الآن مراكز الدروس الخصوصية «السناتر» تنتشر فى ربوع البلاد.. تحقق أرباحاً طائلة.. ولاتسدد حق الدولة، تعمل بشكل غير مقنن .. لكن أحسنت وزارة المالية فى تحصيل ضريبة على أرباح هذه المراكز.. ويا ليت هذا القرار يطبق على باقى الأنشطة المماثلة لضمان حق الدولة والشعب.. والاستفادة من هذه العوائد فى حل بعض المشاكل والأزمات، خاصة فى المدارس، مثل الكثافة الطلابية داخل الفصول، بالمساهمة فى بناء مدارس جديدة.. من المهم أن يكون لدينا إحصاء دقيق وقاعدة بيانات لجميع الأنشطة غير المقننة التى لا تسدد حق الدولة المتمثل فى الضرائب عن الأرباح الطائلة.. لتساهم فى حل بعض التحديات، كلٌ فى اتجاهه.
«السناتر».. فى قبضة الضرائب .. بالرؤى الواضحة والفكر الخلاق.. نحمى حقوق الدولة
توقفت بالإعجاب أمام تصريحات الدكتور محمد معيط، وزير المالية، بشأن تحصيل ضرائب على نشاط مراكز الدروس الخصوصية «السناتر».. وأن الضريبة تأتى من منطلق أن أى نشاط يحقق أرباحاً، وبالتالى لابد من الحفاظ على حق الدولة بتحصيل الضريبة، وأن هذا لا يعنى تقنيناً لأوضاع أو نشاط هذه المراكز غير المرخصة.
الحقيقة أننى كتبت فى أهمية الحصول على «حق الدولة» الذى هو أيضاً حق الشعب، فهناك نشاطات غير مرخصة، تحقق أرباحاً طائلة لا تحصل الدولة منها على مليم واحد.. وهناك أيضاً استفادة من أماكن «النفع العام» واحتلال للأرصفة، سواء للمحلات التجارية أو المقاهي، أو أشخاص يمارسون نوعاً أو نشاطاً تجارياً معيناً.. والحقيقة أن ما ذهب إليه الدكتور معيط هو فكر جيد وخلاق، ولا يترك الأمور مستباحة.. فلا يعقل أن تكون هناك مؤسسات مرخصة ومقننة تسدد حقوق الدولة وتدفع ضرائب طائلة تجسيداً لأرباحها، وأن تحقق نشاطات أخرى غير مقننة أرباحاً طائلة ولا تسدد حق الدولة.. فهذه ليست مساواة.. وليس من العدل استباحة حق الدولة، وضياع مليارات على خزينتها، يمكن الاستفادة منها فى حل ومواجهة بعض الأزمات والتحديات.
فى اعتقادى أنه لا يوجد شارع فى مصر أو على الأقل منطقة لا توجد فيها مراكز للدروس الخصوصية، وتشهد إقبالاً كثيفاً من الطلاب والتلاميذ، ولا يقل سعر «الحصة» الواحدة عن 70 جنيهاً، يحصل منها المدرس على نصيب كبير، وأيضاً المركز.. والأعداد بالآلاف، لذلك فإن تحصيل ضرائب من مراكز الدروس الخصوصية والمدرسين هو أمر جيد للغاية، وسوف يدر المليارات لخزينة الدولة.
لك أن تتخيل أن المدرس الذى يقوم بالتدريس فى مراكز الدروس الخصوصية أو «السناتر» معه مجموعات كبيرة من المساعدين الذين يحصلون على مرتبات شهرية.. ويعيش حياة الأثرياء.. وهناك بند آخر هو ملازم الدروس الخصوصية فى جميع المواد.. الملزمة الواحدة من 70 جنيهاً إلى 100 جنيه فى كثير من المراكز، وبالتالى نشاط هذه «السناتر» ومكوناتها يحتاج تحديداً وتشخيصاً دقيقاً ضريبياً.. حتى نحصل على حق الدولة الكامل، والمطابق لأرقام الأرباح الحقيقية للمركز نفسه أو المدرس.
لك أن تتخيل أيضاً كم مدرس يعمل فى «السنتر».. وكم مادة دراسية وكم مرحلة تعليمية.. ثم النشاط التجارى الآخر من ماكينات التصوير وبيع الإكسسوارات وكافيتريات للمشروبات والأغذية.. نحن نتعامل مع عمل مؤسسى ربحى كامل الأبعاد.
أحسنت الدولة بفتح هذا الملف، وحسن التعامل معه.. والسعى الحثيث للحصول على حق الدولة والشعب فى شكل ضرائب دون النظر إلى تقنينها، وهذه ليست مهمة وزارة المالية، ولكن طالما أنها تعمل وتربح، فلابد أن تسدد حق الدولة، وليت ذلك ينطبق على جميع الأنشطة المماثلة غير المقننة، والتى تحقق أرباحاً طائلة.
