الأربعاء 15 مايو 2024

Eternals.. الخارقون بين المِثالية والمِثلية

مقالات7-11-2021 | 22:49

عندما تقترب الكارثة الكَونية من كوكب الأرض -في سينما هوليوود- دائمًا ما تختار الغرب، وبدلاً مِن استيلاء الشرق قديمًا على أبطال الأساطير والآلهة والأنبياء، صار الغرب يضُم المُثل العُليا وأبطال زمَن الحَداثة المِثاليين، وتختار الكوارث الكونية الغرب؛ لأنه القدير والجدير بصِناعة البطولة والدِفاع عن الأرض وسُكانها، وبالضرورة يتسرَب إحساس بالشفقة والتعاطف مع البطل الغربي ودعمه لهزيمة الكارثة ونسيان قضايا الواقع الحقيقية، فلو هُزِمَ الغربي هُزِمَت الأرض وشُرّد أهلها وعمَّ الخراب، وتُهلك الشعوب المُستعمَرة ثقافيا بدون الغربي، ولو بقيت على قيد الحياة.

في أحدث أفلام شركتي (ديزني ومارفل) فيلم الأبطال الخارقين (الأبديين - Eternals) إنتاج نوفمبر ٢٠٢١ نجد فكرة الغربي المُنقذ جَلية، برغم استلهام كثير من أبطَال الفيلم من أساطير شرقية قديمة، لكن هُنا في الشرق وتحديدًا في المملكة العربية السعودية، والكويت، وقطر تم حظر عرض الفيلم حظراً واضحاً. وذَكرت صحيفة هوليوود ريبورتر: أن "فيلم الأبطال الخارقين الذي كان من المُقرر إصداره في منطقة الخليج في 11 نوفمبر قد تعرض لسلسلة من طلبات لإجراء تعديلات مِن قِبَل الرقابة المحلية، التي علمت أن (ديزني) لم تكن على استعداد للقيام بتلك التعديلات، بل تفتَخر بهذه التجربة والمُحتوى الفني. وقد تَم  إزالة إعلانات (الأبديين) بهدوء من المواقع في تلك البلدان، لكن الفيلم لا يزال مُدرجا ضمن العناوين المقبلة قريبًا في الإمارات العربية المتحدة.

 

وقالت مصادر إن سبب الحظر هو ترويج الفيلم لبطل خارق مِثلي الجِنس علنًا، وهو شخصية براين تيري هنري (فاستوس) الذي يتقاسم قُبلة مع صديقه أو زوجه بن (حزاز سليمان). وهذا ليس بجديد، فشركة (ديزني) تتعمد بشكل واضح في أفلامها الترويج لمجموعة من الأنساق الثقافية لاسيما المِثلية الجنسية، وخاصة في السنوات الماضية، فقد تم حظر فيلم الأنيميشن (Onward) -إنتاج شركة بيكسار للأنيميشن ٢٠٢٠- في الكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية في واقعة مُشابهة لنفس الأسباب. وهناك مجموعة كبيرة مِن الأفلام الموجَهة للأطفال إنتاج ديزني لا تخلو من مشاهد ترويجية للمِثلية الجنسية، كما في فيلم (الجميلة والوحش) إنتاج سنة 2017 والتي رفضت ديزني تعديل المونتاج لعرضه في ماليزيا التي رفضت بدورها محتواه الجِنسي المُتنافى وتقاليد الدولة الماليزية.

 

وأنتجت ديزني مسلسل (Andi Mack) إنتاج ٢٠١٧ - ٢٠١٩، والذي ضم حبيبين مِثليين في سن المُراهقة، حيث اختتم الموسم بمشهد اعتراف (سايروس جودمان)، الذي يؤدي دوره (جوشوا راش) بحُبه وانجذابه تجاه زميله (تي جيه كيبن)، الذي يلعب دوره (لوك مولن). كذلك ظَهرت في فيلم (Zootopia) إنتاج ٢٠١٦ شخصيتي (باكي وبروم كوريكس) المِثليين. وفيلم (Frozen) إنتاج ديزني سنة ٢٠١٣ ويحتوي على شخصية (أوكين) المثلية. وشخصية إله العالم السفلي (هاديس) في فيلم (هرقل) إنتاج ١٩٩٣، الذي قدمته ديزني بصورة تشبه المتحولين جنسيا بخلاف الأسطورة الإغريقية الأصلية. وبنفس الفلسفة تُخطط شركة (سوني) اليابانية لتصوير شخصية (سبايدرمان) كشخص ثُنائي الجِنس في فيلمها القادم، حيث سيظهر المُمثل (أندرو غارفيلد) في دور (سبايدرمان) في عالم مُواز لعالم (توم هولاند) ليكون مِثلي الجِنس في فيلم (Spider man no way home).


