الثلاثاء 18 يونيو 2024

طموح العراقيين ورغبات الساسة

مقالات30-10-2021 | 12:50

في البلدان الديمقراطية لا تختلف الأحزاب وساستها على حقوق المواطنين ومصالحهم، وربما تتفاوت فقط مناهجها وطرق تحقيقها ذات الغاية التي تؤصل لها دساتيرها، فالدستور هو وثيقة الحكم بين المواطن والمسؤول المنتخب، والمرجعية عند الخلاف بينهما.

وفي العراق؛ ومع انتهاء الانتخابات التشريعية تبدأ أزمة تشكيل الحكومة وهذا ليس بالأمر السهل والجديد منذ العام 2005، حيث يقف العراقيون في حيرة بانتظار الأحزاب الفائزة في الانتخابات والمتحالفة فيما بينها لتوزيع المناصب الوزارية عقب أول اجتماع لمجلس النواب وانتخاب رئيسه السني، ومن ثم انتخاب رئيس الجمهورية الكردي، وتسمية رئيس الحكومة الشيعي بعد تكليفه من قبل رئيس الجمهورية.

هكذا الأمر الذي بات أشبه بالعرف وأقرب إلى الاتفاق، وخلال 30 يوما من يوم التكليف يقدم رئيس الحكومة إلى المجلس الوطني مرشحيه للوزارات بغرض التصويت عليهم، إلى هنا والخطوات اعتيادية.

لكن ما بعد أداء القسم ومباشرة الأعمال يقف المواطن في انتظار الحقوق والخدمات التي وعد بها، وفي كل مرة يتوقع تغييرا للعقول في بلد تملؤه الخيرات والثروات.

لعل هذه الأمنيات البعيدة وحدها تفسر نسبة الإقبال الضعيفة جدا على التصويت في الانتخابات الأخيرة مقارنة بالسابقة عليها، فالساسة لهم حساباتهم ورغباتهم وتطلعاتهم، وبعضها يقترن بأجندات لا علاقة لها بمصالح الوطن والمواطن.

فالسنة مثلا يخافون من الحاضر والمستقبل ولايزال الماضي في ذاكرتهم أنهم حكموا البلد منذ تأسيسه، والشيعة يخشون من إعادة الماضي معتقدين أنهم مهمشون، أما الكرد فلا يحنون إلى عقود الآلام التي مرت بهم منذ ألحقوا  بهم داخل الحدود السياسية للبلد وحتى 2003 ولا يقبلون بتهميشهم.

من هنا نجد الصعوبة السياسية كل مرة في ولادة حكومة توافقية، أو بعيدة عن التقسيمات المذهبية والقومية، والأصلح دوما حكومة شراكة حقيقية بين كافة مكونات العراق دون تهميش أي منهم، بينما يرى المواطن حقوقه في وطن يقدم له كل ما يتمتع به الآخرون في أوطانهم، الأمن وفرص العيش والرخاء والعدل.

هي مطالب العراقيين كافة وشعارات احتجاجاتهم المطلبية التي شهدها البلد كله وكانت سببا في انتخابات مبكرة، ولو أدركها الساسة بعيدا عن رغباتهم وحساباتهم الخاصة أو الحزبية الضيقة لتغير واقع العراق، ولو أدركوا خطورة بلاء كوفيد وتيقظوا لعودة خطر داعش لتحركت ضمائرهم تلقائيا نحو مواطني محافظاتهم الذين انتخبوهم، وهي الفجوة التي تعانيها الديمقراطية في بلدان كثيرة بين مرحلة التصويت الحاضر وغياب إرادة الفعل.

إن العراق، وهو وطن تاريخي لأهل العلم والثقافة والتسامح والتعددية، لكنه بحاجة إلى قوى دفع ذاتي قوامها ساسة يعرفون مستقبله ويدركون مسؤولياتهم تجاهه.