يبدو أن وزير الإعلام اللبنانى جورج قرداحى لا يدرك الفارق بين أن تكون إعلاميا تطرح قضية للمناقشة، وأن تكون وزيرا فى حكومة دولة تحسب عليك كل تصريحاتك وأفعالك.
قرداحى أطلق لتصريحاته العنان مؤخرا - بصورة غابت عنها الدبلوماسية – ووضع نفسه فى مأزق كبير بعد تصريحات تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعى من خلال مقطع فيديو فى برنامج «برلمان الشباب» يجيب على أسئلة تطرح عليه.. حيث أشار إلى الحوثيين وحرب اليمن واتهام السعودية والإمارات بالضلوع فى الحرب القائمة فى اليمن، وأن الحوثيين يدافعون عن أنفسهم؛ الأمر الذى أدى إلى غضب دول الخليج وعلى رأسها (السعودية والإمارات والكويت والبحرين).
مقدم البرنامج الشهير «من سيربح المليون» عرفه العالم العربى من المحيط إلى الخليج، وكان الجميع ينتظرون الحلقة تلو الأخرى فى شوق لأسئلة جديدة ومتسابق جديد سيفوز فى كل حلقة، حتى نجح فى صنع جماهيرية كبيرة وكاريزما عالية تفوق بعض الأسماء الشهيرة فى الفن والرياضة والسياسة فى الوطن العربي، إلا أنه بمنطق الدبلوماسية أخفق بعد هذه التصريحات التى أخذها الجميع عليه وحمّلوه مسئوليتها التى كانت بدايتها بمغادرة السفراء اللبنانيين لبعض العواصم العربية.
السعودية بدأت الرد سريعا حيث استدعت وزارة الخارجية السعودية السفير اللبنانى فى الرياض، وسلمته مذكرة احتجاج رسمية على تصريحات قرداحى التى وصفتها بالمسيئة تجاه المملكة ودول تحالف دعم الشرعية فى اليمن.
بدوره رفض مجلس التعاون الخليجى تصريحات جورج قرداحى جملة وتفصيلا، وقال إنها تعكس فهمًا قاصرا وقراءة سطحية للأحداث، وطالب لبنان بتوضيح موقفه.
أحمد بن مبارك، وزير الخارجية اليمني، قال أيضا عبر حسابه الرسمى بموقع التدوينات القصيرة "تويتر": إنه وجه السفير اليمنى فى بيروت بتسليم الخارجية اللبنانية رسالة استنكار على التصريحات الصادرة عن وزير الإعلام اللبنانى فى أحد البرامج التليفزيونية.
وزارة الخارجية اللبنانية أصدرت بيانا قالت فيه: إن الكلام الشخصى الذى صدر عن وزير الإعلام جورج قرداحى قبل تعيينه وزيرا لا يعكس موقف الحكومة اللبنانية.
المكتب الإعلامى لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتى أصدر أيضا بيانا جاء فيه: إن كلام قرداحي، الذى صدر قبل انضمامه للحكومة، مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا، خاصة فيما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب وتحديدًا الأشقاء فى السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.
كما اتخذت البحرين والكويت والإمارات الخطوة نفسها بمطالبة السفراء اللبنانيين بمغادرة البلاد، فى رد سريع على التصريحات التى أدت إلى هذه الأزمة.. وبعد التعليقات وتداول المقطع الذى صدر فيه التصريح المثير للأزمة طالب رواد مواقع التواصل الاجتماعى بتوضيح من قرداحى وموقفه بشأن ما صدر عنه سابقا.. فاستجاب وقال فى مؤتمر صحفى إن أى تصريح سابق له بشأن أى قضية أو بلد لا يمثل الحكومة اللبنانية وإنه الآن - وقد أصبح وزيرا - ملتزم بموقف وبيان المجلس الوزاري.
المشاهدون فى الوطن العربى كانوا ينتظرون موعد عرض برنامج «من سيربح المليون» بفارغ الصبر، بعدما فرض جورج قرداحى نفسه آنذاك على الساحة الإعلامية بكاريزما وحضور وثقافة وطريقة نطق صحيحة وجذابة فى الحوار، إلا أنه فى بداية مشواره السياسى كوزير للإعلام اللبنانى اصطدم بأول أزمة وضعت مستقبله السياسى على المحك لدرجة أن البعض طالبه بتقديم استقالته.. فهل يرضخ ويستقيل أم يواجه أمواجا متلاحقة من الإدانة والاستنكار بعد هذه التصريحات التى قد تتسببت بالفعل فى أزمة وقد تتسبب فى إقصائه عن المشهد السياسي؟