الدولة مطالبة بأن تفى بالخدمات اللائقة للمواطن فى الصحة والتعليم وغيرهما، وتجتهد قدر استطاعتها فى تلبية احتياجات وتطلعات شعبها، لكن فى النهاية المواطن مطالب بأن يسدد حقوق الدولة، ويمارس نشاطه فى العلن، لأن الدولة وحقوقها خط أحمر، واغتصاب هذا الحق حرام شرعاً.. فما ليس من حقك.. وتحصل عليه هو حرام.. حرام.
لا شك أن هناك نشاطات أخرى مثل سرقة التيار الكهربائى دون تسديد فاتورة.. ونراها ليلاً على عربات الفاكهة والخضار والتسالي.. هناك أيضاً من يقيم مشروعات حتى لو كانت صغيرة فى مناطق النفع العام، ولا يسدد أى ضرائب على ما يحققه من أرباح، وهناك من يعتدى على الرصيف أو الشارع ويزيد مساحة المحل التجارى الخاص به، ولا يسدد حق الدولة مثلاً بالإيجار أو تسديد رسوم، أو عدم السماح له بتجاوز مساحة المحل التجارى الخاص به.
فى الشارع المصرى ترى الكثير من الفوضى وانتهاك حق الدولة، فإذا نزلت إلى الموسكى أو الحسين أو باب الشعرية أو الأزهر.. هناك تجار فى الشارع ينصبون عربات البيع ويحققون مبالغ وأرباحاً طائلة دون أن يسددوا أى مقابل، وربما يحصلون على خدمات كهرباء ومياه، ناهيك عن التكدس والاختناق، وبالتالى فإن الدولة هنا لها حقوق وضرائب، لابد من وجود قاعدة بيانات لتحصيل ضريبة على هذه الأرباح، بدلاً من أن تذهب إلى جيوب بعض الموظفين الفاسدين.
الحقيقة أننى شديد الإعجاب بخطوة الضرائب على مراكز الدروس الخصوصية أو «السناتر» خاصة أنها تحقق مبالغ وأرباحاً طائلة دون أن تسدد مليماً واحداً على هذه الأرباح.
الغريب أن الناس تهاجم زيادة الكثافات الطلابية فى الفصول بالمدارس، والجميع يكتفون بشرف المشاهدة من المواطنين.. فلماذا لا يتبرع المقتدر للمساهمة فى راحة ابنه التلميذ.. ولماذا لا يتشارك المجتمع المستفيد بالمدرسة فى توفير احتياجاتها وحل بعض الأزمات.. للأسف، ليس هناك من يجمع الناس أو يتحدث معهم لخلق جهد وفكر وعمل معين يقوم بحل الكثير من المشاكل، لأن الدولة لا يمكن أن تقوم بمفردها بحل جميع المشاكل.
ربما أقترح أن تكون عوائد الضرائب التى يتم تحصيلها من أرباح مراكز الدروس الخصوصية وذلك بعد حصر دقيق وأمين، ولا يتم الاعتماد فيه على موظفى الأحياء، لأن «السناتر» على مستوى ربوع البلاد.. على أن تخصص عوائد الضرائب لبناء مدارس جديدة، وحل أزمة الكثافة الطلابية فى الفصول بالمدارس، والارتقاء بمستوى المدارس الحكومية، وتسديد مصروفات غير القادرين.
الأمر الثانى والمهم.. لماذا لا نخصص بعض الرسوم فى شكل ضريبة مثل «معونة الشتاء» على الكتب الخاصة أو الملخصات باللغة الدارجة لتحسين مستوى المدارس الحكومية أيضاً، وبناء مدارس جديدة.. ولماذا لا يكون لدينا صندوق خاص لبناء المدارس، تجمع فيه العوائد الضريبية والرسوم من مثل هذه النشاطات، ونفتح الباب للمقتدرين وأولياء الأمور فى محيطهم الجغرافى لحل مشاكل المدارس القريبة منهم، والتى يستفيد منها أبناؤهم.
علينا أيضاً أن نصل إلى أعداد المقاهى والكافيتريات غير المرخصة فى مصر.. وفى ظنى وحسب معلوماتى أن 90٪ من المقاهى فى مصر على الأقل غير مرخصة.. فهل تسدد ضرائب أم تذهب لجيوب بعض الموظفين الفاسدين بمرتبات شهرية وأوراق «مضروبة» للمخالفات.
الغريب أن بعض الموظفين يستخرجون مخالفة لمواطن يضع شيكارة أسمنت أسفل العمارة، وكمية من الرمل لإصلاح شيء ما فى شقته أو منزله، وهو عمل مؤقت، ويتشددون.. ولا أرفض ذلك إذا كان مطابقاً للقانون.. لكنه فى نفس الوقت يتغافلون عن كوارث ويتحصلون على مرتبات شهرية من الأكشاك المخالفة ومحلات السوبر ماركت.. وحالات بناء تتم فى جنح الظلام وبإشرافهم بعد سداد «المعلوم».
