السبت 4 مايو 2024

عشاق المسرح (7)

مقالات31-10-2021 | 11:46

 للمسرح عشاق لا يبغون منه سوى قضاء وقتاً ممتعاً يمارسون فيه هواية مفيدة مثل أى هواية إلى جانب دراستهم أو عملهم، إنهم هواة المسرح فى مصر. وهم فئات الشركات وقصور وبيوت الثقافة وفى الجامعة، تلك كانت المعلومات العامة حول هذا القطاع المنتشر فى تلك الأماكن ويقدم المسرح بكل صوره، إلى أن كلفنى أستاذى دكتور محمد عنانى - وأنا بعد مشروع باحثة - فى عام 1988 بالقيام بتحقيق صحفى / نقدى حول "هواة المسرح" ينشر فى مجلة المسرح.

 

ووجدتنى أغوص فى مناحٍ شتى وأتعثر، ولكن بتشجيع وإلحاح من الناقدة "مايسة زكى" وكانت حينها سكرتير تحرير المجلة، واصلت البحث. وجدت أن المخرج عمرو دوارة قبل ذلك بسنوات قد أسس مع مجموعة من زملائه "الجمعية المصرية لهواة المسرح" التى كانت تضم مجموعة من الهواة ممن يعشقون المسرح ويقدمون مسرحيات فى كل مكان ممكن بقروش قليلة وحب كثير. وساهمت الجمعية فى تنظيم نشاط الهواة بإقامة المهرجانات المسرحية فى منافسات قوية بين الهواة اجتذبت كبار المسرحيين لمتابعتها وتشجيع الهواة، الذين كان مسرحهم يتألق ويجتذب جمهور كبير. ثم طور عمرو دوارة نشاط الجمعية بإقامة المهرجان العربى للمسرح واستضاف مسرحيات ومسرحيين من وطننا العربى الكبير وكرم بالمهرجان أسماء أعلام فى المسرح العربي. والحقيقة أن عمرو دوارة ونشاطه فى جمعية هواة المسرح كان محور حياته فحصل عنه على درجة الدكتوراة فى المسرح ثم قدم للمكتبة المسرحية أكثر من أربعين كتابا حول أعلام ونشاط المسرح عامة ومسرح الهواة خاصة وعن نفسى عندى مشهد فى أحد المهرجانات التى أقامتها الجمعية حين تم تكريم بعض من الفنانين ممن أفنوا اعمارهم فوق خشبة المسرح وسقطوا من ذاكرة المهرجانات الرسمية، كرمهم عمرو بحس المسرحى المخلص، فرأيت دموع نظيم شعراوى ويونس شلبى والمنتصر بالله وغيرهم وهم يعودون للمسرح ويستمعون لتصفيق الجمهور.

 

 وبالبحث والاستقصاء وجدت مسرحاً للهواة تدعمه المراكز الثقافية الاجنبية لنشر ثقافتها المسرحية بين الجمهور المصرى وأحيانا كان يقدم بلغته الأجنبية من شباب مدارس اللغات وأقسام اللغات بالجامعات، ثم هناك مسرح يقدم فى النوادى الرياضية والاجتماعية مثل أى نشاط ثقافى وجمهوره غالبا أعضاء النادي. ثم هناك المسابقة التى بدأت منذ أكثر من نصف قرن ومازالت بين الشركات وقطاعات المؤسسات الإدارية على مستوى البلاد ويطلق عليها "مسابقة الشركات"، ومؤخرا شاركت فى المهرجان القومى للمسرح وقدمت مسرحيات رفيعة المستوى فشاهدت منذ عامين مسرحية رائعة قدمها فريق بنك مصر.

 

  يمثل المسرح فى الجامعة جانبا مهماً فى مسرح الهواة، فمسابقاته يشارك بها فريق من كل كلية وهى متعة لمن يتابعها ، يتزود بطموح وثقافة شباب الجامعات وهم يتجولون بين نصوص لكتاب المسرح المصرى والعربى والعالمى ويطرحون رؤى فلسفية وسياسية واجتماعية وجمالية تضاهى المسرح المحترف وأحيانا تتفوق عليه وجمهور هذا المسرح الذى يقدم فى رحاب الجامعة وفوق خشبات مسارح وفرتها الدولة داخل كل حرم جامعي، بل داخل مبنى كل كلية، جمهور هذا المسرح هم طلاب وطالبات الكليات، يحضرون لمؤازرة زملائهم من أعضاء الفريق أو لمشاهدة مسرحيات الكليات الأخرى وتأجيج المنافسة بينهم. ومنذ ثلاث سنوات انتبه المخرج عمرو قايبل لأهمية هذا القطاع فأنشاء "مهرجان القاهرة الدولى للمسرح الجامعي". حيث تشارك به فرق من جامعات مصر ودول عربية واجنبية يتنافسون ويتناقشون ويستمتعون بالقاهرة الساحرة فى الخريف. شاهدت هذا العام فرقة شباب معهد المسرح من روسيا بلد تشيكوف وبوشكين وجوجول، وفرقة جامعية من فرنسا بلد موليير وبيكيت واعلام المسرح الفرنسي، فى حين برع الشباب الطموح من جامعة السلطان قابوس فى تقديم مسرحية "موال حدادى" تبشر بمستقبل كبير لهم، وثمة حدث يؤكد ما رأيت كثيرا فى مسرح الجامعة وهو حماس الشباب، حيث انقطع التيار الكهربائى أثناء عرض المسرحية فما كان من شباب الجامعات الحاضرين سوى فتح مصابيح هواتفهم الجوالة لإضاءة المسرح من أجل أن يكمل زملاؤهم شباب سلطنة عمان تقديم مسرحيتهم ولايتوقف العرض. وكان شباب كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد مسك ختام المهرجان حيث شاهدنا مسرحية "قحط" بشرت شخصيا بصحوة جديدة للمسرح العراقى العريق على يد هؤلاء الشباب.

 وتقام أيضا الورش لتدريبهم حول فنون المسرح المتعددة من اداء حركى وأداء صامت ومكياج وكتابة دراما وارتجال وغيرها مما يقبل عليه الشباب لتطوير مهاراتهم فى المسرح. وهذا العام استحدث المهرجان مسابقة " نجوم الكوميديا " لاكتشاف مواهب فى التمثيل والأداء لفن الكوميديا ، شاهدنا بها مواهب مبشرة ربما رأينا منهم نجوما فى المستقبل.

Dr.Randa
Dr.Radwa