون أمام القضاء الطبيعي العادي وليس القضاء الاستثنائي، مما يساعد على تحقيق الاستقرار والأمن وإلغاء ما كان يحظر في حالة الطوارئ.

وأضاف أن حالة الطوارئ قد تمنع بعض الأفعال المباحة في الأحوال العادية، ففي حالة الطوارئ تقيد بعض الحقوق مع التوسع في حالة الاشتباه، ولكن بعد إلغاء الطوارئ لا يحدث ذلك لكن المخالفين للقانون سيطبق عليهم القانون والإجراءات الطبيعية، مشيرا إلى أن هذا القرار حمل أهمية كبرى من حيث التوقيت خاصة بعد إطلاق مصر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

ولفت إلى أن القرار يتوافق مع تدعيم حقوق الإنسان في مصر التي تهتم بها القيادة السياسية ومؤسسات الدولة وخاصة بعد إعلان الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، موضحا أن إلغاء الطوارئ يجعل المواطنين جميعا يخضعون للقضاء الطبيعي وليس الاستثنائي مما يعطي رسالة للداخل والخارج بحقيقة الأوضاع في مصر بما يدفع الاستثمار والاقتصاد والسياحة.

وقال إن إلغاء الطوارئ لم تكن مصر لتصل إليه إلا بتضحيات من الشهداء من الشرطة والجيش والصعاب التي تحملها المواطنين وصولا إلى تلك اللحظة وهو ما أكده الرئيس السيسي.

 

اتساق مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

ومن جانبه، قال علاء شلبي، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإلغاء حالة الطوارئ اليوم جاء اتساقا مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أعلنها الرئيس الشهر الماضي، وضمن أولوياتها تعزيز الحريات السياسية والعامة وتوسيع المجال العام لممارسة حقوق التعبير والاجتماع والمشاركة.

 

وأوضح شلبي، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذه الأمور لا يمكن إحرازها في ظل استمرار العمل بحالة الطوارئ، مضيفا أن مصر عانت من فرض حالة الطوارئ منذ 1958 عدا بعض الانقطاعات البسيطة، في العام ١٩٨١ وفي مايو ٢٠١٢، وتم فرضها بشكل جزئي في المناطق الحدودية بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٧ لمواجهة التهديدات الإرهابية العنيفة.

 

وأوضح أنه تم فرضها بشكل كامل بعد استهداف الكنائس والمساجد ما أدى لاستشهاد وإصابة نحو الف مواطن من ديسمبر ٢٠١٦ إلى نوفمبر ٢٠١٧، مؤكدا أن قرار الرئيس هو خط فاصل بين مرحلتين، حيث جاء فرض حالة الطوارئ في أبريل ٢٠١٧ استجابة لتصاعد الجرائم الإرهابية التي لم تعد قادرة على النيل من المنشآت الرسمية والأهداف الأمنية والعسكرية، فتوجهت إلى المواطنين الأبرياء في تجمعاتهم لأداء الصلوات والعبادات في الكنائس.

قرار الرئيس السيسي 

كان قد أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، حيث قال الرئيس السيسي: "يسعدني أن نتشارك معاً تلك اللحظة التي طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد، فقد باتت مصر.. بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة؛ ومن هنا فقد قررت، ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد.

 

وتابع الرئيس السيسي: "هذا القرار الذي كان الشعب المصري هو صانعه الحقيقي علي مدار السنوات الماضية بمشاركته الصادقة المخلصة في كافة جهود التنمية والبناء"، مضيفا: إنني إذ أعلن هذا القرار، أتذكر بكل إجلال وتقدير شهداءنا الأبطال الذين لولاهم ما كنا نصل إلي الأمن والاستقرار.. ومعا نمضي بثبات نحو بناء الجمهورية الجديدة مستعينين بعون الله ودعمه.