هذه الممارسات ناتجة عن ثقافتنا، فإذا كانت الدولة تفعل جل جهودها وتسعى إلى المثالية والإصلاح، لكن هناك ثقافة ترسخت فى عقول بعض الموظفين تجدها خارج مناطق الخدمات تحت شعار «أبجنى تجدني».. وأعتقد أن الرقمنة أو التحول الرقمى سيقضى على هذه الظواهر المسيئة والمهدرة لحق الدولة مع وجود قواعد البيانات لكافة الأنشطة والممارسات، لكن أيضاً المهم صحوة ضمائر الموظفين والقائمين على الخدمات.. وعلى المواطن ألا يفرط فى حقه ويصل إلى المسئول الأعلي، أو يتقدم بشكوي، ولا يستسلم للمراوغات الرخيصة من البعض.
فى اعتقادى أن تحصيل ضرائب على نشاطات مراكز الدروس الخصوصية لابد أن يعمم على جميع الأنشطة المشابهة.. وأننا بهذا الإجراء قد وضعنا أيدينا على بيت الداء، فما أكثر الأنشطة التى تمارس تحت «بير السلم» وفى الخفاء وتحقق أرباحاً طائلة دون أن تسدد حق الدولة، ولابد من دمج كل هذه الأنشطة فى الاقتصاد المصري.
عبقرية «المدرسة المصرية» فى القيادة
لا أملك إلا أن أنحنى تحية لأداء الدولة المصرية وقيادتها السياسية فى التعامل مع كافة التحديات والتهديدات الخارجية.. فالأداء العبقرى الاحترافى الذى يتسم بالحكمة والحنكة يستحق منا أن نفخر بقيادة وطنية مخلصة وشريفة، قادت الوطن إلى البناء والإنجاز والأمن والاستقرار، والمكانة اللائقة والريادة والدور والثقل واحترام العالم، وامتلاك القوة والقدرة على الردع.. فلا أحد يستطيع الاقتراب من مصر وحقوقها وأمنها القومي، أو يستطيع العبث بثرواتها فى البر والبحر.
لك أن تطمئن أيها الشعب المصرى العظيم، فأنت فى يدٍ أمينة، قيادة صنعت الأمجاد للوطن، ووضعته فى الصفوف الأولي، لا أحد يستطيع أن يفرض عليك أمراً واقعاً.. أو يقترب من حقك.
خطوطك الحمراء.. «قُدْس الأقْداس»
السياسة فى مفهومها الجديد الذى سطره وسجله الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليست بالصياح والصراخ والتهديد والوعيد، وليست بالعصبية والتشنج.. بل بالهدوء والثقة والحكمة والثبات، بالعقل تستطيع أن تجبر التحديات والتهديدات أن تركع تحت أقدام مصر.
لا يحتاج الكلام تفسيراً، بل مد البصر إلى أقصى الجنوب والغرب والشرق والشمال.. لترى بأم رأسك ما هو مصير مَن حاول اللعب والعبث مع «مصر» التى قدر لها المولى عز وجل، أن يكون لها رجال وأبطال شرفاء مخلصون يقودهم قائد عظيم وفذ.. ومؤسسات عسكرية وأمنية وسيادية نفخر بها جميعاً.
كلما جلست مع نفسى وتأملت خريطة التحديات والتهديدات التى كانت ومازالت تواجه مصر.. فإننى أزهو فخراً.. وأبتسم إعجاباً وانبهاراً بعظمة العقل والقيادة المصرية.. انظر قبل 7 سنوات: ماذا كانت تواجه مصر؟.. كان معظم العالم يقف أمامها ويحاول كسرها.. الآن هذا العالم بأسره.. يقف احتراماً وإعجاباً وتقديراً وتصفيقاً.
قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي: «لا يليق بنا أن نقلق».. والحقيقة أننى كلما تمعنت فى هذه العبارة وأنا أتابع الأداء المصرى الهادئ الراقي.. كان لسان حالي: صدقت أيها القائد العظيم.. ونحن معك وخلفك مطمئنون.
هذا الأداء الراقى للدولة المصرية أسس مدرسة جديدة فى علوم السياسة، باسم الرئيس السيسى بأن السياسة مخ أى حكمة.. حنكة وليست «عضلات» وصراخاً وإساءات وشتائم.. انظر إلى عاقبة المتشنجين والمسيئين، لم يحصدوا سوى الفشل والقهر وإصابة شعوبهم بالبلاء والمصائب والدمار وقسوة العيش والتراجع الاقتصادى المدمر.
انظر كيف قاد الرئيس السيسى مصر من شفا الضياع إلى البناء والرخاء، والأمن والاستقرار والقوة والقدرة الشاملة.. والدور والثقل والمكانة والاحترام الدولى وامتلاك الاقتصاد والمستقبل الواعد.
فارق كبير بين الشرف والإبداع والحكمة المصرية، وبين عار الفشل والبطولات الكرتونية التى جاءت على الصراخ وقلة الأدب وانتهاك سيادة الدول وأراضيها وثرواتها.
فارق كبير بين البناء والتعمير والتنمية والأدب الرفيع.. وبين الهدم والتخريب وقلة الأدب.. الصور ماثلة وحاضرة.. وسقط قناع أمير المؤمنين المزيف، ويغرق الآن فى مستنقع الفشل والعزلة الدولية والإقليمية.
تحيا مصر