بعد سنوات من الغياب الذي واجهه ديوان "حوار الورد والبنادق"، والذي مثّل قفزة نوعية في تجربة سعاد الصباح الشعرية، وإعلان صريح عن مبادئها العربية ومنطلقاتها الإنسانية، وبعد طبعه عدة طبعات منذ 1989 ثم مواجهته قرار المنع من التداول، ها هو يعود بشكل جديد وبحلة جديدة حاملا الشعر المميز والفكرة ذاتها، وجاء الديوان في 130 صفحة من القطع المتوسط، وحمل غلافه لوحة بريشة الشاعرة نفسها، وقد صدر عن دار سعاد الصباح للنشر.
وجاء ضمن أبياته:
سلام عليكن .. ياسيدات الندى والسماح
سلام على شجر الرازقي
وميس العباءات عند الصباح
سلام عليكن حين يجيء زمان العصافير
أو حين يبدأ عصف الرياح
سلام عليكن في كل وقت
فقد سقط الفرق بين جمال العيون
وبين جمال السلاح
وقد حمل الإصدار الجديد الطبعة الثانية والعشرون بعد نحو أكثر من ثلاثين سنة على صدور طبعته الأولى يلفت ديوان (حوار الورد والبنادق) إلى فترة هامة من التجربة الشعرية للدكتورة الصباح الممتدة لأكثر من نصف قرن. كما يرصد في الوقت عينه انعكاسات سنوات الطفولة التي عاشتها في مدينة الزبير على شعرها، ثم تنقلاتها في الحياة ونضجها الشعري بعد تجارب عديدة في مجالات الكتابة المختلفة وإحياء الكثير من الأمسيات في العالم، وخوض الكثير من المعارك الفكرية.
ويظهر الديوان النزعة العربية التي تأصلت في روح الشاعرة منذ البدايات، وهو ما انعكس في أكثر من قصيدة في الديوان، الذي تضمن قصيدتها الشهيرة (نخلة تشرب من بحر العرب) التي تقول في مقطع منها:
إنني بنت الكويت
غرفتي الشمس..
ومن بعض أسمائي الصباح
وجدودي اخترعوا الأمواج ..والبحر ..
وموسيقى الرياح .
صادقوا الموت .. فلا الخيل استراحت
من أمانيهم..
ولا السيف استراح.
كيف لا نشكر من ماتوا
ليبقى النخل والقمح وزهر الجلّنار
والحروف الأبجدية؟
كيف لا نشكر من قد أشعلوا أعينهم
كالقناديل لكي يأتي النهار؟
وسواء على صعيد الشكل، أو المضمون، فقد وثّق هذا الديوان، والذي كان بمثالة تحولا استثنائيا في سلسلة دواوين الشاعرة التي قاربت العشرين مجموعة شعرية، وما مثلة كمرحلة هامة في تجربتها الشعرية والفكرية، التي شهدت الكثير من الانزياحات في ما بعد.
وقد حمل الديوان سبع قصائد متفاوتة الطول متقاربة الاتجاه النفسي والفكري، حملت عناوين: أنا البحر والشمس واللؤلؤة، مازال لدينا شعراء يكتبون، إنني ضيفة وأنت الشاعر، حوار الورد والبنادق، سال الشهد من قلب الرطب، نخلة تشرب من بحر العرب، حوار مع وفيقة في ليلة زفافها.