 
 وكانت المخرجة الصينية (كلوي تشاو) صانعة فيلم (Eternals - الأبديين) قد أخبرت شركة (إندي واير - IndieWire) سابقاً بأن المناقشات جرت مع (مارفل وديزني) بشأن عدم قطع الفيلم لاسترضاء الجهات الرقابية في مختلف أنحاء العالم. وقالت مخرجة الفيلم في ذلك الوقت: "لا أعرف كل التفاصيل، لكنني أعتقد أنه كانت هناك مناقشات، وهناك رغبة كبيرة من مارفل -تحدثنا عن هذا -لعدم تغيير قَطع الفيلم". ويُقدم فيلم (الأبديين) أول بطل خارق مِثلي الجِنس في عالم مارفل السينمائي، وذلك قبل أن توقع (كلوي تشاو) كمخرجة للعمل. التي تقول "إنه في الفيلم تعلم (فاستوس) أن يُحب الإنسانية مرة أخرى عندما تكون عائلته مُهددة بظهور الديفيانتس". وكان حصول (تشاو) على الفُرصة لرواية هذا الخط السردي الخاص بالفيلم بشخصية مثلية الجنس سبباً في إضفاء المزيد من الخُصوصية على الفيلم على حَد قولها. في إشارة لتبرير حماسها لوجود البطل الخارق المِثلي الذي يُضفي خصوصية على الفيلم.

 

تم العرض الأول لفيلم (الأبديين - Eternals) في أمريكا يوم ٥ نوفمبر الماضي في نجاح جماهيري كبير، ويحتوي على مجموعة من أبطال التاريخ والأسَاطير من حضارات مُتعددة، كما يضُم فريق (الأبديين) البطل التاريخي الأسطوري (جِلجامش) بطل (ملحمة جِلجامش) الشَهيرة مِن الحضارة السومرية العِراقية، فيلم (Eternals) ﺇﺧﺮاﺝ كلوي تشاو، وﺗﺄﻟﻴﻒ ريان فيربو وماثيو ك. فيربو، ومن بطولة أنجلينا جولي وسلمى حايك وريتشارد مادين وكيت هارينجتون.

إذا قُمنا بتحليل سيميائي بَسيط لأعمال أشهَر شركات إنتاج الكوميكس والأبطال الخارقين (شركتى مارفل كوميكس ودي سي كوميكس) مُنذ بداياتهم في أربعينات القَرن الماضي خُصوصًا في الأعمال المَنشورة في المجلات الهزلية، وتأملنا فلسفة الرسومات والملابس وكثير مِن الموضوعات والعلاقات الإنسانية نُلاحظ بوضوح إعتماد كبير على الإثارة الجنسية المستقيمة والمنحرفة، ويجدُر هُنا الإشارة إلى أن كَثير من تِلك الأعمال كانت موجهه في البِداية للكِبار، وكأنها تُعادل المجلات الإباحية، وحالياً تَقوم شركات إنتاج كوميكس وأنيميشن في اليابان مثلاً بإنتاج أعمال مُصورة ومُتحركة إباحية بشكل واضِح (منها فنون المانجا) وتلقى رواجاً كبيراً بين الشَباب الياباني، وهُناك كثير مِن الدِراسات التي تتَعرض لتحليل العلاقة المُتوترة بين الإناث والذكور وإنتشار تِلك الأشكال الفَنية الإباحية السوداء، مثلاً عدم الإقبال علي الإرتباط لاسيما الزواج بين الجنسين. 

لكن التساؤل الأهم يدور حول الإصرار على تصدير مِثل تِلك الأنساق الثقافية إلى دول رافضة لها، ذلك الإصرار يتعارض حتى مع مبادئ الرأسمالية وعَولمة الفُنون التي تهتم في المَقام الأول بتحقيق الرِبح والرواج التجاري. لِماذا هَذا الإصرار وما هى الدوافع الحَقيقية خَلف تصدير تِلك الأنساق الثَقافية الصادمة لكثير من الشعوب؟.

Dr.Radwa
Egypt Air